موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢١ فبراير / شباط ٢٠٢٤

تضخم الكرش وكيفية التخلص منه

بقلم :
الأب منويل بدر - الأردن
تضخم الكرش وكيفية التخلص منه

تضخم الكرش وكيفية التخلص منه

 

 ترسُّب الدهون وتجمُّعها في أسفل البطن، هي غالبا ما تكون ناتجة عن الاجهاد اليومي الذي يتطلّبه العمل، (وللعلم من البداية أيضا إن قلة النوم هي سبب كبير في تجمع الدهن في الجسم وصعوبة التخلص منه. أثناء النوم يحرق الجسم الكثير من الدهن وإلا فهو يبقى مترسبا في البطن). أنت تلاحظ مع السنين أن بطنك قد تضخّم، بينما باقي أعضاء جسمك قد بقيت ملائمة لحجم جسمك. فهل من سبب؟ واعلم من البداية أن هذا يتطلّب منك أيضا مجازفة كبيرة حتى تتخلص منه. إن تضخم الكرش غالبا ما يكون مصحوباً مع انتفاخ في المعدة بسبب تجمع الدهون الكثيرة في وسط الكرش، الذي هو مركز تجمع الدهونات وهو مضر جدا، إن لم نقم بمحاربته والتخلّص منه منذ البداية.

 

الكرش ينمو بشكل إجاصة

 

هذا الشكل هو من أخطر أنواع الدهن. ففي ازدياد الوزن لا يتجمّع الدهن بطريقة دائريّة كالطابة لكن بصورة إجاصة، أي لا يتجمع بشكل دائري متكامل من كل الجهات. بعكس ما هو عند النساء حيث يتجمّع الدهن عندهن أكثر في الخاصرة وفي المؤخرة وفي الفخذ. ويمكن أيضا أن نسميه بدهن التفاحة. هذا ومن الممكن أن يتجمع الدهن فيهن أيضا في البطن، لكنه لا يبقى كله في البطن إذ عندهن عدَةُ مواقع يظهر تجمع الدهن فيها أكثر من الرجال، كما قلت قبل قليل.

 

الاجهاد في الحياة اليومية

 

إن المعطيات العلمية تقول إن تجمّع الدهن المسمى بتفاحة أو بإجاصة الدهن في البطن سببه الإجهاد اليومي، إذ الضغط النفسي من كثرة او من صعوبة العمل وبالمقابل من قلة الوقت للاسترخاء والاستراحة يلعب دورا كبيرا. إذ بسبب الإجهاد اليومي الدائم يصبّ الجسم هورمون الإجهاد المسمى كورتيزول بكثرة، الذي هو العامل الأول لتجميع الدهن في البطن، لذا يمكن التكلم عن إجهاد البطن. وهذا التجميع هو خطير إذ في منطقة البطن يتفاعل الدهن مع كل تجمع المواد الغذائية التي يأكلها الإنسان، فمن السهل أن تختلط الأحماض الدهنية مع الدم وتسري في كل الجسم، فيزداد الدهن في الدم الّذي يدخل ويخرج في القلب وفي كل الشرايين، فيزيد مستوى الدهن في القلب أيضا بأكثر من أي عضو آخر في الجسم، فيفتح المجال للإصابة بأمراض القلب بسبب الدورة الدموية الدائمة، كمرض السكري والضغط وخطر الإصابة بالسكتة الدماغية.

 

 

خطر زيادة الوزن

 

في محيط البطن يرتفع الكلسترين بسبب وجود الدهن الزائد هناك فيسبب في زيادة الوزن ويفتح المجال لدخول أمراض عديدة في الجسم. والسؤال من درجة أية زيادة يصبح الكلسترين خطرا وماذا يساعدنا في تخفيضه؟

 

يجب أن نعرف، أنه ليست أية كمية دهن في البطن هي رأسا مضرّة، إذ الدهن في الجسم له أيضا فوائده ويقوم بدور مهم، فهو يحمي من البرد ويحمي من ضعف اصطدام الأعضاء في بعض الحوادث، فلا تحدث حوادث كسر كثيرة، إذ تكمن فيه قوة احتياطية تحمي الجسم وقت الصدمات. لكن تجمع الدهن الزائد، فهو يسبب بزيادة الوزن، وهذا مضر للصحة العامة. نعم تجمع الدهن الزائد في البطن هو مضر، إذ مفعوله على الصحة هو غير مفعول تجمع الدهن في الفخذ والمفاصل، فيزداد الخطر ليس فقط على الدورة الدموية، بل ويفتح المجال لبداية مرض السكري وزيادة الكولستيرول في الدم.

 

 

لماذا دهن البطن مضر؟

 

خاصة إذا كان نوع الدهن هو إضافة حشويه، أي الذي ندخله مع الأكل مثل شحم اللحوم والزبدة. والسبب هو أن لدهن البطن مفعول غير مفعول دهن الفخذ والمفصل، إذ هي متحركة وترسل من دهنها قسما إلى دهن القلب فيتكون بالاحتكاك مادة الالتهابات. وكلّما كان دهن البطن كثيرا، كلما ازداد دهن الالتهاب في البطن. فهذا الالتهاب يزداد بازدياد تجمّع الدهن. فيؤدي ازدياد دهن القلب إلى التهاب دائم متنقل في الأنسجة الدهنية في كل أعضاء الجسم، فيمكن حدوث الجلطة الدموية، فتصبح الشرايين قليلة الشعور والمقاوِمة لتأثير الإنسولين واضطراب في المفعول الغذائي، مع أن الإنسولين هو هورمون مهم لحرق الأحماض الدهنية، إذ مقاومة حرق الدهن تقود إلى عدم فاعلية الكلسترين الضروري في الجسم فيزداد مفعول الكوليسترول المضر في الدم، خاصة عند وجود السكري فيه.

 

أما خطر الدهن الثاني في البطن، إلى جانب زيادة عامل الالتهاب والحموضة الدهنية المضرة التي تتوزع مع الدورة الدموية في أقسام كثيرة من الجسم، فيحدث هنا وهناك التهاب في أحد أعضاء الجسم ومنها في الكبد أيضا فينتج عنها أيضا دهن الدم المضر الدائر في الجسم.

 

والآن أية قيمة كلسترين هي عادية أو غير عادية في الجسم. هذا يمكن معرفته بعد فحص الدم. فإن كانت كمية الكلسترين عالية ومضرة ينتج عنها تصلّب الشرايين. أما مقياس الكلسترين الصحيح فيجب أن يكون فقط بمعدّل 115 ملغرام. يمكن التأكد منه أيضا بفحص طبي.

 

أما دهن البطن فيفتح المجال للإصابة بالأمراض التالية: الترومبوزه أي تجلّد الدم في مكان في الجسم، في اليد، في العين، في الأذن، في الفخذ... ثم الضغط العالي. السكتة العقلية.  تصلّب الشرايين. عدم فاعلية الإنسولين ضد مرض السكري. مرض الزهايمر. وآخيرا لا آخرا مرض السرطان.

 

كيف نعرف أن كمية الدهن في البطن زائدة عن المعدل المطلوب؟ نكتشف ذلك بقياس مساحة دائرة البطن، حيث يجب ألا تزيد عند النساء على 88 سم و102 سم عند الرجال. وما زاد فهو مضر. يمكن معرفة ذلك بالتمام بتصوير الكمبيوتر المقطعي (Computertomografie). فإن افتكرتَ أن دهن بطنك يُضر بصحتك فما عليك إلا استشارة طبيب، ليقيس لك الضغط والسكر وكمية الدهن في الدم. وهذه هي الطريقة الوحيدة لتهدئة البال. ثم ينصح الأطباء باستعمال زيت الزيتون، فهو أحسن من الدواء، ثم أكل المكسرات النية أفضى لوز، جوز، فسدق ثم فاكهة الكيوي.

 

والضروري معرفته هو أن دهن البطن عند الرجال أعلى منه عند النساء. وبناء الدهن تحت الجلد في البطن متعلق بالجنس البيولوجي والوراثة. فالرجال ميّالون بالأكثر إلى استقبال الدهن في البطن أكثر من النساء، بينما طبيعة النساء فمستعدة أكثر لتجميع الدهن في الخصر والمؤخرة والأفخاذ. فالرجال يحدث لهم ما يسميه الطب، "ببطن البيرة". بينما يتجمع الدهن عند النساء في الخاصرة والمؤخرة والفخذ مع الشواذ أن ما يعادل 15% منهن يتجمع الدهن عندهن أيضا وراثيا في البطن. هذا ويزيد فيهنَّ شهيَّتِهِّن ومحبَّتِهِّن للأشياء الحلوة خاصة الشوكولاتة والشيبس اللذان يخلقان عندهن فرح إرواء هذه الشهوة. فمن تعوّد في صغره أن نكافئه بقطعة حلويات، ترافقه هذه المحبة للحلويات طيلة حياته، خاصة عندما يشعر بالإحراج والضغط من العمل اليومي او بحاجة ملحّة، فيشعر كالمدخن بضرورة حشي النيكوتين في جسمة فيأخذ سيجارة حالا من جيبه ويشعلها. فيصبح تناول الحلوى كأنه مكافأة للشعور الغير ملائم وليس نادراً أن يشعر المتضايق أيضا بشهوة الأكل الزائد. لكن الأكل الغير متوازن بأوقات ثابتة، هو سبب أيضا لزيادة الوزن المضرّة. فمن يعيش تحت ضغط الوظيفة تتكون عنده أيضا محبة الأكل في غير أوقاته، بل يزول عنده الشعور بالجوع والأكل المتّزن كالسابق. فتتكون فيه فجأة محبة للأكل السريع (fast food) والوجبات الخفيفة (snack) التي يتم تناولها بسرعة في أي وقت. مع النسيان أن مثل هذه الوجبات هي دسمة ومليئة بالفيتامينات والسعرات الحرارية أكثر من الوجبات العادية، فتكون هي أيضا سببا في تكبير البطن. لكن ما يجب الانتباه إليه، هو أنه حتى في ساعة الضغط العملي، فإنَّ الطعام المنتظم هو مهم جدا، إذ هو يساعد على إعطاء الجسم القوة الحرارية المنتظمة ويقتل شهوة اللجوء إلى الوجبات السريعة. فلا ينس الإنسان أن الأكل الصحيح، يقوم على أكل الكربوهيدرات الموجودة في الخضروات، مثل البطاطا، والجزر، والبازلاء والمزروعات الخضراء التي تُوكل كالبصل والفول والنعناع والكزبرة والخس، فهي تؤمِّن حاجة الجسم عند الجوع وتشبعه، ولا تحتوي على دهنات تُذكر.

 

والأهم من كل شيء هو الاسترخاء والمراقبة الشخصية، فهي العمدة للأكل باعتدال. إذ لا بد من وفرة بعض الدهون في البطن، يتخلص منها الإنسان بأسرع من تجمعها في الخصر والفخذ، وذلك بالتنزه والمشي والأكل المعتدل ويتخلص من ضغط الجوع لتناول كمية طعام كثيرة. ولا بد من التفكير بالذات باستعمال بل واللجوء إلى تمارين الاسترخاء كاليوغا والتدريب الذاتي كالتنفس المنتظم. والأفضل هو التنزه الكثير في الطبيعة والهواء الطلق والسباحة والمساج الصحي من وقت لآخر بل والنوم الطويل آخر الأسبوع.

 

كثيرون يجربون التدخين الكثير وشرب الكحول للحصول على الاسترخاء وعدم التفكير في مشاكل الضغط. لكن مع الوقت تصبح هذه الوسائل عبئا ثقيلا على الجسم، يلقى الكثيرون صعوبة كبيرة للتخلّص منها فيما بعد وهي بالتالي لا تقضي على الضغط ولا تُخفف منه في العمل بل تزيده بشكل. خلاصك بيدك يا إنسان فكم بالحري صحتك!