موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٣ يناير / كانون الثاني ٢٠١٩
كاهن عراقي يكتب: نحن نهنئكم أخوتنا المسلمين!

الأب ألبير هشام نعّوم – بغداد :

أثارت تصريحات مفتي الجمهورية ورئيس ديوان الوقف الشيعي في العراق حول تحريم التهنئة بأعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية، موجة غضب عارمة في الوسط المسيحي ليس فحسب، بل بين المسلمين أيضًا. واستنكرت الأوساط الكنسية والعديد من أخوتنا المسلمين هذه الفتاوي والتصريحات التي لا تعبّر عن روح الإخوّة. وكردّة فعل إضافية تجاه هذه التصريحات، خرجت آلاف الناس إلى شوارع بغداد في ليلة رأس السنة الجديدة، كعادتها في كلّ عام، للاحتفال بهذه المناسبة متمنين لربوع العراق الوفاق والأمان.

وتزامنًا مع انتشار هذه التصريحات، ظهرت دعوات من هنا وهناك لإعادة افتتاح كنائس كانت مغلقة منذ سنوات، إما بسبب التطرّف الديني أو بسبب هجرة المسيحيين من تلك المناطق التي تتواجد فيها هذه الكنائس في بغداد والمحافظات القريبة. إذ تجمّع الأهالي المسلمون في تلك المناطق متبرّعين بحملة تنظيف لتلك الكنائس المغلقة، وهم يتمنون في فديوات صغيرة على مواقع التواصل الاجتماعي أن يعود المسيحيون إلى مناطقهم مستذكرين روح الإخوّة التي جمعتهم بهم عبر سنين طويلة.

وكم أتمنى أن توجّه الكنيسة رسالة شكر لأخوتنا المسلمين الذين أعربوا عن استعدادهم لإعادة تأهيل كنائسنا المغلقة، وتمنّوا رجوع المسيحيين كجيرانٍ وإخوةٍ لهم. إنّهم جواب على كلّ قوى الشرّ التي صادرت بيوت المسيحيين واستولت عليها... وجواب على التطرّف الذي هجرّ المسيحيين من كنائسهم وبيوتهم... وجواب على خطابات الكراهية التي انتشرت وتأثر بها كثيرون...!

كم نحنُ بحاجة في العراق إلى اكتشاف هذا المعدن الأصيل الذي يحمله كل عراقي، المعدن الذي لا يسمح بالخلاف بسبب الاختلاف، بل يعيش ويتقاسم معه في السرّاء والضرّاء. كم نحنُ بحاجة في العراق أن نزيل طبقة الصدأ التي شوّهت هذا المعدن، وهي تدعو إلى التفرقة لأتفه الأسباب وتخفي وراءها مصالح شخصية، لا نعلم متى ستنتهي! كم نحن بحاجة في العراق أن نستذكر أيام الطفولة، عندما كان الطفل المسلم يلعب مع رفيقه المسيحي ولا يعرف كلاهما دين الآخر... نشتاق فعلاً لأيام الطفولة تلك!

لذلك أقول: شكرًا لكم أخوتنا المسلمين الذين لا زلتم محافظين على معدننا العراقي الأصيل، شكرًا لكم لأنكم لا تريدون التطرّف ولا تجعلوه يدخل بيوتكم وفكركم، بل تركتكم مساحةً رحبة يدخل إليها المختلف وينزل فيها أهلاً وسهلاً. نحن من نريد أن نهنئكم هذا العام، متمنين لكم ومصلّين لأجلكم، بل نصلّي سويةً من أجل العراق، ليعود إلى طفولته البريئة!