موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١٢ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٣

وفاة يعقوب وجنازته

بقلم :
الأب منويل بدر - الأردن
حلم يعقوب

حلم يعقوب

 

يختتم الأب منويل بدر سلسة مقالاته التي تناولت سرد سفر التكوين شعرًا:

 

 

يعقوب يتبنى ابني يوسف منسّى وأفرائيمَ ويباركهما (تكو 48)

 

لمّا دنا أَجَلُ إسرائيلَ قالَ ليوسفَ عَهْدٌ عليكَ ألّا تَدْفِنّيْ في الغربة

بَلِ اجْعَلْ مَقَرِّي عِنْدَ آبائيْ فالدَّفْنُ في أَرْضِ الغُرْبَةِ أقسى ضربة

 

ويوماً قِيلَ ليوسفَ أبوكَ مَريضٌ يُريدُ مُشاهَدَتَكَ ومُشاهَدَةَ ابنيك

فأَحْضَرَ يوسفُ منسّى وأفرائيم كلا ابْنَيْهِ وقالَ أَبَتي إِبْنَيَّ حواليك

 

اسْتَجْمَعَ يعقوبُ قِواهُ وجَلَسَ على حافَّةِ السَّريرِ أَنْظارَهُ يُطيف

قال: الربُّ قَدْ باركني بِلُوزْ ووعدني بِنَسْلٍ وشَعْبٍ غيرِ طفيف

 

ابناكَ المولودانِ بِمِصْرَ أَضُمُّهُما لشعبي مِثْلَ رأوبينَ وشمعون

أَمّا وإِنْ وُلِدَ لَـكَ بَعْدَهُما فَتَضُمَّهُ إلى الشَّعْبِ وميراثُهُ مضمون

 

ثُمَّ وَضَعَ يَدَيْهِ مَعْكوسَتينِ على رَأْسِ الوَلَدينِ وَهَمَّ بِمُباركَتِهِما

أمّا يوسفُ فَقَلَبَ يَدَيِّ أَبيهِ عَنْ رَأْسِهِما راجِياً مِنْهُ أَنْ يعكِسَهما

 

أمّا يعقوبُ فأبى التَغْييرَ ورَفَعَ صَوْتَهُ قالَ بِكُما يَتَبارَكُ إسرائيل

يَجْعَلْكَ الله مِثْلَ أفرائيمَ ومنسَى مُقَدِّماً الاسمَ أيضاً بِدُعاءٍ جميل

 

ثُمَّ نادى جميعَ أبنائِهِ قُدّامَهُ وباركَهُمْ واحِداً واحِدًا ابْتِداءً برأوبين

شمعونَ فلاوي فيهوذا فدانُ فنَفْتالي فجادَ فأشيرَ فإزشارَ مجتمعين

 

بالتَّالي زبولونَ فيوسفَ فبنيامينَ باركَهُمْ أبوهُمْ كُلُّ واحِدٍ بَرْكَتَهْ

الحياةُ بدونِ بَرْكَةِ الله لا تَأْتِيْ بِثِمارٍ فَلْيَطْلُبْ كُلُّ واحِدٍ مِنّا نعمتَهْ

 

 

 وفاة يعقوب وجنازته (تك 49 و50)

 

غَريزَةٌ في الإنْسانِ أَنَّهُ يَعْرِفُ إِنْ كانَتْ ساعَةُ فِراقِهِ قَدِ اقتربت

هكذا يعقوبُ مِنْ كَلامِهِ بَعْدَ انْتِهائِهِ مِنْ مُبارَكَةِ أَوْلادِهِ ما صمت

 

ناداهُمْ قالَ أَنا مُنْضَمٌّ إلى أَجدادي فادْفِنوني مَعَ آبائي في المغارة

في مَمْرا في كنعانَ حَيْثُ إبراهيمُ واسحقُ ورفقةُ وبِجانِبِها سارة

 

فَلَمّا انْتَهى يعقوبُ مِنْ وَصِيَّتِهِ لِبَنيهِ تَمَدَّدَ على سَريرِهِ وضَمَّ يديه

وأَغْمَضَ جَفْنيهِ فطارَتْ روحُهُ إلى يهوى في العُلى وبَرْكَتْهُ عليه

 

فَبَكى يوسفُ بُكاءً مُرَّاً ثُمَّ أَمَرَ أَطَبَّاءَهُ أَنْ يُحَنِّطوهُ على طريقتهم

دامَ ذلكَ أَرْبعينَ يوماُ كَما العادةُ هذا وسَمِعَ المِصْريونَ بكارثتهم

 

فالْتَأَموا واشْتَركوا مَعَ أَهْلِهِ وبَنيهِ بالْبُكاءِ سَبْعينَ يوماً كما العادة

ثُمَّ أَرْسَلَ يوسفُ لِسَيِّدِهِ فرعونَ يَسْأَلُهُ أَنْ يَأْذَنَ له بِمُرافَقَةِ القادة

 

إلى قَبْرِ أَجْدادِهِ في كنعانَ حَيْثُ قُبورُ الأَجْدادِ تَقومُ جَنْباً إلى جنب

فما عارَضَ فرعونُ الْمَطْلَبَ إِذْ هُوَ كَوَصِيَّةٍ تَتِمُّ عَنْ ظاهِرِ القلب

 

فَصَعَدَ يوسفُ بِرِفْقَةِ حاشِيَةِ فرعونَ وشيوخِها بِمَرْكَباتٍ وفرسان

إلى جانِبِ كُلِّ بالِغٍ مِنْ أَهْلِهِ فكان الموكِبُ عظيماً لا يُقاسُ بميزان

 

ولمّا وصلوا بَيْدَرَ عِبْرَ الأُردنِّ أَقامَ يوسفُ له مَناحَةً لِمُدَّةِ سَبْعَةِ أيام

فَحَمَلوهُ ودفنوهُ قُرْبَ مَمْرا حَيْثُ كانَ إبراهيمُ عاشَ ودُفِنَ في الختام

 

لمّا رأى إِخْوَةُ يوسفَ أَنْ قَدْ ماتَ أَبوهُمْ خافوا مِنْهُ الانْتِقامَ على السوء

الّذي فَعَلوا بِهِ وأَرْسلُوا لَهُ رُسْلاً يَسْتَمِحونُ مِنْهُ كي يُضيئَ لَهُمْ الضوء

 

بَكى يوسفُ لمّا بَلَغَهُ أَنَّ إِخْوتَهُ ما نَسَوا مِثْلما هُوَ نسى وعَنْهُمْ صفح

لحِقوا بالرُّسْلِ وارْتَموا أَمامَهُ قائلينَ نَحْنُ عَبيدُكَ بَعْدَ ما كَأْسُنا طفح

 

أمّا هُوَ فأَظْهَرَ ما في جُعْبَتِهِ مِنْ عِزٍّ وكرامَةٍ وتسامُحٍ ونَظافَةِ الَسّيْر

قالَ لا تَخافوا ما أَنا مَكانُ الله أَنْتُمْ نَوَيْتُمْ لِيَ الشّرَّ أمّا الله فَحَوَّلَهُ خير

 

وعاشَ يوسفُ حتّى مِئَةٍ وعشرينَ سَنَةً في مِصْرَ ورأى مِنْ بنيامين

الجيلَ الثّالَثَ وبَعْدَ مَوْتِهِ حَنَّطوهُ وحفروا قَبْرَهُ بِمِصْرَ إلى أبَدِ الآبدين