موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢ يوليو / تموز ٢٠١٦
من "البطريركية" إلى "المدبرية"

د. عودة صويص - الفحيص :

<p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><em>... خاطرة فرضت ذاتها عنوةً، بعد أن استطاعت أن تخلق حالة إزدحام للأفكار والتساؤلات في ذهنيّة كل من يحمل الهمّ المسيحي...</em></span></p><p dir="RTL">جديد هو على شرقنا ذاك التعاطي مع مصطلح &quot;مدبر&quot;، وكأننا نتحدث عن مرحلة إنتقالية هدفها تصويب الأوضاع، قبل أن تستقر تسمية البطريرك أو المطران الأصيل. فقد أضحى استخدام هذا المصطلح انعكاساً لخلفية سلبية، أو أداء ضعيف استوجب الضبط، ورفع سوية ممارسات الموقع القيادي الكنسي.</p><p dir="RTL">فمصطلح &quot;المدبر&quot; بات مرادفاً لحالة إنقاذ ما يمكن إنقاذه. واللافت أن هذا &quot;المدبر&quot; لا يكون أردنياً، لا بل من الأفضل ألا ينتمي إلى العروبة، وكأن صفة التدبير والإنقاذ باتت ملتصقة بما هو غير عربي، لإنقاذ ما عبثت به الأيدي العربية.</p><p dir="RTL">وقد يؤول هذا الحال إلى تكريس مسميات جديدة، مثل &quot;مدبرية الروم الكاثوليك الملكيين في الأردن&quot;، و &quot;مدبرية اللاتين في القدس&quot;. ونحمد الله أن الأمر لم ينسحب بعد على مدبرية الموارنة، أو مدبرية الكلدان! ولا ندري إذا كانوا على طريق المدبرية أم لا!.</p><p dir="RTL">وللأمانة التاريخية نوثّق المرحلة المدبرية، لنقول أن إنتقال مطرانية إلى مدبرية حدث عام 2015، وأن إنتقال بطريركية إلى مدبرية حدث عام 2016، وكأن الأردن شكّل فاتحة هذا الخيار الإستراتيجي في الإصلاح الكنسي.</p><p dir="RTL">ومما يذكر أن ذهاب بطريرك أو مطران، ومجيء &quot;مدبر&quot; لا يفتح أي حالة نقاشية، وكأنه خطوط حمراء خارج منطق التداول، مثلما هو خارج أي مسوغات أو مبررات، وأن أي مجتهد لديه ملكة &quot;قراءة الممحي&quot; من أبناء الأبرشية &quot;الرعية&quot; لا يملك حق انتقاد &quot;المدبرية&quot;، أو حتى امتداحها، وذلك حتى لا يكون مديح الخلف انتقاص من السلف. وبالتالي على من يملك البصر والبصيرة من أبناء الأبرشية أن ينضم إلى جموع مستقبلي ومتلقي المعلومة فقط، باعتبار أن منطق ممارسة النقد البنّاء، والذي هو نقطة ارتكاز عملية الإصلاح، لا زال خارج قاموس البطريركية.</p><p dir="RTL">واللافت هنا أن الظروف والمعطيات التي فرضت قرار &quot;المدبرية&quot; لا بدّ وأن تكون ظروف استثنائية غير مسبوقة أوجبت هذا الإستثناء، وأن هذه الظروف والحيثيات تتطلب حالة متقدمة من الوعي والدراية وحالة نقاش على آفاق رحبة من الديمقراطية والإنفتاح والشفافية بين القيادة الروحية والجسم الإكليريكي والرعية.</p><p dir="RTL">فهل يعقل أن مقررات المجمع الفاتيكاني الثاني الذي عُقد في الستينيات من القرن المنصرم لم تصلنا بعد؟، مع أن هذا الشرق المتآكل في حضوره، والآيل إلى أطلال كنائس حجر، بعد ضمور كنائس البشر، هو الأمسّ حاجة لأن يتنسّم رياح مقررات هذا المجمع!.</p>