موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٥ فبراير / شباط ٢٠٢٤

الاكتئاب في الشتاء

بقلم :
الأب منويل بدر - الأردن
اكتئاب الشتاء وماذا بعد؟

اكتئاب الشتاء وماذا بعد؟

 

من الثابت أن فترة الظلام والبرد في فصلي الخريف وخاصة الشتاء تلعب دورا كبيرا في الإكتاب والحزن الّلذين يتعرّض لهما كثير من البشر.

 

فعندما تبدأ الأيام تقصر وساعات النور تنقص وتخف تبدأ عند الكثيرين فترة حزن داخلي واكتئاب فلا يعودون يشعرون بالحيوية والنشاط المعهودة فيهم، بل يقلُّ الفرح الذي كان يملأ حياتهم في الربيع والصيف. ويبدؤون يحتاجون إلى الاستلقاء الطويل في السرير، حتى لا نقول الالتجاء إلى النوم الطويل كبعض الحيوانات التي تمضي أشهر البرد والشتاء في سبات عميق ولا تفيق إلا ببداية شمس الربيع.

 

لكن المعلوم أن من يُصاب بالاكتئاب هو لا يشعر بالتعب كصاحب عمل شاق ومُضني، أو أن مزاجه سيء، لكن أسباب الحزن ثقيلة ولا بد من إيجاد حلّ لها، حتى تبقى الحياة طبيعية.

 

علامات الاكتئاب في الشتاء، المسمّاة بالعاطفة المختلة، فهذه ظواهرها:

. اكتئاب المزاج

. عدم التركيز

. الخمول

. التهيج السريع

. الشعور بالتعب وفقدان القوة الداخلية

. الشعور بالنعس الزائد

. الشعور بالجوع والرغبة الشديدة لأكل الأشياء المحبّذة التي ينتج عنها زيادة الوزن

 

كل هذه الإشارات هي علامات الاكتئاب الشتوي. فإن حدثت فجأة ولمرة واحدة أو نادرا فما هي أعراض مرض دائم ولا داعي للقلق منها. أمّا إن دامت طويلا وتكررت، خاصة إذا رافقها مرض نفسي كالحزن الدائم والاكتئاب، ومدته عادة بين أسبوعين إلى ثلاثة وتحصل فقط في الخريف أو الشتاء، فلا بدّ من إيجاد حل له. فيجب التأكد من أن هذا الاكتئاب قد حصل في السنتين الماضيتين مرتين متتاليتين وذلك في الخريف او الشتاء، وقد زالا في الربيع والصيف.

 

اكتئاب الشتاء وماذا بعد. مَن يُصاب بهذا الاكتئاب، يبدو مستسلما مهموما ومُحرَجا أمام كل شيء. لكن لمنع ذلك فمن المهم الذهاب إلى الطبيب ليوضح الأسباب، إما من الطبيب الخاص أو طبيب علاج نفسي. وبهذه الطريقة يمكن المعرفة إن هذا الاكتئاب هو فصليّ فقط او متأصل مع عوارض أخرى. فإن كان مرتبطا بالشتاء فقط، فهناك عدة إمكانيات للتخلص منه، منها العلاج النفسي ثم العلاج بالنور، حيث يجلس المصاب يوميا أقلّه نصف ساعة محاطاً بضوء ساطع قوي.

 

تنظيم الحياة اليومية بحكمة!

 

ماذا يساعد للتخلص من اكتئاب الشتاء؟ مَن يصاب بهذه العلة عليه أن يأخذها بمأخذ الجد. فكيف يمكن الحماية منها؟ كثيرون بحلول فصلي الخريف والشتاء يتألمون نفسيا من ثقل هذا الوقت المسمى إزعاج العاطفة الفصلية، ميزتها أنها ليست فقط تسبّب الشعور بتعب وهبوط في القوى، بل باكتئاب ثقيل، والخمول وعدم التركيز. أضف إلى ذلك عوامل أخرى لا تذهب إلا بعلاج ملائم سواء نفسيا أو طبيا. وحتى بعد هذه المستلزمات يمكن للاكتئاب أن يعود بعد فترة قصيرة، هذا وكثيرا ما يأمر الطبيب بأسابيع نقاهة، بل وهناك بعض الممارسات للتخفيف من حمله.

 

فبعد الخبرة، من الممكن لعدم الوقوع المتكرر فيه، ضرورة اللجوء إلى معالجة سابقة لحلوله ألا وهي إما الجلوس طويلا حول ضوء قوي، او علاج نفسي، أي باستشارة طبيب العلم النفسي أو أيضا الطبيب الجسدي، الذي يمكن يأمر بأخذ بعض الحبوب المضادة للاكتئاب. هذه العلاجات لا يكفي أن تكون قصيرة الأمد، أي فقط بحال الشعور بالاكتئاب، بل بأسابيع قبل بدايتها لتأتي بمفعولها المُرتقب. خاصة إذا كان هذا الواقع يتكرر سنة بعد سنة فلا بد يقول العلم من علاج تحضيري بعيد الأمد لتحاشي الوقوع فيه. أهم علاج بالضوء لفترة سابقة وأثناء الوقوع فيه، مثلا عند الاستفاقة من النوم رأسا إشعال ضوء قوي في الغرفة في هذا الفصل القليل الضوء من السنة، من نصف ساعة إلى ساعة جلوس أمامه.

 

كذلك الحركة والمشي هي وسائل ناجعة لمكافحة الكآبة. وفي مسار النهار ينصح الأطباء بتنظيم نمط الحياة بحكمة، مثل الاختلاط بالناس لا بالانعزال عنهم، ثم ممارسة أنواع الرياضة والتنزّه في الهواء الطلق.

 

وآخيرا وليس آخرًا، استغلال كل فترة استراحة في اليوم بالتمتع بالجلوس مع أفراد العائلة في الهواء الطلق ومناغشة الأطفال الذين يجلبون مناسبات عديدة للفرح والانبساط بملاعبتهم ومراقبة تصرفاتهم، فهم بتصرفاتهم يُنسُون التفكير بالحزن والكآبة.