موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ١٧ فبراير / شباط ٢٠١٥

أحلام الطفولة بين الواقع والخيال

بقلم :
يارا البوالصة - الأردن

أنا طفل.. طفولة تلطخت بالدماء وذكريات شوهت بين سواد الرماد وأصوات الصواريخ والبكاء، أفكارنا باتت أفكار الكبار تتكرر في عقولنا لكننا لا نفهم منها أي شي فقد باتت عقولنا ترددها دون وعي وكأنها ستجلب لنا ما فقدناه من أم ووطن. ألعابي باتت شظايا الصواريخ ورفيقة دربي أصبحت تلك الأطراف الصناعية فماذا تريدون بعد! اتركونا نعيش طفولتنا! فلم يعد في عقلي مكان لأحلامي الوردية تلك التي رافقتني منذ ولادتي.. اتركونا فقد شوهتوا طفولتنا، تحولنا إلى وحوش داخلها حقد وثأر كبير، باتت أهدافنا تعلم استخدام السلاح لنقتل وندمر، حتى النوم أصبح شبح يهددنا كل ليلة فما أن أضع راسي على الوسادة يمر شريط الألم والوجع والذكريات السوداء فاستفيق سريعاً من النوم لكي لا يتكرر المشهد الذي حاولت جاهداً أن انساه.. مشهد صراخ أمي، مناظر الدم والسلاح. استفيق كل صباح وأجلس عند باب تلك الخيمة التي يعصف بها الهواء، وأحلم بذلك اليوم يوم أحقق فيه أحلامي، فما تخطى تفكير البشر المحدود يلمع الأمل في مخيلتي بأنه من الممكن أن التقي أمي مرة أخرى من الممكن أن ترجع من الموت فلا شي مستحيل. تأخذني الأحلام، وأنا بنفس المكان، وتكرر الأحلام كل يوم، بالتفاصيل ذاتها، حتى استفقت اخيراً وأدركت بأن الأحلام حتى حرمت منها وبأن حياتي قد توقفت على أيدي إرهابين حرموني الحب جعلوني وحيد. أنا لم أعد طفل، أفكاري ليست بأفكار أطفال، عقلي يردد ما هو غريب، أنقذوني وأنقذوا الطفولة، أعيدوا لي براءتي التي سرقتموها مع ألعابي، تحملت مسؤولية كبيرة فانحنى بها ظهري الصغير وما عدت أتطلع للأمام، فنظري بالأرض التصق، فلا يوجد ما أشاهده، فالجمال قد شوهه السواد، والضحكات استبدلت بالبكاء والصراخ، فالأفضل لي أن الصق نظري بتلك الأرض التي على الأقل تذكرني بمكان أمي. فيا أطفال العالم استفيقوا وأنقذونا، أنقذوا طفولتكم، فالكبار قد أغرقتهم الأرض وما فيها، استغلوا ضعفنا وتلاشت عن أعينهم مأساتنا وآلامنا.. فأنقذوا الطفولة، ولتكن حياتنا مشاهد يتخللها الطموح لعيش مستقبل أفضل نرسم فيه أحلامنا الكبيرة، ونشد العزيمة على بناء وطن المحبة والسلام.