موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٨ سبتمبر / أيلول ٢٠١٧
مجلس الكنائس العالمي يدعو لاتخاذ إجراءات عاجلة لوادي كريميزان

جنيف – أبونا :

"لقد رأينا الآثار المدمرة لسياسات الاحتلال الإسرائيلية على مجتمعاتنا، بما في ذلك التهجير القسري، في انتهاك صاريح لالتزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي".

هذا ما جاء في بيان لجنة الكنائس المعنية بالشؤون الدولية، التابعة لمجلس الكنائس العالمي في الدورة السادسة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، خلال المناقشة العامة حول حالة حقوق الإنسان في فلسطين وغيرها من المناطق العربية المحتلة في 25 أيلول الحالي، والذي تلاه الأب رفعت بدر، مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام.

وأعربت اللجنة عن بالغ قلقها من عدم اتخاذ المجتمع الدولي إجراءات ضد السياسات الإسرائيلية غير المشروعة في فلسطين المحتلة، لاسيما في منطقة كريميزان، الواقعة بين بيت لحم والقدس. وعلى الرغم من أن محكمة العدل الدولية قد اعلنت عدم شرعية هذه الإجراءات، فقد واصلت إسرائيل بناء الجدار، سالبة عشرات العائلات الفلسطينية المسيحية في كريميزان لصالح المستوطنات غير الشرعية.

وقال مدير المركز الكاثوليكي: "كقادة للكنيسة في الأرض المقدسة، نحن نقاتل ضد كل الصعاب، لمنع المزيد من التشرد الذي سيكون كارثيًا لمستقبلنا". وبالرغم من توالي التصريحات من دولة إلى أخرى داعية لوقف انتهاك الفلسطينيين، إلا أن إسرائيل ما زالت تواصل التمسك بسياسات غير عادلة، منتهكةً القانون الدولي. وفي بعض الحالات، أصدرت دول بيانات رسمية أعربت فيها عن قلقها بشأن الجدار، إلا أنها من ناحية ثانية تدعم البناء ماليًا أو خطابيًا، أو ببساطة من خلال التقاعس الصامت.

"كريميزان هي مثال جيد بأن البيانات لوحدها لا تعمل. نحن نطالب بتحرّك عاجل"، وفقًا لما قاله الأب بدر أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وأضاف "فبينما نصلي من أجل سلام عادل ودائم، فإننا ندعو كل عضو في هذا المجلس إلى تحمل مسؤوليته القانونية والأخلاقية من أجل الإسهام بالسلام في منطقتنا".

أما أصحاب الأراضي التي صودرت خلال أعمال بناء جدار الضم في بيت لحم مؤخرًا، فقد شاركوا في هذا الحدث الذي نظمه مجلس الكنائس العالمي والمركز الكاثوليكي لحقوق الإنسان "مؤسسة سانت إيف"، في المركز المسكوني، في جنيف، في نفس اليوم.

وقال عيسى شتله، الموظف في بلدية بيت جالا، والأب لثلاثة أطفال: "هذه ليست مجرد أرض، وإنما هويتنا وذكرياتنا. عندما كنت طفلاً، كانت عائلتنا تجني ثمار الزيتون. إنها حياتنا". وقد تغيرّت حياة أسرته بين ليلة وضحايا في وقت مبكر من صبيحة يوم 17 آب، عندما تم إغلاق كامل أرضه، وأعلنت منطقة عسكرية. وقد جرفت أراضيه وأشجار الزيتون القديمة. ويضيف: "أراضيّ الآن خلف الجدار، ولا يسمح لي بالوصول إلى ما تبقى من بستان الزيتون، حتى في موسم القطاف".

أما نخلة أبو عيد، أحد ملاّك الأراضي من منطقة بيت جالا، فيقول: "كنت أعمل مزارعًا. لكني الآن لا أستطيع فعل ذلك، لأنه لم تعد لي أرض". وقد ورث أبو عيد هذه الأرض من أجداده، وكانت الزراعة الدخل الرئيسي لعائلته منذ مئات السنين. وكانت تنتج أشجار الزيتون البالغ عمرها ألفي سنة، وتنتشر على مساحة دونمين ونصف، حوالي نصف طن من أجود أنواع زيت الزيتون في المنطقة.

ويتابع: "بمجرد أني سمعت أنه يجري اقتلاع أشجار الزيتون من أرضنا، هرعت إلى هنالك، ورأيت المنطقة وكأنها ساحة معركة"، في إشارة منه إلى الأحداث التي وقعت في آب 2015. ويضيف: "كانوا يعدمون أشجار الزيتون بلا رحمة. وعندما حاولت الاقتراب، أشار الجنود بالبنادق نحو وجهي. بعدها وقفت من بعيد أراقب المشهد وكأن قلبي يقطر دمًا. شعرت وكأنهم يقتلون أفرادًا من عائلتي".

ونتيجة لسياسات الحكومة الإسرائيلية، فإن أراضي منطقة بيت جالا ستتقلص مساحتها. لكن الأسوأ من ذلك يكمن في فقدان الرجاء لأي حل لهذه المعضلة، مما يسبب في نزوح الفلسطينيين من أراضيهم. ويختم أبو عيد حديثه بالقول: "نحن آخر دولة في العالم تعيش تحت الاحتلال والاستعمار. نرغب في العيش بحرية في وطننا، كما هو الحال في أي دولة".

وقبل عام 1948، كان وادي كريميزان يربط البلدات الواقعة في منطقة القدس الغربية مع مدينة بيت لحم، التي تفصلها اليوم المستوطنات الإسرائيلية. تقول المحامية داليا قمصية، رئيسة قسم الدعاوى القانونية في مؤسسة سانت إيف، "يمكن الاستنتاج إلى حدٍ ما، بأن قضية كريميزان تتعلق بربط مستوطنتين إسرائيليتين غير قانونيتين هما جيلو وهار جيلو معًا، على حساب حاضر الشعب الفلسطيني ومستقبله".

وتضيف أمام المركز المسكوني في جنيف: "لقد أثبتت تسع سنوات من الدعاوى أمام المحاكم الإسرائيلية، أن القضاء الإسرائيلي يعمل على إعطاء إحساس وهمي بالعدالة، وهو مجرد إضفاء الشرعية على الاحتلال وسياسة الضم، دون أية اعتبارات لأهم حقوق الإنسان الفلسطيني الأساسية، المنتهكة نتيجة لذلك".

يذكر أن وادي كريميزان يمتد على خطوط التماس بين الضفة الغربية والقدس المحتلة، وهو واحد من آخر المناطق الخضراء في منطقة بيت لحم. وتعرف المنطقة الجنوبية منه بإطلالاتها الزراعية، بما في ذلك أكثر من 60 بالمائة من أشجار الزيتون في بيت جالا، المدينة التي تشتهر بجودة ثمار الزيتون وزيت الزيتون.

وعبر مساحة الوداي تنتشر العديد من المنازل الخاصة والأراضي الزراعية، حيث تملك 58 عائلة فلسطينية أراضٍ في هذا الوادي، وتعتمد عليها كمصدر أساسي للرزق. في حين أن معظم الأراضي في وادي كريميزان تعود ملكيتها الخاصة لعائلات مسيحية.

ويعني بناء جدار الضم في أراضي كريميزان الزراعية تجريف الأراضي واتقلاع أشجار الزيتون القديمة لاستيعاب مسار الجدار، وبالتالي فصل الأراضي عن مدينة بيت جالا. وبما أن أصحاب الأراضي يعانون من أضرارٍ جسيمة جراء ذلك، فربما سيسعون للحصول على وسائل لدعمهم في أماكن أخرى، مما يسهم بالتالي إلى تطهير المسيحيين الفلسطينيين من وطنهم الأم.