موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢٤ يونيو / حزيران ٢٠١٥
مظاهرة حاشدة للتضامن والصلاة في الطابغة
مطرانية اللاتين - الناصرة ، ترجمة موقع ابونا :

الخبر بات معلوماً، فمع كل أسف قام مجهولون، ليلة الثامن عشر من حزيران الحالي، بإضرام النار في كنيسة تكثير الخبز ودير البندكتان المجاور لها. وبفضل التدخل السريع من قبل الرهبان البندكتان، والمتطوعين، ومن بعدهم رجال الإطفاء، أصابت النيران، وبشكل كامل، الجزء الجنوبي فقط. وقد أثار هذا الفعل المتعمد، الإجرامي والخطير جداً، عاطفة كبيرة من قبل المجتمع المسيحي في إسرائيل، من جميع الكنائس، ولكن أيضاً من قبل المسلمين والدروز واليهود.

أيام مكثفّة من التضامن

كانت الأيام الأربعة التي تلت هذه الأعمال التخريبية عبارة عن حج تضامن مستمر من قبل المطران جاشينتو بولس ماركوتسو، النائب البطريركي للاتين في الناصرة، نيابة عن البطريرك ومجلس الأساقفة، حيث كان أول من وصل إلى مكان الحادث صباح يوم الخميس. من ذلك الحين ولغاية مساء يوم الأحد، عندما أنهى الشباب الجليليون المظاهرة الكبيرة، شهدت الطابغة حج تضامن كبيراً وذلك من خلال الزيارات التي قام بها الآلاف من الأشخاص والعائلات والرعايا والمدارس والحركات والمؤسسات، من دون تمييز بسبب الدين، حيث تم الإعراب عن الإدانة، وبدا التضامن والتعاون جميلين.

وقد أعجبت عائلة البندكتان في الطابغة بهذا التعبير العام من الوحدة والتماسك، أيدها أيضاً أخوتهم في كنيسة رقاد السيدة العذراء في القدس، والمسؤولين عن الرابطة الألمانية من أجل الأرض المقدسة، تحت قيادة الأباتي غريغوري كولينز، حيث قدموا شهادة رائعة في الاستقبال والحس بالمسؤولية.

وقد تم تسمية يوم الأحد الواحد والعشرين من حزيران بـ"أحد التضامن". تقريباً وبشكل عفوي، خرج مسيحيو الجليل من قداديس الأحد في رعاياهم، ليجدوا أنفسهم بشكل جماعي في الطابغة. وقد تميز هذا التجمع بلحظتين هامتين: لحظة للصلاة والتأمل، وأخرى للتظاهر والاحتجاج.

مظاهرة للتضامن والصلاة العميقة

عند الظهر، تجمع المئات من مناطق الناصرة، يافا الناصرة، شفا عمرو والراملة، يرافقهم كهنة الرعايا، في بازيليك "تكثير الخبز". وقد ترأس البطريرك ميشيل صبّاح، بطريرك اللاتين السابق، بحضور المطران بولس ماركوتسو، النائب البطريركي للاتين في الناصرة، والأب أمجد صبّارة الفرنسيسكاني، ليتورجية الكلمة، بشكل مؤثر، تخللها صلوات وقراءات وترانيم مناسبة.

وقد ألقى البطريرك صباح عظة حيوية "حول السلام، والرسالة الخاصة بالكنيسة في هذه الأرض وفي هذا الوقت، وحول دور المسيحي في الأرض المقدسة في حب أرضه، وأماكنها المقدسة، وليبقى شاهداً في الحيّز الذي دعاه فيه الرب للعيش والشهادة". وقد شعر المؤمنون بالتعزية والراحة، لسماع إرشادات السلام والرجاء من البطريرك الذي يساعدهم على التفكير والتعمق الداخلي بما يجري من أحداث، ليصلوا إلى النتائج المسيحية المناسبة.

وخلال الاحتفال، انضمت مجموعة من الكهنة والمؤمنين الأرثوذكس، من كفر ياسيف، سخنين، أبوسنان والمقار الجديدة، إلى الصلاة.

اعتصام سلمي، واحتجاج المتحمسين وهتافاتهم

في فترة ما بعد الظهر، تجمع الآلاف من الشباب، من كل مناطق الجليل، أمام ساحة البازيليك الخارجية ، رافعين العديد من الياقطات، والرسائل والعلامات والرموز الدينية، ولكن من دون أعلام وطنية أو حزبية. هذا الحدث كان أكثر عفوية، وقد شارك به بعض الساسة المحليين.

وفي اقتضاب، نظراً لمحدودية العدد والوقت، بدأ مسؤولو الاعتصام التركيز على تمسكهم بالأرض المقدسة، ومسؤولية السلطات في الحفاظ على الأماكن المقدسة، وحق المسيحيين في العيش، وبشكل آمن، كما لجميع المواطنين، وضرورة العيش السلمي بين مختلف المكونات في إسرائيل. فيما أعرب آخرون، لاسيما الكشافة، عن استعدادهم للتعاون مع مسؤولي البازيليك البندكتان، من أجل إصلاح المناطق المتضررة.

وقد انتهت التظاهرة، من دون أية حوادث تذكر، من خلال الصلاة الغروب البيزنطية، برئاسة الأب فوزي خوري.

ملتقى الطريق: "أبونا، نحن آسفون"

وقد أصبحت هذه الأعمال التخريبية الجنونية، نتيجة التعصب الأعمى، مستفزة وبكل أسف، وكثيرة في إسرائيل خلال السنوات الأخيرة. وقد وزع السيد وديع أبونصّار، من مركز المعلومات المسيحي، قائمة بعشرات الأعمال التي لا تزال من دون عقاب.

لكن، وهذه المرة، كما يقول المطران بولس، "كان الأثر كبيراً جداً في نفوس جميع المواطنين، وبالأخص على المستوى الشعبي. ففي تجوالنا في طرق حيفا، وبانتظار اللون الأخضر عند إشارات المرور، كان العديد من اليهود والمسلمين يقولون: أبونا نحن آسفون لما حصل في الطابغة، ونحن نتضامن معكم". وهذه المرة الثانية التي تتعرض لها الطابغة لأعمال التطرف. فقد كانت المرة الأولى في 27 نيسان 2014، حيث دنّست أماكن الدمانوتا والسوليتودو، وتلقى الأساقفة رسائل تهديد. نأمل أن تتمكن السلطات السياسية والقضائية والأمنية، من العمل جدياً لوقف هذا التعصب غير المحتمل.