موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١٧ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٣
محكمة الفاتيكان تقضي بسجن كاردينال لمدة خمس سنوات ونصف
حكمت المحكمة الجنائية في الفاتيكان، السبت، على الكاردينال أنجيلو بيتشيو بالسجن لمدة خمس سنوات وستة أشهر، وحرمانه بشكل دائم من المناصب العامة، وغرامة قدرها ثمانية آلاف يورو. كما تم فرض غرامات جزائية على المتهمين دي روزا وبرويلهارت، بينما تمت تبرئة المونسنيور كارلينو. كما قضت بعقوبات للمتهمين تيراباسي وتورزي وكراسو ومارونيا.

أبونا :

 

السجن خمس سنوات وستة أشهر، بالإضافة إلى الحرمان الدائم من تولي المناصب العامة وغرامة قدرها ثمانية آلاف يورو، هي العقوبات الصادرة في المحكمة التي فرضتها محكمة الفاتيكان على الكاردينال جيوفاني أنجيلو بيتشو (75 عامًا)، وذلك في ختام المرافعات المتعلقة بإدارة أموال أمانة سرّ دولة حاضرة الفاتيكان، والتي تمحورت حول عملية شراء وبيع مبنى في لندن.

 

وجاء الحكم الذي صدر بعد ظهر يوم السبت الموافق 16 كانون الأول 2023، بعد 86 جلسة استماع. أصدرت محكمة الفاتيكان حكمها من الدرجة الأولى في محاكمة عشرة متهمين وأربع شركات، وفي النظر في عدة قضايا، أولها يتعلق بشراء وبيع المبنى رقم 60 في شارع سلون في العاصمة البريطانيّة.

 

 

موظفون سابقون

 

وقضت المحكمة أيضًا بفرض غرامات على كل من رينيه برولهارت وتوماسو دي روزا، الرئيس السابق ومدير هيئة الرقابة والمعلومات المالية بالفاتيكان، على التوالي، بقيمة 1750 يورو. وقضت أيضًا المحكمة على إنريكو كراسو، المستشار المالي السابق في أمانة سرّ الدولة، بالسجن لمدة سبع سنوات وغرامة قدرها عشرة آلاف يورو، والحرمان من تولي منصب عام.

 

أما بالنسبة للممول رافاييل مينشيوني فحكمت عليه المحكمة بالسجن لمدة خمس سنوات وستة أشهر، وغرامة ماليّة قدرها ثمانية آلاف يورو، وحرمانه أيضًا من المناصب العامة. أما الموظف السابق في المكتب الإداري لأمانة سرّ الدولة، فابريزيو تيراباسي، فنص حكم المحكمة عليه بالسجن لمدة سبع سنوات وغرامة قدرها عشرة آلاف يورو وحرمانه من أهليّة تولي المناصب العامة.

 

في حين حكمت المحكمة على المحامي نيكولا سكويلاسي، ومع ظروف مخففة، بالسجن لمدة سنة وعشرة أشهر، والحكم مع وقف التنفيذ لمدة خمس سنوات. أما بالنسبة للوسيط جان لويجي تورزي فقضت بالحكم عليه ست سنوات وستة آلاف يورو، والحرمان من الوظيفة العامة، والخضوع لمراقبة خاصة لمدة سنة واحدة بحسب المادة الـ412 من القانون الجنائي. وتمّ الحكم على المديرة سيسيليا مارونيا بثلاث سنوات وتسعة أشهر، ومنعها مؤقتًا من تولي منصب عام لنفس الفترة. كما تمّ فرض غرامة ماليّة قدرها 40 ألف يورو على شركتها. وقد خضعت العديد من تهم الادعاء إلى "إعادة التأهيل".

 

 

القضية والأحكام

 

وخلصت المحكمة إلى أن جريمة الاختلاس قد ثبتت بسبب الاستخدام غير المشروع لمبلغ 200 مليون دولار أمريكي و500 ألف دولار أمريكي، "وهو ما يعادل حوالي ثلث المبلغ المتاح في ذلك الوقت في أمانة سرّ الدولة، كونه يمثّل انتهاكًا لأحكام إدارة الممتلكات الكنسيّة".

 

وتم دفع مجموع هذا المبلغ بين عامي 2013 و2014، بناءً على طلب من وكيل أمانة الدولة آنذاك، رئيس الأساقفة جيوفاني أنجيلو بيتشو، لشراء أسهم في شركة "أثينا كابيتال كوموديتيز"، وهو صندوق تحوّط، يُشار إليه باسم رافاييل مينشيوني، ويحمل درجة عالية من المضاربة، وفيه مخاطر كبيرة لمستثمر رأس المال من دون إمكانية للتحوّط. ولذلك وجدت المحكمة أنّ المذنبين بارتكاب جريمة الاختلاس هم الكاردينال بيتشو ومينشيوني، اللذين كانا على اتصال مباشر مع أمانة الدولة للحصول المبلغ "حتى بدون استيفاء الشروط، وبالتواطؤ مع، الموظف فابريزيو تيراباسي، وإنريكو كراسو".

 

وفيما يتعلق بالاستخدام اللاحق لهذا المبلغ، وهو المطلوب لشراء الشركة التي تمتلك المبنى إضافة للعديد من الاستثمارات المنقولة، فوجدت المحكمة أن رافاييل مينشيوني مذنب بارتكاب جريمة غسل للأموال بشكل شخصي. من ناحية أخرى، استبعد قضاة الفاتيكان مسؤولية بيتشيو وكراسو إنريكو وتيراباسي فابريزيو عن جرائم الاختلاس الأخرى التي اتهمهم بها وكيل العدل، "لأنّها بالحقيقة غير موجودة، كون أمانة الدولة لم تعد لديها الأموال بمجرد أن قامت بالدفع للاستثمار في أسهم الصندوق". كما أُدين إنريكو كراسو بارتكاب جريمة غسل الأموال من طرفه فيما يتعلق باستخدام مبلغ كبير يزيد عن مليون يورو، وهو ما "شكّل ربحًا من جريمة الفساد بين الأفراد المرتكبة بالتواطؤ مع مينشيوني".

 

وفيما يتعلق بإعادة شراء أمانة سرّ الدولة خلال الأعوام 2018-2019 من خلال عملية ماليّة معقدّة للشركات التي كانت مملوكة لها ممتلكات المبنى المذكور، فوجدت المحكمة أن جان لويجي تورزي ونيكولا سكويلاتشي مذنبان بارتكاب جريمة الاحتيال المشدّد، وأن تورزي مذنب أيضًا بتهمة الابتزاز، بالتواطؤ مع فابريزيو تيراباسي، "فضلاً عن جريمة غسل الأموال ذاتيًا لما تم الحصول عليه بطريقة غير مشروعة". وبدلاً من ذلك تمت تبرئة تورزي وتيراباسي وكراسو ومينشيوني "لأن الحقيقة غير موجودة" من جريمة الاختلاس المنسوبة إليهم فيما يتعلق بالمبالغة المزعومة في تقدير سعر البيع.

 

كما أُدين تيراباسي بارتكاب جريمة غسل الأموال ذاتيًا فيما يتعلق بحيازة مبلغ يزيد عن 1.5 مليون دولار أمريكي دفعه له بنك UBS بين عامي 2004 و2009. ورأت المحكمة أن تلقي المدعى عليه هذا المبلغ "يشكل جريمة فساد، ولكن بالنظر إلى الوقت الذي انقضى، فإن الملاحقة القضائية الآن تسقط بالتقادم".

 

أما بالنسبة لتوماسو دي روزا ورينيه برولهارت، على التوالي، في ذلك الوقت؛ المدير العام ورئيس هيئة الرقابة والمعلومات الماليّة بالفاتيكان، اللذين تدخلا في المرحلة النهائيّة من إعادة شراء المبنى، فقد تمت تبرئتهما من جرائم إساءة استخدام المنصب المنسوبة إليهما، لكن تمّ إدانتهما بتهمتي الفشل في إدانة معاملة مشبوهة وعدم إبلاغ وكيل العدل بها.

 

وفيما يتعلق بمجالين آخرين من مسار التحقيق، فقد أُدين الكاردينال بيتشيو وسيسيليا مارونيا بدفع أمانة سرّ الدولة مبالغ مجموعها أكثر من 570 ألف يورو لصالح مارونيا، من خلال شركة تشير إليها، "على أساس، لا يتوافق مع الحقيقة، بأنّ الأموال كانت ستستخدم لتسهيل تحرير راهبة كانت مختطفة في أفريقيا".

 

كما أُدين الكاردينال بيتشيو بتهمة الاختلاس لأنه وضع في مناسبتين مبلغ إجمالي قدره 125 ألف يورو لحساب باسم كاريتاس - أبرشية أوزيري، وقد كان مخصصًا في الواقع لجمعية SPES، والتي كان شقيقه أنتونينو بيتشيو رئيسًا لها. وقالت: "على الرغم من أن الغرض النهائي للمبالغ كان مشروعًا في حد ذاته، فقد رأت الهيئة أن صرف الأموال من أمانة الدولة يشكّل، في القضية المنظور إليها، استخدامًا غير مشروع لها، مما يشكّل جريمة اختلاس، بانتهاك المادة 176 من القانون الجنائي، وأيضًا مع أحكام القانون 1298 C.I.C. الذي يحظر نقل ملكيّة الممتلكات الكنسيّة العامّة إلى الأقارب حتى الدرجة الرابعة".

 

في المقابل، تمت تبرئة المتهمين مينشيوني، وتورزي، وتيراباسي، وبيكيو، وسكويلاتشي، وكراسو، ودي روزا، وبرولهارت من جميع الجرائم الأخرى المنسوبة إليهم. كما تمّت تبرئة المونسنيور ماورو كارلينو من جميع الجرائم المنسوبة إليه.

 

وأعلن العديد من محاميي الدفاع الحاضرين في قاعة المحكمة أنهم سيقدمون استئنافًا.