موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ١٨ سبتمبر / أيلول ٢٠٢٣

بنيامين في مصر

بقلم :
الأب منويل بدر - الأردن
بنيامين في مصر (تكو 43)

بنيامين في مصر (تكو 43)

 

يتابع الأب منويل بدر سرد سفر التكوين شعرًا، متناولاً الفصول التالية:

 

 

وإذِ ازْدادَ القَحْطُ والجوعُ ضَرَبَ أَطْنابَهُ في كُلِّ بَيْتٍ في كُلِّ كنعان

قالَ اسحقُ على مَضَضٍ أُمْضُوا لمصرَ وآتونا بِطَعامٍ فكلُّنا جوعان

 

طَبْعاً رافَقَهُمْ بنيامينُ كما طَلَبَ يوسفُ لِيُزِيلَ الشُّبْهَةَ أَنَّهُمْ جواسيس

اسحقُ احْتَجَّ ولِمَ ما أخْفَيْتمْ عليه السّؤالَ كما أَخْفى المالَ في الكيس

 

نَحْنُ قَبٍلْنا إِذِ الرَّجُلُ سأَلَ عنّا وقالَ لا تَرَوا وَجْهي إلّا وأخوكُمْ يجيء

كما وسأَلَنا أأبوكُمْ لا يزالُ حيّاً وعنْ عشيرتِنا فما كُنّا نَعْلَمُ كلُّنا بريء

 

أقْنَعوا اسحقَ أَنْ يُرْسِلَ مَعْهُمْ بنيامينَ مُتَكَفِّلينَ برجوعه مَعْهُم سالمين

فِدىً عَنْهُ كَرَّسَ كلُّ واحدٍ مِنْهُمْ عزيزَ أَبْنائِهِ والإقْرارَ بالذَّنْبِ نادمين

 

فَرَضَخَ لِلْواقِعِ وأَشارَ عَلَيْهِمْ بأَخْذِ الهدايا وإِرْجاعِ الذَّهَبِ الذي لقوا

في أكياسِهِمْ عَلَّهُمْ يحظون رحمةً بعَيْنِهِ ويُطْلِقَ سراحَهُمْ كما يتمنوا

 

 

اللقاء في بيت يوسف

 

وصَلوا مِصْرَ ووقفوا على بابِ يوسفَ فَطَلَعَ ورأى بَيْنَهُمْ بنيامين

دعا قَيِّمَ بَيْتِهِ وأَمَرَهُ بِتَحْضيرِ الطَّعامِ للضُّيوفِ فسيأْكُلونَ مجتمعين

 

أَصابَهُمُ الهَلَعُ وظَنُّوها حِيلَةً مِنْهُ لِيَقْبِضَ عليهِمْ بَدَلَ اخْتِلاسِ الذهب

فدعوا القَيِّمَ وأَطْلعوهُ بِقِصَّةِ الذَّهَبِ وأَخْبروهُ نُرْجِعُهُ لا مجالَ للعتب

 

طَمْأَنَهُمْ قالَ لا تخافوا فَأَنْتُمْ بأَمانٍ وسلامٍ في بيتِ سيِّدي الّذي يعرفكم

فَهْوَ اليومَ دعاكُمْ لِبَيْتِهِ وما هذا ظَنٌّ مِنْهُ عليكُمْ بَلْ هُوَ يُريدُ أَنْ يُكْرِمَكم

 

إنَّ إلَهَ أبيكُمْ قَدْ أَرْزَقَكُمْ فِضَّةً في أكياسِكُمْ لذا لا تعودوا تُولُوها اهتمام

ثُمَّ غابَ وَرَجَعَ بشمعونَ الرّهينَةِ وصَبَّ ماءً فاغْتَسَلوا وجلسوا للطعام

 

لمّا دَخَلَ يوسفُ البَيْتَ عِنْدَ ساعَةِ الظُّهْرِ حَنَوْا لَهُ الرّأْسَ بِكُلِّ احترام

قَدَّموا لهُ الهدايا فَشَكَرَهُمْ وسأَلَهُمْ إِنْ كانَتْ صِحَّةُ الوالِدِ على ما يُرام

 

ولمّا رأى بنيامينَ أَخاهُ مِنْ والِدَيْهِ تَحَرَّكَتْ في أَحْشائِهِ عاطِفَةُ الأخوة

لَكِنَّهُ لَمْ يَلْمِسْهُ بَلْ خَرَجَ وبكى واغْتَسَلَ وعادَ وقالَ هيّوا للطّعامِ سوية

 

جَلَسوا حَسْبَ الأَعْمارِ حَوْلَ المائِدَةِ وكانوا يَتسامَرونَ وينظرونَ إليه

قَدَّمَ لَهُمْ مِنْ طعامِهِ طَلَبَ صَحْناً لبنيامينَ وَضَعَ خَمْسَةَ أَضْعافٍ عليه

 

مشروبُهُمْ كان مِنَ النّبيذِ الّلذيذِ فشربَ وشرِبوا وسَكِرَ وأسكرهم

ثُمَّ قال لقيِّمِهِ امْلأْ أكياسَهُمْ بالحِنْطةِ وضَعْ الذَّهَبَ فيها خُفْيَةً عنهم

 

أَمِّا في قَعْرِ كيسِ بنيامينَ فَضَعِ الفِضَّةَ وفي رَأْسِهِ كَأْسَ مشروبي

وفي الصّباحِ تَحَرَّكَ المَوْكِبُ بِقَصْدِ الرُّجوعِ على أَقْصَرِ الدروبِ

 

وما أَنْ تَحَرَّكوا حتَى دعا يوسفُ القَيِّمَ وأَلْحَقَهُ بِهِمْ لِيَقولَ لَهُمْ قفوا

أَنْتُمْ لُصوصٌ كافأْتُمُ الخيرَ بالشَّرِّ فَسَرَقْتُمْ كأْسَ سَيِّدي أَلا ارجعوا

 

فاحْتَجّوا حاشا لنا ما هذا الكلامُ نَحْنُ لسنا لُصوصاً فمَنْ سَرَقَ الكأس

يموتُ موتاً ونحنُ عبيدُ سيِّدِكَ طيلَةَ العُمْرِ وبالتّالي لِيَقْطَعَ مِنّا الرأس

 

وأنزلوا الأَكْياسَ للتَّقّصِّي وقالوا مَنْ وُجِدَ مَعْهُ الكَأْسُ فَلْيَمُتْ فورا

أمّا نحنُ فَنُصْبِحَ عبيداً فَلْيَكُنْ قالَ القيّمُ وبَدَأَتِ الأكياسُ تُفْتَحُ دورا

 

يا لِلْعَجَبْ هوذا الكأسُ في كيسِ بنيامينَ فَهْوَ إِذَنْ الخائِنُ وسيفنى

أصْدَرَ القيِّمُ الحُكْمَ كُلُّكُمْ ستَعودونَ لأَبيكُمْ وأَمّا بنيامينُ فيبقى هنا

 

يا للمصيبةْ! فَمَزّقوا ثِيابَهُمْ وحَمّلوا أكْياسَهُمْ وللتَّوِّ عادوا إلى المدينة

خَرُّوا على رُكَبِهِمْ أَمامَ سَيِّدِهِمْ مُتَلَعْثُمَّينَ في التَّفْسيرِ عَنْ فِعْلَةٍ مشينة

 

قال يوسفُ ما ذا الصّنيعُ الّذي صَنَعْتُمْ أَمَا تَعْلَمونَ أَنَّ كأْسِيَ الفضي

هو للتَّنَبُّؤِ أَمَامَ فرعونَ ولولاهُ لما جَلَسْتُ حتَّى اليومَ بقَفَصي الذهبي

 

بِوُجوهٍ مُصْفَرَّةٍ وقُلوبٍ مُنْكَسِرَةٍ تَجاسَرَ يهوذا ونَطَقَ كلماتٍ مرتجفة

سيِّدي إنْ كانَ الفِعْلُ القبيحُ ثابِتٌ علينا ما مِنْ عُذْرٍ لَكِنْ ما لنا معرفة

 

رُبَّما أَحَدُ خَدَمِكَ مِصْرِيٌّ أرادَ لنا السوءَ وقامَ بِما لا يُحْمَدُ عليهِ إنسان

أنتَ أَحْكَمُ الحُكماءِ فَقَدْ رمى ذَنْبَ غَيْرِنا علينا لنُصْبِحَ مُجْرِميِّ الزمان

 

حاشى لنا أَنْ نُلْصِقَ العَمَلَ القَبيحَ بأَنْفُسِنا فنحن جميعُا عندَكَ سجناء

بَدَلَ صغيرنا الّذي أنتَ أمرتَ بإِحْضارِهِ لِتَراهُ فَاَطْلِقْهُ بحقِّ السماء

 

لا قالَ يوسفُ الرَّجُلُ الّذي وُجِدَتِ الكأْسُ بِجُعْبَتِهِ هُوَ يَكونُ لي عبدا

أمَّا أَنْتُمْ فاصْعَدوا إلى أَبيكُمِ الكَهْلِ الجليلِ ولْيَكُنْ كُلُّكُمْ لهُ خَيْرَ السندا

 

لِيَسْمِحْ لِيَ سيِّدي كِلْمَةً آخيرَةً قالَ يهوذا أَنْتَ سَأَلْتَنا هَلْ لَكُمْ أبٌ أو أخ

قُلْنا لنا أبٌ شيخٌ لهُ ابْنُ شَيْخوخَةٍ وحيدٌ يُحِبُّهُ أَيْنما ذَهَبَ فَأَوْقَعْتَنا بالفخ

 

أنْتَ قُلْتَ لِعبيدِكَ فَلْيأتِ كَيْ أَراهُ وإنْ لَمْ يأْتِ لا تعودونَ تَرَوا وجهي

أَخْبَرْنا أَباهُ بِقَوْلِ سيّدي فاكْتَأَبَ أمّا بِسَبَبِ الجوعِ قالَ خُذوهُ قَلْبُهُ معي

 

ألا احْرَسُوا إِنْ َصابَهُ سوءٌ أَنْزَلْتُمْ شيبي بالشّقاءِ إلى مَثوى الأموات

فالآنَ وإِنْ عُدْنا إِلى عَبْدِكَ دونَ ابْنِهِ سَتَحِلُّ بِهِ المصائِبُ والحَسْرات

 

أنا كُنْتُ الكَفيلَ عِنْدَ أبي فإِنْ عُدْنا بِدُونِهِ سيكونَ عَبْدُكَ مَديناً لَهُ للأبد

فكيفَ أَصْعَدُ عِنْدَ أَبي والفَتى ليسَ مَعي لا أُريدُ أَنْ أَرى شَقاءَهُ مُجدّد