موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢٠ مارس / آذار ٢٠٢٣

الرّجوع إلى الجنة المفقودة

بقلم :
الأب منويل بدر - الأردن
الرّجوع إلى الجنة المفقودة

الرّجوع إلى الجنة المفقودة

 

مرَّتْ عصورٌ على نَسْلِ آدمَ خَلْفَ أسوارِ الجنة المفقودة

يَتَمنّى رَمْيَةَ عَيْنٍ على مَسْكِنِ أبَوَيْهِ حتّى لثواني معدودة

 

هذي الفَتْرَةُ ستأتي لكن بَعْدَ أنْ يَمُرَّ عليها زماَنٌ طويل

حتّى تتوبَ الأُمَمُ فَيَظْهَرَ النَبِيُّ الكريمُ لا ملاكُه جبريل

 

هذا المكانُ أسْموهُ أَرْضَ الميعادِ سيُبنى فيها هيكل

للصَّلاةِ والعبادَةِ والمَحَبَّةِ والابْتِعادِ عَنْ كُلِّ مَشكَل

 

لمَّا حَلَّ الزّمانُ قالَ بولسُ أرْسَلَ الله ابْنَهُ المسيح

بعْدَما فَشِلَ َكثيرُون قَبْلَهُ بإِيصالِ الخَبرِ الصحيح

 

وُلِدَ في مغارَةٍ لا في قَصْرٍ فاخِرٍ ما فيهِ أيّةُ رفاهيّة

حَياتُهُ كُلُّها كانَتْ سِلْسِلَةً مِنْ أعمالٍ وأقوالٍ إنسانيّة

 

مُعامَلَتُهُ للنّاسِ ما كانَتْ بِقوانينَ أَوْجَدَها الفريسيون

لَكِنْ بِالحُبِّ والتَّسامُحِ والبَذْلِ والعطاءِ عليهِ متكلون

 

حَسَداً وحِقْداً أسْلَمَهُ رؤساءُ الشَّعْبِ للموتِ عالصليب

ساقوهُ للذَّبْحِ كخروفِ لَمْ يَفْتَحْ فاهاً فَصارَ لِلْكُلِّ حبيب

 

 

أشعيا تنبّأَ عنهُ أسْماهُ يسّى في نُبُوّاتِهِ َهُوَ عَبْدُ الرّب

أُنْظُروا سيَرْفعونَهُ فَوقَكُمْ لا لِعِلَّةٍ لكِنْ تَتْميماً للأرب

 

كثيرونَ عرفوهُ واختلطوا بِهِ فقالوا جَمالُهُ لا يُضاهى

أمّا على الصّليبِ فاخْتلفَ شَكْلُهُ ما عادَ بِهِ مَنْ يتباهى

 

شوّهوا وجهَهُ مِنَ الّلَطْمِ وغرسوا الشَّوْكَ في رأسه

جَلَدوهُ لا تَسْألْ عَنْ ظَهْرِهِ وراحَةً ما ذاقَ في حبسه

 

فما عادَ ذاكَ الجبّارَ الّذي تُحيّيهِ الجماهيرُ في الجليل

بَلْ خارّتْ قِواهُ فوقعَ تَحْتَ ثُقْلِ الصّليبِ فَحَمَلَهُ البديل

 

صار ذَلِكَ لأَنَّ كُلَّ واحِدٍ ما أطاعَ بَلْ وخالَفَ الأوامر

مِنْ مِصْرَ وحتّى أرضِ الميعادِ مَنْ كانَ بالخَيْرِ عامر

 

ظننّا أنَّ الله أبوهُ قرَّرَ لهُ كُلَّ تِلْكَ المصائِبِ ليجازيه

لكنّهُ إثْماً ما اقْتَرَفَ وبالنَّقاوَةِ ما كانَ لهُ إنْسانٌ شبيه

 

أمّا أشعيا فيقولُ جراحُهُ على ظَهْرِهِ هِيَ مِنْ خطايانا

وآلامُهُ هِيَ سببُ عُبودِيَّتِنا لنَشفى مِنْها بِحَسْبِ نوايانا

 

لأجْلِ معاصينا قاصَصوهُ وّبجراحِهِ قَدْ شَفى جراحنا

فصارتْ نفسُنا نَقِيَّةً كالثَّلْجِ وما احْتَجْنا نُشْهِرُ سلاحنا

 

كًلًّنا خطِئنا وَأضَعْنا طريقَنا كالْخِرافِ الّتي بِلا راعي

أمّا هو فأعادَنا إلى الحَظِيرَةِ سالمينَ إنَّهُ حارِسٌ واعي

 

حتّى شَعْبُهُ خانَهُ لَكِنَّ الخِيانَةَ كانَتْ لَهُ سَبَبَ الأسباب

أنْ يَرْضى بِالْحُكْمِ والمَوْتِ والدَّفْنِ ذا جاءَ في الكتاب

 

الرّبُّ وَجَدَ سُروراً فيْ عَبْدِهِ المَغْلوبِ على أمْرِهِ ظُلما

فَهْوَ قدَّم َذاتَهُ طَوْعاً عَنْ أحِبّائِهِ وما كانَ العذابُ مُهِمّا

 

سَيَجِدُ أتْباعاً وحياتُهُ ستتفاعلُ بَيْنَهُمْ هذا هُوَ بُرْنامَجُ الله

عادِلٌ هُوَ وما لِلْعَدالَةِ حُدودٌ بَلْ شَرَفٌ قِيمَتُها كالصلاه

 

تَصْميمُ الله مِنْ أدمَ تَحَقَّق بِهذا العَبْدِ لِتَخْلَصَ كُلُّ البشرية

هُوَ كريستُوفورُسُ أيْ حامِلُنا يَعْرِفُنا كُلَّنا حتّى ِبلا هويّة

 

هٌوَ عَبديَ الأمينُ حَمَلَ على أكْتافِهِ لا البشَرَ لَكِنْ خطاياهم

هِيَ أمراضٌ لا عوارضُ يَغْفِرُها لهمْ إنْ هُمُ أبْدَوْا نواياهم

 

الموتُ ما كانَ مَرْحلةً آخيرة إذ هناك أقْوى مِنَ الموت

وَهْوَ القِيامَةُ أيِ الانتصارُ على الظُّلْمَةِ قَدْ تَمَّتْ بصمت

 

جاءَ النَّصْرُ الكبيرُ وَهْوَ القيامَةُ الّتي لا يَصِفُها قلم

هِيَ إشارَةٌ محسوسَةٌ في الْقَلْبِ رَفْرَفَ قُدَّاَمَها علم

 

فِصْحُنا المسيحُ قَدْ سَفَكَ دَمَهُ فِداً عنّا وَعَنِ الكثيرين

نُجَدِّدُ مَوَتَهُ اللّادَمَوِيَّ فيْ كُلِّ قُدّاسٍ بَرْكَةً للمؤمنين

 

خُذوا الرّوحَ القُدُسَ بهِ تَغْفِرونَ لِلْبَشِرِ كُلَّ الخطايا

سيقودُكُمْ إلى التّبْشيرِ بِالخلاصِ حتّى إلى الزوايا

 

خَطيئةً أدمَ جابتِ المَوْتَ لِنَسْلِهِ لِيأتِ ابنُ الله الوسيط

وما جاء غيرُهُ مُرسَلا بِهذي الوِساطَةِ هكذا الله يريد

 

يا صَلِيبَ المسيح أما كُنْتَ عِنْدَ نَبْعِ موسى حَيَّةَ الشفاء

نَرْفَعْكَ أمامَ عُيوننا فَكُنْ لنا علامةَ الشّفاءِ بِعَهْدِ الوباء

 

 

(أول قصيدة تم نظمها في الأردن

تمّ نظمها يوم الجمعة 2021.12.24

أذيعت لأول مرة يوم 2022.03.05 الساعة 23:40 ليلا)