موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢٩ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠١٧
مقابلة مع البطريرك ثيوفيلوس الثالث: البابا يقف معنا بشأن الوضع الراهن

حاوره جاني فالينتي ، ترجمة: منير بيوك :

<p dir="RTL">شكل الاجتماع الأخير بين البطريرك ثيوفيلوس والبابا فرنسيس مرحلة خاصة في &quot;جولة&quot; يقوم بها رئيس الكنيسة الأرثوذكسية في القدس بين القادة السياسيين والدينيين في جميع أنحاء العالم، التي لا تجري على أساس شخصي ولكنها تتم نيابة عن جميع زعماء الكنائس الموجودة في الأرض المقدسة. إنها الرغبة المعلنة لزيادة وعي الجميع بما وصف بأنه محاولة لكسر القوانين المقننة التي حكمت لقرون عدة حياة المجتمعات المسيحية في الأرض التي ولد فيها يسوع وعاش. وهي &quot;حملة&quot;&nbsp; قد تصل في المستقبل إلى بوتين وترامب.</p><p dir="RTL"><strong>لقد طلبت مؤخرًا عقد لقاء مع البابا فرنسيس وحصلت على ذلك. ماذا تريد أن تقول لأسقف روما؟</strong></p><p dir="RTL">&quot;التقيت البابا فرنسيس نيابة عن جميع قادة الكنائس والمجتمعات المسيحية في الأرض المقدسة. أردت أن أقول له إن الحقوق التاريخية للمجتمعات المسيحية في الأرض المقدسة معرضة للخطر، لأن الوضع الراهن الذي وضع مجموعة من القواعد المقننة التي حكمت لقرون طويلة حياة الكنائس المسيحية وحافظت على حقوقهم في الوصول إلى الأماكن المقدسة وإدارة ممتلكاتهم قد باتت تحت التهديد. وهناك أطراف ترغب بتغيير هذا الترتيب وخرق الوضع الراهن مما يخلق وضعًا محفوفًا بالمخاطر&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>ما الذي تشير إليه بالضبط؟</strong></p><p dir="RTL">&quot;تستخدم جماعات من المستوطنين أساليب ملتوية ومراوغة للاستيلاء على ممتلكات الكنائس. ففي آب، رفضت المحكمة الإسرائيلية المبادرات القانونية التي أطلقتها البطريركية اليونانية الأرثوذكسية في القدس التي تتهم إحدى الجماعات اليمينية بالملكية غير المشروعة لإحدى ممتلكاتها الواقعة في البلدة القديمة. وعلى أثر ذلك، قدمت البطريركية استئنافًا للمحكمة العليا. نعتقد أنهم سيستمعون لحججنا القانونية. لكن الأخطار لا تتعلق بكنيسة واحدة فحسب، فجميع الكنائس تتأثر. ويتجلى ذلك في مشروع قانون وقعّه أربعون نائبًا في إسرائيل. وفي حال الموافقة عليه، فإنه سيعرض حقوق الكنائس في العديد من الممتلكات الكنسية للخطر.</p><p dir="RTL"><strong>كيف تخطط للتعامل مع هذا الوضع؟</strong></p><p dir="RTL">&quot;يتعامل زعماء كنائس الأرض المقدسة مع هذا الوضع في وحدة تامة. فقد وقع جميعهم وثيقة شجب تؤكد أن الهجمات الأخيرة على الوضع الراهن تمثل &quot;حاولة ممنهجة لتقويض سلامة المدينة المقدسة وإضعاف الوجود المسيحي في الأرض المقدسة. والآن، بات من الضروري زيادة الوعي حول هذا الموضوع حتى خارج الأرض المقدسة. في كلمته، أكد البابا فرنسيس أنه يجب الدفاع عن الوضع الراهن والحفاظ عليه.</p><p dir="RTL"><strong>هل هذا البيان كافٍ بالنسبة لك؟</strong></p><p dir="RTL">البابا يفهم الوضع. فهو يعلم ذلك من خلال عيون المسيحيين في الأرض المقدسة. كما أن دعمه ضروري. فعندما يقول أنه يجب الحفاظ على الوضع الراهن، فإن ذلك كافٍ. وهذا يعني أنه يجب حمايته من محاولات قسرية أخرى ترمي لتعديل صورة متعددة الأعراق، ومتعددة الثقافات، ومتعددة الديانات في المدينة المقدسة. يمنح الوضع الراهن أيضًا ضمانًا للكنائس حرية إدارة ممتلكاتها. فالصيغة الموضوعه تقول بأنه يجب الحفاظ على الوجود المسيحي دون تغيير في الأماكن والمناطق التي يتجذر فيها اليوم.</p><p dir="RTL"><strong>ما الذي يقلقك في المحتويات الواردة في مشروع القانون؟</strong></p><p dir="RTL">يتعلق القانون المقترح بممتلكات جميع الكنائس، وينص على أنه يجوز للدولة أن تصادر ممتلكات كنسيه إذا استوفيت شروطًا معينة. وحتى لو لم تتم الموافقة على مشروع القانون أو على تعديله، فإن حقيقة أن ثلث أعضاء البرلمان قد وقعوا عليه، ينبغي أن يكون بمثابة جرس إنذار للجميع.</p><p dir="RTL">قبل لقائي مع البابا، كان لدي اجتماعات أخرى مع سلطات سياسية كنسية بغرض التوعية. لقد زرت مؤخرًا البطريرك المسكوني بارثلماوس، وملك الأردن عبدالله الثاني، ورئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدالله، والرئيس الإسرائيلي روفين ريفلين. كما سيعقد قريبًا اجتماع مع رئيس الأساقفة جاستن ويلبي. عندها، سنقرر مع زعماء الكنائس الأخرى كيفية المضي قدمًا. كما نخطط للاجتماع مع السلطات اليونانية والبريطانية، فضلاً عن ممثلي الاتحاد الأوروبي في بروكسل. بعدئذ علينا تقييم ردود الفعل، وفي نهاية المطاف سيتم اللقاء مع السلطات في روسيا والولايات المتحدة أيضًا.</p><p dir="RTL"><strong>هناك جماعات تتهم بطريركية القدس الأرثوذكسية بسوء الإدارة وبيع ممتلكات الكنيسة.</strong></p><p dir="RTL">إنه لموضوع مشين يمكن التلاعب به بسهولة. ولهذا السبب، فإنه يمثل منطلقًا مثاليًا للأشخاص الذين يرغبون في استخدام هذه القضية لمتابعة أجندتهم الخاصة بهم، وربما لكسب وسائل الإعلام أو لمصالحهم المرتبطة بالوجود السياسي. فالجماعات المنظمة التي تدعم حملات الاتهامات هذه لا تمثل إلا نفسها، علمًا أنه لم يختارها أحد ولم يعينها أحد.</p><p dir="RTL"><strong>كيف ترد على هذه المزاعم؟</strong></p><p dir="RTL">لقد ورثنا مشاكل من فترات سابقة. إنها مشاكل لا يمكن تجاهلها، ونعمل حاليًا على حلها. فنحن نبذل قصارى جهدنا، ولدينا اتصالات مع المؤسسات الحكومية الإسرائيلية، والأردنية، والفلسطينية. تؤكد السلطات الرسمية أنها تدعم البطريركية وتفهم ما نقوم به. لسوء الحظ، هناك عدد قليل من السياسيين الذين يدعمون المجموعات التي تهاجمنا. ولكن عندما نطلب تفسيرات لذلك، يقال لنا إن هؤلاء السياسيين يتصرفون على أساس شخصي ولا يمثلون مواقف السلطات الرسمية في تصريحاتهم المتعلقة&nbsp; بهذه المسألة.</p><p dir="RTL"><strong>لا تشكل وحدة المسيحيين &quot;جبهة مشتركة&quot; في العلاقات مع السلطات المدنية فحسب. ما الذي يمنع الكاثوليك والأرثوذكس من التوجه نحو الوحدة الكاملة؟</strong></p><p dir="RTL">لا يوجد شيء يحول دون تحقيق ذلك. أود أن أقول إن هذه مسيرة. ففي روما، جنبًا إلى جنب مع الكاردينال كورت كوخ والمتعاونين معه في المجلس البابوي للوحدة المسيحية، اعترفنا بأن لا يمكن للوحدة الكاملة أن تحدث بين عشية وضحاها، ولكن ما يهم هو المسيرة، والمضي قدمًا على الطريق. يجب أن نؤدي دورنا، والباقي هو في يد الرب. بالفعل، هناك العديد من الأشياء قد تغيرت من الماضي. وهناك الآن تفاهم متبادل واحترام متبادل. لا توجد مشاجرات أو تحيزات، أو شكوك، أو تعصب بيننا.</p><p dir="RTL"><strong>ما هي المساهمة الخاصة التي تستطيع بطريركية القدس أن تقدمها خدمة للحوار اللاهوتي بين الكاثوليك والأرثوذكس؟</strong></p><p dir="RTL">تدرك جميع الكنائس والمجتمعات المسيحية أن القدس هي مصدر الكنيسة الأولى، وبالتالي الكنيسة الناشئة. من هنا انتشرت الكنيسة في جميع أنحاء العالم. حتى أن الجماعات المسيحية التي وضعت الكتاب المقدس في صميم اهتمامها، تعترف بالفور بما يوحّد القدس بالكتاب المقدس. تستطيع كنيسة القدس أن تقدم هذا. بالإمكان تطبيق كلمات الانجيليين القديس متى والقديس لوقا على كنيسة القدس عندما يتحدثان عن الدجاجة التي تجمع فراخها تحت جناحيها.</p><p dir="RTL"><strong>كرر البابا فرنسيس قوله أن التبشير بين الكنائس المختلفة هو &quot;خطيئة&quot;. هل يمكن للطريقة التي يمارس بها كهنوته كأسقف روما أن يشجع على تحقيق بعض التقدم على الطريق نحو الوحدة الكاملة بين المسيحيين؟</strong></p><p dir="RTL">إنه يتمتع باحترام كبير في جميع أنحاء العالم. ربما أيضًا لأنه يحاول &lsquo;كسر الدائرة&rsquo;. نحن نعلم أن الأنبياء، حتى في العهد القديم، قد جرى معارضتهم وحتى اضطهادهم... لأنهم بصورة خاصة كسروا &lsquo;الدوائر المغلقة&rsquo;، من أجل أن تصل &lsquo;الهداية&rsquo; إلى الشعب. بالنسبة لي، عندما ألتقي به، أدرك أنه يمكن التواصل حقًا معه، لأن البابا فرنسيس هو الشخص الذي يؤمن بما يقوله وبما يعظه.</p><p dir="RTL"><strong>في الماضي، كثيرًا ما اشتبك المسيحيون بشأن إدارة الأماكن المقدسة في القدس. الآن، بدلاً من ذلك، تم ترميم القبر المقدس بمساهمة مشتركة من البطريركية الأرثوذكسية اليونانية، البطريركية الأرمنية، وحراسة الأرض المقدسة. ما هي الأهمية التي تعطيونها لهذا العمل؟</strong></p><p dir="RTL">إن ترميم بناء القبر المقدس المشتركة يمثل نقطة تحوّل في سياقنا. آمل أن يساعدنا ذلك على المضي قدمًا، كما أصلي لأجل ذلك. إنها قصة أبهجتنا وأبهجت الكثير من الناس في جميع أنحاء العالم. ولكن القديس يوحنا الدمشقي قال إن &quot;الإنسان جرح&quot;، وأبقي ذلك دائمًا هذا بعين الاعتبار. في أعماقنا، نحمل جميعا جرحًا، وهذا يعني أننا عرضة للفساد. نحن رجال، ولا ينبغي أن يتوقع أحد منا أن نصير ملائكة. عندما كنا صغارًا، قال لنا البطريرك بندكتس: أنا لا أطلب منكم أن تكونوا ملائكة، لا بل أريدكم أن تكونوا بشرًا. وأحيانًا يكون من الأسهل بكثير أن نكون ملائكة من أن نكون رجالاً.</p><p dir="RTL"><strong>كيف تقيم بطريركية القدس فيما يتعلق بعلاقتها بالكنائس الأرثوذكسية؟ هل تعتبر مؤتمر كريت مجلسًا حقيقيًا؟ وكيف ترى دور روسيا والكنيسة الروسية في الشرق الأوسط؟</strong></p><p dir="RTL">لقد لعبت بطريركية موسكو دورًا تاريخيًا، حتى في الأرض المقدسة. وفيما يتعلق بالحدث الذي وقع في كريت، أعتقد أنه حدث تاريخي هام، لأنه أظهر وحدة الكنائس الأرثوذكسية، والآن يستوعب الجميع أهمية ذلك. واليوم، يجب أن تواجه الكنائس الأرثوذكسية مشكلة &lsquo;وجودية&rsquo;. فهي لم تعد تتمتع بالضمانات والدعم الدستوري من دولها. فاليونان هي الدولة الوحيدة التي تتمتع به الكنيسة بالضمانة الدستورية. ولكن في كل مكان آخر، هناك تأكيد على مبدأ الفصل بين الكنيسة والدولة. بالطبع، هناك الكثير من السياسيين الذين يدافعون عن الكنيسة الأرثوذكسية، لكن السياسيين يأتون ويذهبون، وهذا لن يدوم إلى الأبد. تحتاج الكنائس الأرثوذكسية إلى دعم بعضها البعض، ولهذا السبب فإن الوحدة التي تجلّت في السينودس الكبير بجزيرة كريت تمثل نقلة نموذجية هامة. أظهر هذا السينودس بشكل ملموس أن الكنائس متحدة، وأنها تسير سويًا.</p><p dir="RTL"><strong>لكن هناك بعض الكنائس الهامه التي كانت غائبة...</strong></p><p dir="RTL">كان للبطريركيات التي لم تشارك أسبابها الخاصة. ولنكن صادقين، أعتقد أن لكل واحد منها مشاكل داخلية، علمًا أن أحدًا لم يرفض نتائج ذلك السينودس، لأنه حتى أولئك الذين لم يشاركوا في ذلك السينودس لا يزالوا متواصلين بالكامل مع جميع الكنائس الأخرى. فهناك من يقول إن المجلس يجب أن يتحمل مسؤولياته، والواقع أنه بإمكان سينودس كريت أن يمهد الطريق لتعاون أكبر من أي وقت مضى بين الكنائس. أنها فقط مسألة وقت.</p><p dir="RTL"><strong>لذلك، كانت بطريركية القسطنطينية المسكونية محقة في عقد السينودس الأرثوذكسي الكبير...</strong></p><p dir="RTL">المشكلة التي تكمن في الكنائس الأرثوذكسية هو أنه غالبًا ما يكون المأزق في موضوع من ينبغي أن يتخذ زمام المبادرة. كان السينودس أيضًا تجربة إيجابية في هذا الصدد، لأننا نتمتع الآن بثمار تلك المبادرة. لم يكن من السهل على البطريرك برثلماوس أن يتحمل المسؤولية كاملة ويواجه العديد من الفروق الثقافية والسياسية المتجذرة في الكنائس المختلفة. ولكن في النهاية، وبعد سنوات عديدة، تم تحقيق هذا الهدف.</p>