موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢ يونيو / حزيران ٢٠١٧
قداس في الذكرى الخمسين للشهيد الطبيب نورس اليعقوب
مادبا – أبونا ، تصوير: وضاح علمات :

ترأس البطريرك فؤاد الطوال قداسًا إلهيًا في كنيسة استشهاد يوحنا المعمدان في مادبا، بمناسبة مرور خمسين عامًا على استشهاد الطبيب النقيب نورس جريس اليعقوب خلال حرب الـ1967، بمشاركة كاهن الرعية الأب إياد بدر، والأب عماد الطوال، وراهبات الوردية، وعائلة الشهيد ومحبيه وأصدقائه، وعدد من أبناء الرعية.

وقال البطريرك الطوال في عظته: ’نتأمل في هذه الأيام بإخوتنا الأقباط، الأبطال والشهداء، الذين آمنوا وأحبوا السيد المسيح، وفضلوا الموت على نكرانه. ينتابنا اليوم مزيج من المشاعر، فمن جهة نحزن ونتألم ونثور لقتل الإنسان بهذه الطريقة الوحشية، ومن جهة أخرى نفتخر بهذه الشجاعة والبطولة التي قابل بها اخوتنا الأقباط قوى الشر، ففضلوا الموت على التنكّر للإيمان. إن الكنيسة المقدسة تنظر بإجلال إلى شهداء الإيمان، تطوبهم وتعلنهم قديسين، وتطلب شفاعتهم. إن الشهادة والموت بسبب الإيمان بالمسيح ليست فقط شجاعة، وإنما هي كذلك نعمة من الله. وقد دشّنت البطريركية اللاتينية كنيسة في مرج الحمام وأعطتها اسمًا عزيزًا وغاليًا: كنيسة شهداء الأردن‘.

وتابع: ’في هذا السياق، نستذكر ليس فقط شهداء الإيمان وإنّما كذلك شهداء الواجب والوطن والإنسانية. نصلي اليوم من أجل كل من سقط شهيدًا على أرض فلسطين، أرض السيد المسيح، أرض القداسة. ومثلما وحدّ دم الشهداء الكنيسة وجعلها واحدة، كذلك وحّدنا الدم العربي والدم الأردني المسيحي والمسلم، وسطّر صفحات جديدة من الوحدة الوطنية والتلاحم والبناء المشترك. فإذا ذهبنا إلى دير اللطرون نجد شهيدًا من النصروايين، وفي فناء البطريركية في القدس نجد شهيدًا من الحجازين، وهنا في هذه المدينة العزيزة مادبا، نذكر بفخر واعتزاز شهيدنا الدكتور نورس اليعقوب. لم يكن هذا الشهيد حاملاً للسلاح، بل حاملاً لسماعة الطبيب وشاشات تضميد الجروح‘.

وحول حياة الشهيد اليعقوب قال غبطته: ’هو الطبيب النقيب الذي كان يعمل في بلدة الزبابدة في فلسطين على معالجة الجرحى والمتعبين، حيث تم قصف المستشفى العسكري الميداني، في اليوم الثاني من حرب الستة أيام. كان يسعف الجرحى، ولم يجد من يسعفه وتوفي نتيجة جروحاته. في شهر كانون الثاني عام 1967 تم استعادة جثمانه ودفنه في مادبا في احتفال عسكري مهيب. نقدر موقف الحكومة الأردنية التي خلدت ذكرى الدكتور نورس اليعقوب وكتبت اسمه على أحد أقسام مستشفى الجيش في ماركا‘.

وقال: ’اليوم وفيما يحيي العالم الذكرى الخمسين لنكبة حزيران والاحتلال ومئة سنة على وعد بلفور، نصلي من أجل راحة نفس شهيدنا الدكتور نورس الذي فتح باب الشهادة للكثير من زملائه في القوات الأردنية المسلّحة. كما نصلي من أجل كل الشهداء الذين طالتهم يد الإرهاب البغيض في الأردن وفي كل منطقتنا العربية الجريحة‘.

ومستشهدًا من المؤرخ الأردني بكر خازر المجالي، أضاف: ’فمن دراسة تاريخ معارك القوات المسلحة الأردنية، واستعراض كوكبة الشهداء الذين زاد عددهم عن الثلاثة آلاف، فقد قدم المسيحيون تقريبًا 33 شهيدًا إلى جانب إخوانهم المسلمين، والكل كان يخدم المملكة الأردنية الهاشمية وتحت اسم الجيش العربي الأردني، ويؤدون الواجب بروح الأخوة والمواطنة التي تجمعنا، فالقدس هي في قلب الجميع، وفلسطين هي محور الاهتمام‘.

وختم البطريرك الطوال عظته بالقول: ’نشكر الرب على نعمة الشجاعة والقوة والأمانة التي يمنحها الروح القدس لشعبه، ونصلي لكي يمنح الرب التعزية للأسرة البشرية الجريحة والمتألمة جراء الإرهاب والإرهابيين. نصلي اليوم من أجل شهدائنا الأبرار الذين سيّجوا الوطن بأجسامهم، لكي يرحمهم الرب ويعزي أهلهم، ويمّن على البشرية بأيام طمأنينة وعدالة وسلام. ونصلي من أجل أسرتنا الأردنية الواحدة، لكي تبقى واحدة خلف قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه. نقدّم تعازينا مع تهانينا للأخت العزيزة السيدة أم أمجد، ولعائلة الشهيد ولأبنائه: أمجد ومجدي ووائل، ولأخيه الدكتور رياض وأبنائه، ولكل عشيرة العزيزات، ولأهل مادبا أجمعين‘.

وقبيل ختام القداس الإلهي، ألقى مجدي اليعقوب كلمة باسم والدته وعائلته، قال فيها: ’لم نأتِ اليوم بعد خمسين عامًا لنفتح الجرح من جديد، جئنا اليوم يملؤنا الفخر والاعتزاز بمسيرة وذكرى أبي الشهيد الدكتور نورس، ذلك العسكري الذي استشهد في حرب حزيران 1967، دفاعًا عن الأردن والأرض والمقدسات، وهو يقوم بواجبه كطبيب في القوات المسلحة الأردنية / الجيش العربي‘.

تابع: ’جئنا اليوم لأجل حق الشهيد علينا، بأن نبقي ذكراه حيّة لدى الأجيال الشابة، فكثيرون لا يعرفوه أو لم يسمعوا بقصته. اليوم لا نذكر الشهيد نورس وحده، بل نذكر معه زوجته التي أفنت عمرها من أجل تربية أولادها الثلاثة، لتعوضهم فقدان الأب، لذلك أقف احترامًا لأمي أم أمجد التي قدمت عمرها من أجل عائلتها الصغيرة على مدى خمسين عامًا، وأشكرها على ما قدمت وما تقدم، وأتمنى لها طول العمر‘.

وأضاف: ’عند استشهاده، لم يكن والدي قد أكمل الثلاثين عامًا، لكن أبي ترك لنا إرثًا معنويًا نفتخر به، ويزيدنا اعتزازًا به ما نقله أصدقاءه وزملاؤه عن شخصيته القوية، ووفاته وحبه لأصدقائه وأهله، وحبه لمساعدة الآخرين، وهي الرسالة التي حرصت العائلة على استمرارها ونقلها إلى كل الأقارب احترامًا لإرث الراحل وحفاظًا على قيمه. أشكر الأهل والأحباء على هذا الحضور البهي. المجد والخلود لشهداء الأردن‘.