موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٣ مارس / آذار ٢٠٢٣

مريم عند الشعوب

بقلم :
الأب منويل بدر - الأردن
مريم عند الشعوب

مريم عند الشعوب

 

جَثوتُ    للصّلاةِ   أمامَ  صورتِها   المُعلَّقةِ   البرّاقة

دار   في رأسي   فِكْرٌ  مِنْ  أينَ  لها   تلكَ   الإشراقة

 

هُنا  رَجَعْتُ  لحظة ً بِفكري  في  التّاريخِ  والماضي

وتصفَّحْتُ  المُدوَّنَ  والمنقولَ  عنها  وهو القاضي

 

فوجدتُّ  لها  عندَ  كلِّ  الشُّعوبِ  شرقاً  وغربا

شِمالاً  وجنوباً  مَكاناً  ومَقاماً  اتَّخَذْتُهُ لِيَ  دربا

 

كلُّ  كُتُبِ  الدّينِ  والكرازاتِ  والتبشيرِ  العلني

تَحدَّثَتْ  عَنِ  امرأةٍ  لها  دورُها  فوق  كُلِّ  زمنِ

 

ما كانتْ روحاً بَلْ جسداً مِنْ نَسْلِ آدمَ وحواء

حَظَتْ بالنَّصيبِ الأوّلِ لِخَيرِ نَسْلِهِمْ بالسواء

 

لمَا حانَ الزَّمانُ أرسَلَ الله ملاكاً اسمُه جبريل

بِجُعْبَتِهِ رسالةٌ ما حَظَتْ بِها ابنةٌ في إسرائيل

 

ما كانتْ بانتظارِ زائِرٍ ولا أيِّ مُرْسَلٍ مِنَ السماء

فاجَأَها بالسَّلامِ ببِدايةِ كلامِهِ اكْتِشافاً للأجواء

 

هي كانتْ عالِمَةً بِوعدِ الله لأبْناءِ حوّاءَ بالخلاص

مِنْ إثْمٍ كانَ أصابَهُمْ بَلْا ذَنْبٍ منهم أوْ أيِّ قصاص

 

أنتِ المُختارةُ عندَ الخالِقِ حتّى يَفي بوعدِهِ المنتظر

أرْسَلَني إليكِ لأُبَلْغَكِ وتُبَلْغي الأُممَ والشّعوبَ بالخبر

 

لقد حانَ الزّمانُ لِلخلاصِ والنّجاةِ مِنْ قبضةِ إبَلْيس

أنتُمْ شعبي وقدْ حانَ لَمُّ شَمْلِكُمْ فَهْوَ ما عادَ الرّئيس

 

أنتِ  حوّاُء  الجديدةُ  الّتي  ستكونُ  أمَّ ابنهِ  المنتظر

إذا  ما  هي  قَبَلْتْ وأَتْمَمْتْ إرادَتَهُ فسَيُخَلِّصُ البشر

 

وبعدَ  استفسارٍ  وَرَدٍّ  وكَرٍّ  وفَرٍّ  اقْتَنَعَتْ  بالرّسالة

فزالَتِ  الشُّكوكُ  وتبدَّلَتْ  بإيمانٍ قامَ على البسالة

 

مُغْمِضةَ الجَفْنينِ ومُتّكلةً على الله قالتْ أنا مُطيعة

لِما قرّرهُ  حُبُّهُ للبشرِ  ولِمَا سَمِعْتُه  منكَ  في الطليعة

 

أنا أَمَتُهُ فليكُنْ لهُ ما طَلبَ مِنّي فما لِيَ إلاّ الخضوع

فَرِحًا طارَ الملاكُ مِنْ حَيُث أتى حتّى يُخبِرَ بالموضوع

 

هذا خبرٌ مِنْ أجملِ أخبارِ العهدِ الجديدِ والأناجيل

فكما قالوا المكتوبُ مِنْ  عُنوانِه فما الخَبَرُ مستحيل

 

بَعْدَ الأناجيلِ قُمْتُ تَصَفَّحْتُ  عنها فيْ تعليمِ اللآهوت

أعْجَبَني ما قرأتُ عنها فشخصيَّتُها لا  تشبه  عشتروت

 

مَدَحَ  اللاهوتيّونَ   عظيمَ  موقِفِها  في  مُشْكلِة   الفداء

جَعلوها  شريكةً  روحيَّةً   ثُمَّ  فِعْلِيَّةً   بالحُبِّ   والعطاء

 

تجادلوا  وقرَّروا  إِعطاءَها  أحسنَ  الصِّفاتِ  اللاهوتية

مِنْ والدةِ الله إلى شفيعَةِ البشرِ فَأُمِّ الكنيسةِ الرسولية

 

 

تساءلْتُ  عَنْ  مَحبَّةِ  البشرِ  لها  فيْ دُورِهِمْ وكنائسهم

فالأجْوِبةُ  واحِدَةٌ  هِيَ  تستأهِلُ  إحْتِرامَهُم  كَعَرَائِسهم

 

تساءلتُ عَنْها في الفنِّ القديمِ والحديثِ كيفَ خلَّدها

قالوا الصُّورَةُ منحوتةً أو مرسومةً هِيَ تاريخٌ جدَّدها

 

سَأَلْتُ  التّرانيمَ  عَنْها  وإذا  بِآَبْياتِها  مليئَةٌ بالمديح لها

ألحانُها  مِنْ أشهرِ  الموسيقارِّين َ ألَّفوها لتسبيحتها

 

سألتُ  مزاراتِها  في  العالَمِ  ما  هي أَسْبابِ ظهوراتها

فأجابَتْ  سَنَداً  وتَذْكيراً  للأناجيلِ ولِكُلِّ محتوياتها

 

سألتُ  الشُعراءَ  عَنْ  نصوص  الحُبِّ  في  شعرِهم

قالوا  كُلّ ُ شاعِر ٍ يُعَبَّرُ  عن  شُعورهِ  لامرأةٍ  تحبهم

 

والشِّعرُ  بدون  الحُبِّ  لامرأة  يَصِفُها ويَبْغي لقاها

ليسَ   شِعْراً  وافياً  يَنْقُصُهُ   زَهرةٌ  والمرأة  أحلاها

 

سألتُ المهندسينَ عَنْ أفكارِهِمْ فيْ تَصْميمِ الكنائس

قالوا هِيَ الهاماتٌ عَنْ بَيْتِها في عقلنا ما فيه نواقص

 

سألتُ المُصلِّينَ إلى أينَ أنتمْ ذاهبونَ هذا الصباح

قالوا إلى مَعبَدِ مريمَ إذ عندها تَجِدُ نَفْسُنا ارتياح

 

سألتُ كِتابَ القرآنِ الكريم عنها وعنْ دَوْرِها المعظم

فقالَ هِيَ أُمُّ عيسى ذَكَرْناها فيْ سُورَةٍ باسْمِها مريم

 

امرأةٌ فضّلْناها على نِساءِ العالَمِينَ قد وَلَدَتْ نَبِيَّكم

مِنْ روحِهِ بَشَّرَ بِالخيرِ والسَّلامِ ألا أُنْشُروهُ حولَكم

 

هنا فَتَحْتُ أَجفاني فكأنّي كُنْتُ فيْ غَفْوةٍ وحِلمٍ طويل

فَبَدا لي كلُّ ما حَلِمْتُ ورأيتُ هو عن مُحيَّاها الجميل

 

انتهى تأليفها يوم الاربعاء 6/9/2017،

اذيعت لأول مرة من راديو مريم يوم 12/9/2017