موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢٦ فبراير / شباط ٢٠١٩
’الحوار لغتنا والوئام هدفنا‘.. حوارية في الجامعة الأميركية في مادبا

مادبا - أبونا :

بمناسبة اسبوع الوئام بين الاديان، استضافت عمادة شؤون الطلبة في الجامعة الأميركية في مادبا، حوارية بعنوان: "الحوار لغتنا والوئام هدفنا"، رعاها رئيس الجامعة الاستاذ الدكتور نبيل أيوب، وتحدث بها كل من مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام الأب الدكتور رفعت بدر، ومندوب المعهد الملكي للدراسات الدينية الدكتور وجيه قانصوه، والناشطة في مجال التدريب والعمل الاجتماعي السيدة تهاني روحي.

وبيّن الدكتور أيوب في كلمة الترحيب بأن الله تعالى أراد للبشر أن يعيشوا في بيئات متعددة، إلا أن ذلك لا يمنع أن يكون التعاون والتعاضد بين الناس بالرغم من اختلافه العرقي والديني.

وقدّم الأب بدر الشكر لأسرة الجامعة على استضافتها هذا اللقاء الهام، لافتا إلى أن العالم قد شهد خلال العقدين الماضيين تيارين، الأول تيار يدعو الى ما اسماه "سخافة الإلغاء"، وينظر أتباعه إلى الآخر المختلف، سواء عرقيًا أو قوميًا أو دينيًا، بوصفه عدوا يجب نفيه عن الوجود. في حين يدعو التيار الثاني إلى "ثقافة اللقاء" مع الآخر، وأكد بان أتباع هذا التيار لا ينظرون الى الاختلاف بانه خلاف، إنما هو احترام لمشيئة الله تعالى في التنوّع والتعددية بين جميع مؤمنيه والعابدين له تعالى، وبالتالي غنى للأسرة البشرية يمكن على أساسه إنشاء قاعدة للتعاون وللتضامن من أجل مستقبل أفضل للجميع.

وثمّن الأب بدر في هذا السياق دور الأردن، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، والمبادرات السبّاقة لدعم تيار ثقافة الحوار واللقاء. كما شدد في مداخلته على أهمية الحوار في حياة الإنسان، وعلى مبادىء التآخي والعيش المشترك والتفاهم لكي يعيش مع أخيه الآخر بوئام وسلام وتعاون وتضامن، مؤكدًا أن مفهوم الإنسانية هو الركيزة الأساسية لثقافة اللقاء والتقبّل والانفتاح. وأشار على أهم ما ورد في وثيقة الأخوة الانسانية التي وقّعها كل من البابا فرنسيس وشيخ الأزهر أحمد الطيب في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث شددت على أنه "إما أن نبني المستقبل معًا أو لا مستقبل سيبنى".

أما الدكتور قانصوه فلفت بصفته ممثلا للمعهد الملكي إلى أن "القول بأن العالم يسير باتجاه أن يكون قرية صغيرة، أو عالمًا مسطحًا لم يعد وهمًا أو خيالاً، إنما حقيقة؛ فالشعوب تتقارب فيما بينها، وحواجز الجهل ترفع تدريجيًا، وتداخل الثقافات بات حقيقة، بحيث لم نعد نشهد تعدد حضارات بل حضارة واحدة. وهذا يعني أن هذه الأنا باتت تدرك نفسها بصفتها جزء من حقيقة أوسع تقول نحن نحيا معًا".

وأشار إلى أن "دائرة المعية الإنسانية لا تقف عند حد الاجتماع المولد للهوية الخاصة، والانتماء الوطني، والانتظام السياسي العام. فالحضارة البشرية الشاملة التي توحد البشرية آخذة بالتكون. وصحيح أنها ما تزال في بداياتها، إلا أنها تستلزم تفكيرًا جديدًا في مصير البشرية، والنظر إلى البشرية من فاعل بالمحصلة إلى فاعل بالفعل يحتاج إلى معنى".

وشدد قانصوه على أن "المعية الإنسانية، ليست شيئًا يضافًا إلى بشريتنا أو إنسانيتنا، بمعنى أننا لسنا بشرًا ثم نعيش معًا ونحيًا معًا، بل بمعنى أن بشريتنا وإنسانيتنا تتحقق بالمعية الإنسانية. لا معنى لوجودنا من دون الآخر والآخرين من حولنا، ولا إنسانية إلا ضمن بشر من حولنا. هذا يعني أن الأنا المركزية المتفوقة هي فكرة وهمية، والثقافة الفائقة على باقي الثقافات هي فكرة عنصرية، والمعتقد الذي يعتقد أصحابه أنهم ينالون حصرًا الخلاص أو النجاة لوحدهم، هو معتقد إقصائي يحتاج إلى إعادة نظر. نحن لا نتحقق داخل عالم المعية الإنسانية، بل إن حقيقتنا هي حقيقة معية إنسانية".

من جهتها، لفتت الناشطة في مجال التدريب والعمل الاجتماعي السيدة تهاني روحي بان العلاقة مع الآخر لا يمكن أن تؤدي دورها المنشود، إلا إذا تأسست على قاعدة احترام متبادل بين الأطراف المتحاورة، لأن الهدف ليس السعي وراء الاتفاق الكلي، وإنما هو ربط العلاقات مع الآخر لإثراء الفكر، وتمهيد طرق التعاون المثمر في شتى مجالات الحياة، وترسيخ قيم التسامح، بالبحث الجاد عن القواسم المشتركة، التي تشكل الركيزة الأساس للتعاون الفعال بين الأمم والشعوب.

وأضافت بأن نشر ثقافة الوئام هو واجب كل شخص، ولا يمكن أن نكون متفرجين، بل علينا ان نساهم في المساعدة لنشر هذه الثقافة. والسؤال كيف يمكن ان نرعى بيئات يمكن ان ينمو فيها الاطفال دون ملوثات من شتى انواع التعصب، وكيف نضمن المساواة ما بين الرجال والنساء في شؤون وطنهم، ونحتاج لبرامج تعليمية تشمل اتفاق العلم مع الدين وترحب بكل من يريد أن يساهم في تطور مجتمعة، وان يهب الشباب الملتزمين بإقامة مجتمع قائم على ترسيخ قيمة المواطنة والعدل، باشراك اقرانهم ممن يماثلونهم بالفكر ببناء مجتمعات على هذا الاساس بصرف النظر عن المعتقد والثقافة والطبقة، ويدخلون في محادثات جادة في كيفية تحقيق الصلاح الروحاني والرفاه المادي من خلال تطبيقهم لتعاليم دينهم.

وفي نهاية الحوارية وجه الطلبة المشاركون العديد من الاسئلة والتي فتحت بابًا آخر للحوار والنقاش. وفي الختام أثنى عميد شؤون الطلبة الدكتور إيهاب صوالحة على الضيوف والحضور، ولفت إلى أن هذه الحوارية ستكون واحدة من سلسلة حواريات مستقبلية تنظمها عمادة شؤون الطلبة. وقام رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور نبيل أيوب بتكريم المتحدثين مبينا ان الجامعة التابعة للبطريركية اللاتينية تسعى دائما الى تكثيف النشاطات التي من شانها اعلاء المحبة وتعزيز العيش المشترك في داخل الوطن الواحد.