موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢٦ فبراير / شباط ٢٠١٣
هل سيظل بندكتس يدعى بابا؟

ترجمة الفرد عصفور :

الأسقف بابروكي ينقب في القانون الكنسي بحثاً عن إرشاد بشأن ما يمكن أن يدعى به الأب الأقدس بعد الثامن والعشرين من شباط وكيف يمكن توصيف قراره بالتنحي. (بقلم جوان فراولي دزموند، كبيرة محرري صحيفة ناشونال كاثوليك ريجستر في سبيرنغفيلد، ايلينوي - الولايات المتحدة الأميركية).

بعد أن أعلن البابا بندكتس السادس عشر أنه سيستقيل نشأ جدال سريع بشان المفردات المناسبة التي تصف قرار البابا المذهل: فهل سيتنازل؟ يستقيل أم يتنحى عن منصبه؟ وماذا سيدعى بعد أن يدخل مرحلة حياته الجديدة في الصلاة والدرس؟

الأسقف توماس بابروكي، أسقف سبرينغفيلد بولاية ايلينوي الأميركية، وهو محام قانوني، تدخل في النقاش وقدم ثمرة تحليله فما يختص بالوصف القانوني المناسب لقرار البابا والاسم والصفة الأنسب التي سيستخدمهما بعد استقالته.

الأمور لم تستقر بشكل نهائي بسبب طبيعة هذا القرار التاريخي. وبحسب بيان الأسقف بابروكي فلم يحدث أن ترك بابا منصبه حياً منذ ما يقرب من ستمائة سنة، وفي هذا البيان يقدم بابروكي انطباعاته القانونية بشأن التوصيف المناسب.

أرسل الأسقف ملاحظاته وقراءاته في تعميم قانوني ووافق على نشر انطباعاته هذه في صحيفة ناشونال كاثوليك ريجستر.

يقول الأسقف: ما يبرز إلى السطح هنا ومن خلال النقاشات أن كلمة بابا لا تظهر أصلاً في مدونة القانون الكنسي.

ففي المادة رقم 331 التي توصف المنصب الذي يتبوأه البابا نجد عدة توصيفات له: أسقف روما، خليفة القديس بطرس، رئيس مجمع الأساقفة، نائب المسيح، راعي الكنيسة العالمية. وثمة قوانين أخرى تعطينا الاستعمال الأكثر شيوعاً لمنصب الخدمة البطرسية عبر هذه المدونة: الحبر الروماني.

فلا عجب إذاً، كما يقول الأسقف بابروكي، أن بندكتس لم يستخدم كلمة بابا في أي مكان في كتاب استقالته.

في نص استقالته أعلن البابا أنه سيتنحى عن خدمته كأسقف روما، وخليفة القديس بطرس التي أوكلت إليه من قبل الكرادلة في التاسع عشر من نيسان عام ألفين وخمسة، وبهذا فإنه اعتباراً من الساعة الثامنة مساءً يوم الثامن والعشرين من شباط 2013 فإن كرسي روما، كرسي القديس بطرس، سيصبح شاغراً، وسيدعى مجمع لانتخاب الحبر الأعظم.

لقد وقع البابا كتاب استقالته باسم البابا بندكتس السادس عشر، ويوضح بابروكي أن هذا ببساطة يعني أنه البابا السادس عشر الذي يحمل اسم بندكتس وهي حقيقة تاريخية لن تتغير أبداً.

مصطلح للتحبب

يقول الأسقف بابروكي أن على الكاثوليك أن ينظروا إلى كلمة بابا كلقب شرفي أو حتى كوصف ودود أو توددي (بابا بالايطالية) وهي ليست صفة لأي منصب كنسي.

وهكذا كما يصف الكاثوليك الكاهن بكلمة أبونا حتى وان استقال من منصبه الراعوي فإن الايطاليين سيواصلون مناداة البابا بندكتس بلقب البابا بندكتس حتى بعد أن يترك المنصب كأسقف روما، بحسب بابروكي الأسقف الذي عاش في روما ثلاث سنوات ونصف يدرس القانون الكنسي.

يضيف الأسقف بابروكي أنه لا يعتقد بأن الناس سيجدون صعوبة كبيرة في تهيئة آذهانهم لوجود بابا لم يعد حبراً رومانياً وأسقف روما. وفي المخاطبة المباشرة لن تكون إلا بعبارة صاحب القداسة وليس أي عبارة أخرى.

وأضافة إلى كل هذا، يقول بابروكي أنه من المناسب جداً أن نعلم ما الذي يرغبه البابا بندكتس نفسه أن يدعى بعد الثامن والعشرين من شباط وآمل أنه سيخبرنا برغبته.

وبينما قال بعض الخبراء أن البابا يجب أن يدعى بالكاردينال راتزينغر بعد استقالته رسمياً، فإن الأسقف بابروكي لا يرى أن هذا المصطلح يبدو صحيحاً أو مناسباً.

يقول بابروكي: لو كان استقال قبل بلوغه سن الثمانين، وهو العمر الذي لا يمكن لمن بلغه أن يشارك في المجمع الانتخابي، فلا أعتقد أن عليه أو يجب عليه أن يضع القلنسوة الحمراء على رأسه ويدخل المجمع الانتخابي في كنيسة سيستين ليصوت لمن سيخلفه.

على ذلك، ففي الساعة الثامنة مساء بتوقيت روما، يوم الثامن والعشرين من شباط 2013، فإن البابا بندكتس السادس عشر سيكون له هوية جديدة علينا أن نألفها: صاحب القداسة، يوسف راتزينغر، البابا بندكتس السادس عشر، الحبر الأعظم الروماني السابق، أسقف روما الفخري.

الاستقالة

لكن تبقى هناك مشكلة في كيفية وصف قرار البابا في الاستقالة من الخدمة البطرسية.

تقدم الترجمة الانجليزية الرسمية للقانون الكنسي كلمة renuntiatio في القانون الكنسي مادة رقم 332 فقرة 2 على أنها استقالة. تقول المادة على أنه: يجوز للحبر الأعظم تقديم الاستقالة عن أداء مهامّه، شرط أن تكون بمحض إرادته، وأن تعلن بشكل ظاهر، وألا ينتظر موافقة أحد عليها.

وبناء على ذلك، يشير الأسقف بابروكي إلى أن كلمة "استقالة" هي أكثر الترجمات دقة في هذا السياق، أكثر من كلمة "يتخلى"، وبالتأكيد أدق من كلمة "يتنازل"، وهي كلمة يستعملها الملوك عادة عند التنازل عن العرش.

بالنسبة لأولئك الذين وجدوا غضاضة في أن البابا بندكتس يستقيل من دون أن يقدم تلك الاستقالة أو يوجهها لأي كان، يقول الأسقف بابروكي أن القانون الكنسي يقدم الإرشاد التالي بالنسبة للاستقالة النافذة: أن القرار يجب أن يتم بحرية ويعبر عنه بوضوح ولا لزوم لقبولها من أي كان.

ولكن لماذا استخدم البابا بندكتس تعبير renounce في بيانه شباط لإعلان قراره غير المتوقع؟

يقول الأسقف بابروكي أن هذه الكلمة renounce باللغة الانجليزية هي الترجمة الحرفية، وإن كانت ليست الأكثر دقة لكلمة renuntiatio اللاتينية المستخدمة في السياق.

وبما أن البابا يكتب ويتحدث باللاتينية فإن الأمر متعلق بالترجمة. ثمة فقرات أخرى في القانون الكنسي تتعلق بتخلي الأساقفة والكهنة عن مناصبهم تستخدم الكلمة نفسها، ولكننا لم نسمع أبداً عن أسقف يرسل كتاب تخلي عن منصبه عندما يبلغ الخامسة والسبعين أو راع يتخلى عن منصبه.