موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٦ سبتمبر / أيلول ٢٠٢٣

سيرة يوسف

بقلم :
الأب منويل بدر - الأردن
سيرة يوسف

سيرة يوسف

 

يتابع الأب منويل بدر سرد سفر التكوين شعرًا، متناولاً سفر 37-50:

 

 

كُلُّ أَوْلادِ يعقوبَ كانوا رُعاةَ غَنَمٍ أَصْغَرُهُمْ يوسفُ المُفَضَّلُ عندِه

ما كان يَذْهَبُ دَوْماً مَعْ إِخْوَتِهِ فَهْوَ ابْنُ الشّيْخوخةِ وَقُرَّةُ عَيْنِ والدِه

 

كانَ يوسفُ صاحِبَ رُؤىً وأَحْلامٍ حَكَى لَهُمْ حُلْماً افْتَكروهُ خرافة

قالَ رَأَيْتُنا نَحْزِمُ حُزُماً في الحَقْلِ حُزَمُكُمْ مِنْ حُزْمَتي كانَتْ خائفة

 

يوماً أخاطَ اسحقُ ليوسفَ قَميصاً ما عليهِ حَصَلَ واحِدٌ كُلَّ حياته

أَرْسَلَهُ بِزُوّادَةٍ لإِخْوتِهِ فتآمروا عليهِ لِيُحْزِنوا أَبوهُمْ على وِسادته

 

أمَّا هُمْ فَلِكيْ يَتَخَلَّصوا مِنْهُ ومِنْ أَحْلامِهِ بُغْضاً مِنْهُمْ على محبَّةِ أبيه

فقَدْ قَرَّروا قَتْلَهُ إلا روبينُ أخوهُ أقْنَعَهُمْ رَمْيَهُ في بِئْرٍ وِبِنيَّتِهِ أَنْ يُنَجّيه

 

جَرّدُوهُ قَمِيصَهُ وبَلْبَلُوهُ بِدَمِ العِجْلِ لِيوهِموا أبِيهِ أَنَّهُ فَرِيسَةُ الأسود

رفَعوا الطَّرْفَ فَإِذا تُجّارُ جلعادَ مَعْ جِمالِهِمْ تُجاهَ مِصْرَ مُنْذُ عهود

 

تشاوروا وقالوا لا نُلَطِّخُ أَيْدينا بالدّمِ بَلْ نَبيعُهُ عَبْداً لِتُجَّارِ إسماعيل

نَشَلوهُ مِنَ البِئْرِ وللبيعِ عَرَضوهُ بِعِشرينَ مِنَ الفِضَّةِ ثَمنٌ لَيْسَ قليل

 

أَوْهَموا أَبِيهِمْ وروبينَ مَعْهُ أَنّ َالوحوشَ افْتَرَسَتْهُ وما عادَ لَهُ أثر

فَحَزِنَ اسحقُ ومَزَّقَ ثَوْبَهُ وبَكى لِأيّامٍ كثيرةٍ وقالَ عزايَ أتذكّر

 

يوسُفُ وَصَلَ مِصْرَ سالِماً فَعَرَضَهُ التُّجّارُ لِفوطيفارَ وكيلِ فرعون

فاشْتَراهُ مِنْهُمْ ورأى أَنَّهُ شابٌّ مُوَفَّقٌ في كُلِّ ما يَقومُ بِهِ من الشؤون

 

أَقامَهُ قَيِّماً على كُلِّ شُؤونِهِ ومُمْتَلَكاتِهِ فَأدارَها بِدِقَةٍ وحِكْمَةٍ نادرة

فَأُعْجِبَتْ بِهِ امْرأَةُ فوطيفارَ وهَمَّتْ بِإِغوائِهِ بِكُلِّ الأَخْلاقِ ساخرة

 

أمّا هُوَ فاحْتِراماً لأَمانَةِ سَيِدِهِ لَمْ يَكْتَرِثْ لها فاسْتَغَلّْتْ دُخُولَهُ للبيت

أَغْلَقَتْهُ واخْتَلَتْ بِهِ فَرَفَضَ فَشَدَّتْ قَمِيصَهُ وصَرَخَتْ بِأَعْلى صوت

 

يا قومُ أنْظُروا ما صَنَعَ يوسفُ بِيْ وإِذْ سَمِعَ صَوْتَكُمْ مِنْ عِندي هرب

أَمَا هذا الثَّوْبُ بُرْهانٌ وعارٌ لِما بِيْ فَعَلْ وَسَمِعَ فرعونُ فَمِنْها اقترب

 

هِيَ لَهُ أَظْهَرَتْ رَوْغَها وكِذْبَها وأَشْعَلَتْ نارَ قَلْبِها وحُبِّها طِيلَةَ العمر

فاحْتَضَنَها وقَبَّلَها وأَظْهَرَ لها لِمَ هُوَ كانَ اخْتارَها فَهْيَ جَميلَةٌ كالقمر

 

أمّا يوسفُ فَسَينالُ جَزاءَهُ بالسِّجْنِ طِيلَةَ العُمْرِ فَهْوَ كاذِبٌ ومُتَنَمِّرْ

هُوَ ليسَ مِنْ شَعْبِنا فالأَمانَةُ عِنْدَهُ خِيانَةٌ لذا فَهْوَ جاء لنا كَمُسْتَعْمِر

 

رئيسُ السِّجْنِ الْتَقى بيوسفَ فَأَعْجَبَهُ خُلْقُهُ أوّلاً قَبْلَ مَظْهَرِهِ فكتب

مِنَ اليومِ تَقَعُ رِعايَةُ السِّجْنِ والمساجينِ تَحْتَ أَمْرِكَ فَأَنْتَ مُحبَّب

 

بَيْنَ المساجينِ كانَ ساقي مَلْكِ مِصْرَ وخَبّازَهِ إِذْ أَجْرما بسيِّدهما

حَلِما حُلْماً في ليلةٍ واحدةِ وما مِنْ مُؤَوِّلٍ للأَحْلامِ هُناكَ يُفَسِّرُهما

 

جاءَهُما يوسفُ في الصَّباحِ فَظَهرا حَزينَيْنِ مُكْتَئِبَيْنِ فما السبب

أَخْبراهُ بحُلْمِهما كُلٌّ على حِدَةٍ وطَلَبا مِنْهُ تَفْسيراً لِيزولَ الكرب

 

حُلْمُ السّقّا كانَ أَنّهُ حَمَلَ جَرَّةَ خَمْرِ المَلِكِ على رأْسِهِ وكَأْسَهُ بيده

أمّا المَلِكُ فَيَكْرَعُها فِيْ حَلْقِهِ فَسَّرَهُ يوسفُ أَنَّهُ سيعودُ لِخِدْمَةِ سيده

 

غيرُهُ كانَ حُلْمُ الخبَّازِ الّذي رأى ثلاثَ سَلّاتِ خُبْزٍ على رأسه

مِنْ رابِعِها تَلْتَقِطُ الطُّيورُ اللّذيذَ مِنْها بَلْ وتَغْمُرُ الباقي بخمصه

 

قالَ يوسفُ تَفْسيراً لِما سَمِعَ بَعْدَ ثلاثةِ أيّامٍ يُحْكُمُ عَليكَ بالموت

فتأتي الطُّيورُ تَنْهَشُ لَحْمَكَ المُعَلَّقَ على عامودٍ فكأَنَّكَ ما كنت

 

ويوماً حَلِمَ فرعونُ نَفْسُهُ حُلْماً ما لَقى مَنْ يَفْهَمْهُ بَيْنَ المفسرين

رأى نَفْسَهُ على الشّاطِئِ وأَمامَهُ سَبْعُ بَقَراتٍ سَميناتٍ إلى حين

 

ثُمَّ رأى سَبْعَ بَقَراتٍ قَبيحةً هَزيلَةَ البَدَنِ أَهْفَتْ وابْتَلَعَتِ السمينات

في الصّباحِ كانَ فرعونُ أَيْضاً حَزيناً فَمَنْ يَشْرَحُ لَهُ المعاكسات

 

رئيسُ السُّقاةَ قالَ هَلْ لِسَيِّدي أَنْ يَسْمَعَ مَنْ فَسَّرَ لِيْ حُلْماً فصدق

يوسفُ السّجينُ فَسَّرَ لِيْ أحلامي ومِنْ كُلِّ تَفْسيراتِهِ شيءٌ تحقق

 

نادُوهُ إليَّ قالَ فرعونُ فَأَسْرَعوا بِهِ مِنَ السِّجْنِ لِيُفَسِّرَ لَهُ أحلامَه

أَخْبَرَهُ فِرْعونُ وانْتَظَرَ الجَوابَ قالَ يوسفُ أَحْلامُ سيّدي مسالِمَه

 

السَّبْعُ بقراتٍ الجَيِّدَةِ هِيَ سَبْعُ سنينَ فيها شَبَعٌ في عَهْدِ المَلِكِ فرعون

أمّا السَّبْعُ بَقراتٍ القَبيحَةِ فَهْيَ سَبْعُ سِنينَ هزيلَةٍ فيها النّاسُ يجوعون

 

والآنَ لِيَبْحَثَ سيّدي عَنْ رَجُلٍ حَكيمٍ يُقيمُهُ على أَرْضِ مِصْرَ ليديرها

ولْيَسْعَ بِوَضْعِ وكيلِ مالٍ لِجَمْعِ خُمْسِ غَلاتِ السِّنينَ للضّيقِ ويسيِّرها

 

حَسُنَ هذا القولُ عِنْدَ فرعونَ وحاشِيَتِهِ وقالَ هَلْ مِنْ وَكيلٍ أجْدَرُ منكَ

فَفِيكَ روحُ الله وليسَ مِنْ حَكيمٍ في مصرَ نُسَلِّمُهُ شؤونَها مُحَنَّكٌ مثلُكَ

 

أنا فرعونُ سأكونُ أعلى مِنْكَ بِالْعَرشِ وأَمَّا تَسْييرُ العَمَلِ فَأَنْتَ الفنّان

قَدْ أَقَمْتُكَ على أَرْضِ مصرَ وخَلَعَ خاتَمَهُ في إِصْبَعِهِ وأَلْبَسَهُ أرجوان

 

أنا اليَمينُ وأَنْتَ اليسارُ فبِدوني وبِدونِكَ لا يَرْفَعُ أَحَدٌ لا يَدَهُ ولا رجله

وَزوَّجَهُ أسناب بِنْتَ الكاهنِ فوطيفار حتى يعلو مَقامُهُ ثُمَّ أَرْسَلَهُ برِحْله

 

وقامَ بِتَجْميعِ ما يَزيدُ مِنَ الغَلّاتِ في مخازِنٍ كبيرةٍ طيلَةَ سِنينَ الشَّبع

فامْتَلأَتِ المَخازِنُ مِنْ كُلِّ نَوْعِ الفِلاحَةِ بِمِصْرَ وعَيْنُهُ عليها كانَتْ تقع