موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ١٧ يونيو / حزيران ٢٠١٦
ويبقى الكبار كباراً.. من أجمل ما كتب الأب يعقوب حجازين

عمّان – جريدة الرأي الأردنية :

يسترجع موقع أبونا في ذاكرته المقال الذي كتبه الراحل الأب يعقوب حجازين، في جريدة الرأي الأردنية، بتاريخ 23\9\2006، تعقيباً على مقال للكاتب عبد الهادي راجي المجالي بعنوان: "الحب والصليب". وفيه يختزل كل رؤاه الأردنية الوطنية المسيحية:

ويبقى الكبار كباراً

يوم الثلاثاء الماضي كان يوم الرأي بامتياز... ومع جل تقديري ومحبتي لفرسانها كافة... كانت اسلاك الهاتف الثابت، واثير الهاتف النقال، تنقل حشرجات عشرات من ابناء الرعية... وممن اعتادوا الصلاة في الكنيسة من جنسيات عربية وكادت دموعهم ان تلامس مسمعي... وهم يسألون هل قرأت الرأي... هل قرأت ما كتبه المجالي... تحت عنوان «الحب والصليب» اجبت.. لم اقرأ الرأي بعد ولكنني وانا ابن الاردن وابن الكرك، ادرك سلفا ماذا يمكن ان يكتب تحت عنوان «الحب والصليب».

فالاردنيون.. كل عشائر الاردنيين المسلمة والمسيحية، مدارس في المحبة ومؤسسات الاخاء والتوحد والايمان والتوحيد.. ففي ضمائرنا وقلوبنا، وحضارتنا وتاريخنا، كان الهلال والصليب توأمين.. سارا في بوادينا واريافنا ومدننا.. وسرنا خلفهما.. حاملين ذات المشاعل مقتسمين رغيفنا. مصنوعا من حنطة حوران او شيحان، بذرنا بوادينا.. وحصدناها بتراحمنا.. وطحناها بتآخينا، وعجنتها وخبزتها امهاتنا معاً.. كان ولا يزال همنا واحداً.. وفرحنا واحداً.. وطموحنا واحداً.. وسيفنا واحداً.. وغصن الزيتون واحداً.. وايماننا واحداً. سرنا معاً، تظللنا سماء الاردن... هذا الوطن الاجمل المزين باجمل ميثاق شرق عرفته البشرية الا وهو «العهدة العمرية» هذا الوطن الذي يتوسطه الهاشميون.. عموداً لخيمة وحدتنا الوطنية وستبقى باذن الله وطن المحبة.

ظني ان الغالبية من ابناء اليوم لا يعملون من ادخل الكنيسة الكاثوليكية الى جنوبي الاردن.. ومن ثم من تكفل بحماية رهبانها وراهباتها وكنائسها ومدارسها ومؤسساتها، قبل تأسيس امارة شرقي الاردن. يجيبنا على ذلك التاريخ الكنسي.. فبناء على طلب تقوم به بعض مسيحيي مدينة الكرك الى الشيخ محمد المجالي بان يتوسط لدى بطريرك القدس، لارسال كاهن يقوم على رعايتهم وخدمتهم دينا. ارسل الشيخ محمد المجالي رسالة للبطريرك بذلك عام 1856 فكان له ما اراد. ومن عام 1900 وبناء على طلب احد الكهنة الكاثوليك لجمع شتات مسيحيي بادية الكرك. تبرعت عشيرة المجالي بقرية السماكية لتصبح بعد ذلك مسقط رأس عشيرتي الحجازين والعكشة. وقد قدمت عشيرة الحجازين لفلسطين الحبيبة سبعة شهداء في معركة باب الواد عام 1948 وعلى اسوار القدس عام 1967، فروا بدمائهم الزكية ترابها الطهور.

نحن نؤمن بايماننا المسيحي ان قداسة بابا روما، معصوم عن الخطأ ايمانيا وعقائديا، ولكنه كانسان، قد يخطىء وقد يصيب، والكمال لله وحده جل وعلا. لكن لن نستطيع ان نضع رؤوسنا في الرمال ونتناسى كلمة البابوات العالية لاسماع صوت الحق والعدل والسلام للبشرية جمعاء. ثم ان العالم كله يشهد بوقفة الاردن وقيادته الهاشمية الاخلاقية انتصارا للاسلام خلال الاساءة الدنماركية لنبي الاسلام، والعالم العربي والاسلامي يعلم تشجيعه للحوار بين الاديان، كما نعرف ان مؤسسة الفاتيكان تنأى بنفسها عن صراعات طائفية او عرقية او انحيازها لعرق او جنس او مذهب، ولقد اعتادت الكاثوليكية، ان تكون النموذج الامثل في التعاون مع بقية الاديان وخاصة الاسلام، كرسالة سماوية اخلاقية ايمانية، ويعلم اخوتنا المسلمون ان بابا روما لا يعلم الحقد والكراهية للشعوب لان تعاليم اسلافه تحث على السلام والمحبة بين الشعوب، واذا كانت عكس ذلك تخالف ايماننا المسيحي الواضح والصريح والقائل: «من يدعي انه يحب الله الذي لا يراه، وهو لا يحب اخاه الذي يراه، فهو كاذب وقاتل، وليس لقاتل او كاذب حياة في ذاته.