موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ١٥ مارس / آذار ٢٠٢٣

الخلق والخطيّة الأصلية

بقلم :
الأب منويل بدر - الأردن
جميلٌ هو هذا العالمُ وأجْملُ ما فيهِ الإنسان

جميلٌ هو هذا العالمُ وأجْملُ ما فيهِ الإنسان

 

الخلق والخطيّة الأصلية (تكوين 1 و3)

 

 

جميلٌ هو هذا العالمُ وأجْملُ ما فيهِ الإنسان

أنتَ خلَقْتَه على صورَتِكَ وذا مِنْكَ إحسان

 

مِنَ التُّرابِ جَبَلْتَهُ ثُمَّ نَفَخْتَ فيهِ رُوحَك الحيّة

فَصارَتْ رُوحُهُ مِثْلَ رُوحِكَ خالِدَةً نعمْ أبدية

 

جَمَّلْتَهُ بِكُلِّ الصِّفاتِ وخَلَقْتَ له شريكةَ العُمْرِ

تُعاوِنُهُ بالسّرّاءِ والضّرّاءِ فلا حسابٌ شهري

 

حوّاءَ أسْمَيْتَها فَهْيَ سُتعطي الحياةَ لِنَسْلٍ جديد

بارَكْتَهُما للحياةِ وأَسْكَنْتَهُما في الجنَّةِ بيتاً فريد

 

أنتُما أُوْلَى الْخَلْقِ فانْمُوا واكْثُرا وامْلآا المعمورة

غِذاؤُكُما سيكونُ ثِمارَ الجنَّةِ مقطوفَةً فمعصورة

 

ستقومان ِبالْعِنايةِ بِأشْجارِ الجنَّةِ الكثيرَةِ الواسعة

شَرْطاً واحداً أفْرِضْهُ لا تَأْكُلا مِنَ التُّفّاحَةِ اليانعة

 

أحَبَّ آدمُ حواءَ فَهْيَ جذَّابةٌ لأنّها عَظْمٌ مِنْ عظامه

ولحمٌ مِنْ لحمِهِ فما الاختلافُ إلاّ تحقيقٌ لأحلامه

 

في نُزْهةٍ بينَ أشْجارِ البساتينِ سَمِعا صوتاً ينادي

انْظُرا ما أجملَ هذي الشَّجْرَةَ شَكْلُها غيرُ اعتيادي

 

هِيَ حيّةٌ طوَّقَتِ َّشجْرَةَ التُّفّاح كحبيبَةٍ عُنْقَ الحبيب

بيَدَيْها تُفّاحَةٌ برّاقةٌ شَكْلُها بَلْ وحَجْمُها فِعْلاً غريب

 

ذُوقا هذي التُّفَّاحَةَ فَهْيَ جميلةٌ ليس فقط من بعيد

بلْ وأيضاً من قريبٍ فمَنْ أكَلَ مِنْها يُصْبِحْ سعيد

 

لا قالَ آدمُ مِنْ جَميعِ الفواكِهِ نأكُلُ إلّا مِنْ هذي

هكذا أرادَ يهوانا فَلَهُ مِنّا الطّاعةَ وما فيها شواذِ

 

أمّا حواءُ فسالَ اللُّعابُ مِنْ فيها حِينَ استنشقت

فأَمْسَكَتِ التُّفاحةَ وقَسَّمَتْها نِصْفَيْنِ وفِعْلاَ أكلت

 

كلَّ ما أكَلْنا مِنْ ثُمَّارٍ حتّى اليومَ ما له بذي شبيه

فأغْرَتْ أدمَ فحُبَّاً بِها ما أَفْشَلَها إذْ هُوَ ليسَ شريه

 

لكنْ ما أنْ بَلعا ما بالفَمِ حتّى حَدَثَ ما لا توقّعا

كأنَّ ساحراً رشيقاً بِرَمْشَةِ عَيْنٍ جرَّدَهُما فوقعا

 

فأسْرَعا بالعُرْيِ لِجَمْعِ ما وَقَعَ مِنْ ورقِ التين

لِتَغْطِيَةِ ِعورَتْهِما وبِعُشْبٍ شُرْشُهُ صُلْبٌ متين

 

جَلَسا في مَغارَةٍ مُعْتِمَةٍ لا يَخْرُقُها ضوءُ الشمس

أمْضيا وقْتَهُما صامِتَيْنِ وإنْ تَكَلّما ففقطْ بالهمس

 

في نُزْهةٍ قصيرةٍ نزَلَ يهوى لِرُؤْيَتْهِما بين الشجر

لَكِنْ لا أثَرَ لهُما ولا أيُّ لَحْنٍ مِنْ حَلْقَيْهِما قَدْ صدر

 

 

آدمُ أينَ أنْتُما ما خرَجْتُما لا لِلْنُزْهَةِ لا ولا للمديح

هَلْ أصابَتْكُما وَعْكةٌ في البَيْتِ ألا تقولُ الصّحيح

 

يهوانا نحنُ عُراةٌ نُخِيطُ مِنْ يَومَيْنِ وَرَقَ التِّينِ ثيابا

ما مَرِضْنا ولا تَعِبْنا أمّا في ضَميرِنا فنَسْمَعُ العِتابا

 

هَلْ أكَلْتُما مِنَ التُّفّاحَةِ الّتي حَرَّمْتُ عليكُما لمسَها

كَمْ بِالحري أكْلَها فالْقَصاصُ مَعروفٌ لِمَنْ يَمَسَّها

 

حواءُ قالتْ، طَعْمُها لذيذٌ خُذْ فكُلْ مِثْلي بلا هوان

رَدَّتْ حواءُ اعْتِذاراً، الحيَّةُ قْالتْ كُلَا أنْتَما بأمان

 

لا قالَ يهوى لِعَدَمِ الطَّاعَةِ ما عادَتِ الجنَّةُ بيتَكما

ملاكِيْ يَنْقُلْكُما خارِجَ أسْوارِها العالِيَةِ أنا أنفيكما

 

مِنَ الآنِ ما عادَتِ البساتينُ والأشْجارُ مُلْكاً لكما

ولا لِبَنِيكُما فأمامَكُما الشُّغْلُ الشّاقُّ لِأَكْلِ خبزكما

 

وأنْتِ أيَّتُها الحيَّةُ اللّعينَةُ حالا تَزْحَفينَ على بطنكِ

تُراباً تأكلي فآدمُ وبنوه يَسْحقونَ رَأْسَكِ نَقْماً لغشكِ

 

أنا خالِقُكُمْ وأبوكُمْ أبْقى لَكُمْ وأَعِدُكُمْ مِنَ اليومِ بمخلص

يكونُ مِنْ نَسْلِكُمْ أمّا مَجيئُهُ فَيطولُ عَلَيْكُمْ أنا المؤسِس

 

خطيّة آدمَ وحواءَ أبَوَيْنا الأوَّلينِ نُسمِّيها الخطيَّةَ الأصلية

لأَنَّها أوّلُ ما اُقْتَرَفَ الإنسانُ ضِدَّ خالِقِهِ بِإيعازٍ مِنَ الحية