موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
عدل وسلام
نشر السبت، ٢٨ فبراير / شباط ٢٠١٥
سميح المعايطة يكتب: "لهذا يقتلون المسيحيين"

سميح المعايطة :

رغم أن فكر وممارسات عصابه داعش يقوم على القتل وصناعة الرعب بالأساليب الوحشية ضد كل الآخر، مسلمين وغير مسلمين، الا ان لديهم قناعة بضرورة ممارسة القتل والاجرام بحق المسيحيين وبشكل مُلفت مع مرافقة هذا بصخب إعلامي اكبر، ويفضلون ان تكون هناك فرص يكون فيها الضحايا من المسيحيين سواء كانوا من حملة الجنسيات الغربية او من أبناء امتنا العربية.

وهذا الإصرار على الإجرام بحق أتباع عيسى عليه السلام ينبثق من قناعة فكرية ودينية لدى هذه العصابة بضرورة القيام بأعمال تستدرج الغرب بقواته الى المنطقة لتكون الحرب معهم تحقيقاً لقناعات لديهم بأن هذا مفتاح النصر للإسلام وتحقق بعض ما يؤمنون انه سيتحقق بعد قتال الغرب.

ويعتقد هؤلاء ان قتل المسيحيين يستنهض همم الغرب دفاعاً عن المسيحيين من كل الجنسيات ولهذا رأينا ما تم في العراق بحق مجموعات من المسيحيين من تشريد وفرض الجزية وحتى عمال الإغاثة والصحفيين الذين تم ذبحهم خلال الشهور الماضية فهم أجانب وأيضاً مجزرة الأقباط المصريين وآخر الأمر ما كان بحق الآشوريين السوريين، فضلاً عن استهداف الكنائس وغيرها.

لكن الغريب أن هذا الاعتقاد الديني لدى هذه العصابة ينسى أن الجيل الثاني من الفكر المتطرف والتكفيري واجه الغرب في حروب في منطقتنا في زمن ليس بعيد، فالجيش الأمريكي ومعه جيوش أوروبية احتلت العراق قبل حوالي عشر سنوات وجاءوا إلى بلادنا ولم تتحقق نبوءتهم التي يتحدثون عنها اليوم. وقبل العراق كانت جيوش الغرب وعلى رأسها الجيش الأمريكي تدخل أفغانستان وتواجه الجيل الأول من تنظيمات التطرّف من القاعدة وطالبان ولم تتحقق نبوءاتهم، وأيضاً هنالك الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين منذ عشرات السنين ودمهم عزيز على الغرب فلماذا لم نر جهاداً ضد عدو صارخ محتل يقتل من أبناء الأمة ويحتل المقدسات، ولو حدث الجهاد والذبح بالمحتل لجاء الغرب، لكن الإصرار على أن النبوءات والتوقعات الدينية باستدراج الغرب إلى المعركة الكبرى لا يتم إلا بقتل المسيحيين العرب وتشريدهم وتدمير الكنائس أمر لا يثير الاستغراب بل الشبهات.

لم تتحقق المعركة الكبرى بين الإسلام والغرب عندما جاءت جيوش الغرب إلى العراق وافغانستان ولن تتحقق بقتل أقباط مصر ولا مسيحيي العراق أو سوريا لأن من يريدهم الله تعالى لنصرة دينه وإعادة عزة الأمة ليسوا من حملة مواصفات هذه العصابة واخواتها، عباد الله ليسوا أدوات بأيدي دول واجهزة مخابرات توجههم وتستغل سطحية تدين بعضهم وشهوات القتل وحب الظهور لدى بعض اخر، ويخدمون هذه الدولة تارة وتلك الدولة تارة اخرى.

عُبَّاد الله الذين يعيدون العزة للامة ليسوا من يختزلون الإيمان والإسلام في تنظيم ويخرجون كل الامة الى دائرة الكفر والردة، يشوهون صورة الدين حتى لدى المسلمين، يستحلون كل الدم، يتحركون بفكر العصابة وليس فكر حملة الرسالة.

أي عز ونصر سيعود للامة بقتل أقباط مصر العرب ومسيحيي العراق وسوريا، وهل كانت انتكاسة الامة وهزيمتها لانها لم تقتل أقباط مصر والمسيحيين في العالم العربي، ام لأن الدين احتكرته تنظيمات بفهم شاذ وَمِمَارسات رسمت صورة للدين على انه سكاكين للذبح وأقفاص للحرق!!

يستطيع أي تنظيم ان يذهب في شذوذه الفكري أينما أراد لكن لا تربطوا بين الاجرام وإعادة العز للدين، فَلَو كان هذا هو نهج الاسلام لما علمنا الرسول الكريم عن امرأة دخلت النار لانها حبست قطة لم تطعمها ولم تتركها تأكل من الارض، ولما كانت وصية الرسول ومن بعده من الخلفاء للجيوش بأن لايقطعوا شجرة ولا يقتلوا راهبا.

لقد جئتم بالغرب الى أفغانستان ولم تتحقق توقعاتكم، وجاء الغرب الى العراق ولم يحدث ما تتحدثون عنه فلا تبرروا اجرامكم بحق الأبرياء من مسلمين ومسيحيين بانه استدراج للغرب لهزيمتهم وإعادة عز الاسلام.