موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
عدل وسلام
نشر الجمعة، ١٨ أغسطس / آب ٢٠١٧
المطران باسيليوس يلدو يكتب حول الوصية الخامسة: لا تقتل

المطران باسيليوس يلدو :

اغلب الناس يعتقدون ان القتل هو القتل الجسدي فقط! ولكن هنالك انواع اخرى من القتل (الانتحار، الاجهاض، الموت الرحيم، اللعب بالعواطف، الكلام الجارح،…الخ).

من خلال الكتاب المقدس نرى ان الله لا يطيق رؤية الدم البريء مسفوكًا بلا ذنب، إذ يقول لقايين: "صوت دم أخيك صارخ من الأرض" (تك 4: 11)، ولا يحتمل حتى سفك دم الشرير، إذ يقول: " كل من قتل قايين فسبعة أضعاف ينتقم منه، وجعل الرب لقايين علامة لكي لا يقتله كل من يجده" (تك 4: 14-15). تظهر كراهيته ايضاً لسفك الدماء من خلال قوله لداود النبي الذي كان محبوب لديه: "قد سفكت دمًا كثيرًا وعملت حروبًا عظيمة، فلا تبني بيتًا لاسمي" (أي 22: 8).

ولكن الله الذي أوصى بعدم القتل صرح به بالنسبة للزناة (لا 20: 10-16)، وللقاتل نفسه (خر 21: 14)، ولضارب أبيه أو أمه أو شاتمهما (خر 21: 15، 17)، ولكاسر يوم السبت (خر 31: 15)، والمجدف على اسم الرب (لا 24: 16)… وأمر به في بعض الحروب مع الوثنيين. هذا كله نراه في العهد القديم، إذ لم يكن يستطيع الإنسان أن يميز بين الخاطئ والخطيئة. اما في العهد الجديد نرى مع يسوع مفهوم روحي جديد اذ لم يعد القتل عقوبة للخاطئ، إنما يلزم خلاصه من الخطيئة.

لقد كان قايين أول قاتل في التاريخ اذ قتل أخاه هابيل. لكن دماء هابيل كانت تصرخ إلى الله من الارض. لا يمكن أن تمر جريمة بلا عقاب، فالقاتل غالباً ما تفضحه جرائمه. فهذه الوصية "لا تقتل" تتضمن أيضاً النهي عن كل ما يسبب الجريمة كالغضب والطمع والحسد والكراهية.

نلاحظ ازدياداً في عدد الأشخاص الذين يفشلون في التكييف مع واقع الحياة، يلجؤون إلى الأدوية والكحول والمخدرات، فيتعودون عليها وتغريهم فتقودهم إلى الانتحار البطيء وتدمير الذات والموت، وذلك على عكس ما تَعدهُم به. فالاستخدام الطبي للمهدئات والمخدرات جائز أخلاقياً على أن لا تصل بهم الحالة إلى وضع لا يعود فيها الإنسان سيد قواه العقلية، ويصل الى حالة اليأس والفشل. فالإيمان المسيحي يمنح الرجاء الذي يحرر من الخوف واليأس والفشل، من خلال الرجاء بيسوع المسيح.

لا يحق لنا التصرف بالحياة الإنسانية تصرفاً مطلقاً، في أية مرحلة من مراحلها، اذ من حق الإنسان أن يموت بكرامة. فالميتة الميَسرة أو الأوتانازيا، أمر غير مقبول خلقياً. في حين ممكن التخلي عن استخدام الوسائل القادرة على إطالة الحياة لمدة ما والتي لا تسهم إلا في إطالة آلام لا تطاق. فيُترك المريض كي يموت بكرامة ولكن شرط دون أي تدخل يسبب الموت، والذي يسمونه "القتل الرحيم"، أي التدخل المباشر الذي يقود الى الموت. الانسان يحتاج الى ان يحترم ويقدر حتى في موته.

الحياة هي عطية من الله وهي مستندة عليه ومرتبطة به من بدايتها حتى نهايتها.