موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الجمعة، ٢١ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠١٦
كيف يسهم الشباب العربي في تعزيز الأمن الفكري؟

كريستال كوزال :

يقول الرئيس الأميريكي الأسبق دوايت ايزنهاور: "وسَطُ الطريق يعني المساحة السليمة للسير بينما طرفا الطريق الأيمن أو الأيسر يشكلان حدود الإنزلاق والتهوّر". هذه الاستراتيجية هي نفسُها التي تحاول أن تدعو إليها المملكة الأردنية الهاشمية من خلال رعايتها لكثير من اللقاءات والمؤتمرات التي تلقي الضوء على قضايا التسامح الديني واحترام التنوع والإعتراف بالآخر المختلف، حيث تتطرق إلى طرفَي الطريق اللذَين باتا يهددان الشرق الأوسط عموماً والشباب العربي خصوصاً.

كثيرةٌ هي التحديات التي تواجهُ الشباب، حاملي شعلة الحاضر والمستقبل. غير أنّ الغموض يعيق تطوّرَهم ويشلّ تحركاتِهم، مؤدياً بهم إلى الغوص في كمٍّ من التساؤلات حول المصير. ووسْطَ هذه الحلقة المفرغة، تهدّد شبابَنا تياراتٌ فكرية منحرفة، تغذّيه أيادٍ خفيّة وشاشاتٌ علنية، بحيث لا يبقى أمامه سوى قلّة قليلة من الأمل للتمسّك بها بكل قواه، في ضوء منظومةٍ عملاقة هدفُها الترهيب وزرع الخوف ونشر ثقافة العنف والتطرّف. خاصة في ظل الصراعات العنيفة التي ضربت الدول العربية وأدت إلى حال تفكك وتفتت في كثير منها، من العراق إلى ليبيا، وجعلت فئة الشباب أكثر عرضة للإستقطاب من منظمات الإرهاب التكفيري، لترسلهم لاحقاً في عملياتها وتغرقهم في دوامة القتل الهمجي.

إن أهمية المؤتمر الذي كان لي فرصة المشاركة في أعماله في العاصمة الأردنية عمان، لقاء شباب العواصم العربية في دورته الثالثة عشرة، (من 30 أيلول الى 7 تشرين الأول مع وفدٍ لبناني على رأسه جوزف سعدالله وأرليت بجاني)، تكمن في كون الحلول الساعية إلى نشر الأمن الفكري، تصدر من فئة شبابية هي معرضة في العالم العربي أكثر من غيرها لاستقطاب المنظمات التكفيرية كما سبق وذكرنا، ومشاريع الحلول التي اقترحها الشباب ركزت على تعزيز ثقافة الحوار والانفتاح على الآخر، إلى جانب تحفيز الشباب على النقد البناء والعيش المشترك وتحصين عقولهم لرفض أفكار التحريض والقتل، حتّى لو كانت وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي هي الداعم الأوّل لها، عمداً او سهواً، عن معرفة أو عن جهل.

إنَّ طريق إيزنهاور الطويل، يبدأُ بخطوةٍ صغيرة وأولى. وقد شكَّل لقاء العواصم العربية الأخير ركيزة أساسية وسنويّة لبناء استراتيجية توعية طويلة الأمد، تدعمها جامعة الدول العربية وتسعى العواصم العربية وشبابها إلى تحقيقها. وفي هذا الإطار، لا بد من التشديد على أهمية القيم التي تحملها رسالة لبنان المتنوع، لبنان نموذج التفاعل بين الثقافات والحضارات المختلفة، تحت سقف المساواة في المواطنية، والتي تشكل وحدها العلاج الشافي من أزمات الإنقسامات على أساس الهوية الدينية أو القومية.

ويبقى أن معالجة حالات التطرف والتكفير وتعاون الشباب عبر هيئاتهم وتجمعاتهم، يقتضي عملاً يومياً مستمراً، يتجاوز المؤتمرات واللقاءات على أهمته. عمل ينفذ إلى مجالات التربية والإجتماع والثقافة والدين، ونصل من خلاله إلى آمالنا المرتجاة، في عالم عربيٍ خال من العنف واستخدام الدين سلاحاً في إطار المصالح السياسية والعلاقات الإقليمية والدولية.

(نقلاً عن موقع "البوم الثالث" الإلكتروني)