موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢٣ سبتمبر / أيلول ٢٠١٦
قداس شكر في عمّان على نعمة إعلان قداسة الأم تريزا من كالكوتا
عمّان – أبونا ، تصوير: أسامة طوباسي :

أقيم في كنيسة قلب يسوع الأقدس، في منطقة تلاع العلي بعمّان، صباح اليوم الجمعة، قداس شكر احتفالي لله على إعلان قداسة الأم تريزا من كلكتا، مؤسسة جمعية "مرسلات المحبة"، والتي أعلن قداستها بالفاتيكان في الرابع من الشهر الحالي.

وترأس القداس الاحتفالي المطران مارون لحّام، النائب البطريركي للاتين في الأردن، بمشاركة العديد من الكهنة والشمامسة والراهبات من مختلف الجمعيات الرهبانية، سيما راهبات مرسلات المحبة، وحشد من المؤمنين من مختلف المناطق.

وقبل ختام القداس، الذي تواجدت فيه ذخائر القديسة الجديدة، ألقى كاهن الرعية الأب علاء مشربش، كلمةً شكر فيها على الحضور لمشاركتهم هذا الاحتفال، موجهًا تحية خاصة لراهبات الأم تريزا المتواجدات في المملكة منذ سبعينات القرن الماضي، ويعملن بعطاء لا محدود في خدمة المجتمع الأردني الواحد.

وفيما يلي النص الكامل لعظة المطران لحّام:

من عادة الكنيسة أن لا تعُلنَ أمرًا ما بشكل رسمي إلا بعد أن يكون الشعب المسيحي عاش هذا الأمر قبل أن تعلنه الكنيسة. هذا ما حدث مع القديسة الأم تريزا. فقد قدّسها الشعب المسيحي منذ لحظة وفاتها وقدّسها العالم كله حتى قبل وفاتها. وها إن الكنيسة تعلن ذلك رسميًا وترفعها على الهياكل. ونحن اليوم نجتمع ونرفع إلى الله صلاة شكر على هذه النعمة لجمعية مرسلات المحبة أولا وللكنيسة جمعاء ثانيًا وللعالم ثالثًا.

الجميع يعرف مراحل حياة القديسة الجديدة ويعرف ضخامة العمل التي قامت به والتي تتابعه راهباتها في الأردن وفي معظم بلاد العالم. لهذا السبب لن أتكلم عن هذا. أريد أن أتكلم عن أمورر كشفها مؤخرًا كاهن من رهبانيتها كان قريبًا منها وكان كاتم أسرارها. يقول الأب فازهاكالا أنهم وجدوا في أرشيف المطرانية في كالكتا وفي دير الآباء اليسوعيين وثائق مكتوبة بخط يد الأم تريزا تؤكّد أن الأم تريزا كانت لها مكاشفات وأحاديث مع السيد المسيح، وقد كتبت، بأمر من مرشدها، ما قاله لها السيد المسيح في هذه المكاشفات. حدث ذلك في عامي 1946 و 1947 عندما كانت الأم تريزا راهبة في جمعية أخوات لوريتو الإيرلنديات وكانت تعلم في مدرسة للبنات في كالكتا. تقول الأم تريزا أنه سمعت يوما بعد المناولة يسوع يقول لها: "أريد راهبات هنديات يضحّين بحياتهنّ في سبيل محبتي. راهبات يكنّ في نفس الوقت مريم ومرثا، راهبات متحدات بي ويشهدن لمحبتي للنفوس". وفي رؤيا أخرى قال لها يسوع: "أريد راهبات أحرارًا يعشن تحت مظلّة الصليب الفقير، راهبات فقيرات يعشن تحت مظلة الصليب المطيع. أريد راهبات مليئات بالحب يعشن تحت مظلة محبة الصليب". ثم قال يسوع للأم تريزا: "هل ترفضين طلبي هذا؟ أنا لا أستطيع أن أذهب لوحدي إلى الفقراء، إذهبي أنتِ وخذيني معك".

يقول نفس الكاهن، وبعد ذلك، ومنذ عام 1949، عاشت الأم تريزا خمسين عامًا من النشاف الروحي. لم تعد تشعر بأي عزاء روحي. وكل ما قامت به من أعمال تمّ أثناء هذه الفترة المظلمة روحيًّا. كانت تقول أن سبب ذلك هو ضعفها وخطاياها، لكن مرشدها الروحي قال لها أن هذه المرحلة الروحية الصعبة هي نعمة من الله كي يسمح لها بأن تعيش مع المسيح الفقر الذي كان يعيشه مشردو مدينة كالكتا. ومما قالته عن فترة الظلام الروحي: "إن كانت فترة الظلمة الروحية التي أعيشها تحمل النور لنفس واحدة، فأنا سعيدة بذلك. وإن كانت حياتي وألمي يساعدان في خلاص النفوس، فأنا مستعدة أن أتألم وأن أموت منذ بدء العالم حتى نهايته". ويختم الأب فازهاكالا قائلًا: "يعلم العالم كلّه عن أعمال الأم تريزا الخارجية، لكن لا أحد يعلم شيئًا عن حياتها الداخلية". وعن لحظة موتها قالت: "عندما أموت وأعود إلى بيت أبي السماوي، سأعمل على جلب نفوس أكثر إلى الله. لن أنام في السماء، سأعمل أكثر مما عملت على الأرض، ولو بشكل مختلف".

أيها الإخوة والأخوات، لسنا أمام قديسة عادية. نحن أمام عملاق روحي. عملاق ننظر إليه من تحت إلى فوق، ونشعر بالعجز عن الوصول إلى ما وصل إليه. ما العمل؟ العمل أن نشكر الله على نعمة القداسة هذه للأم تريزا وللكنيسة جمعاء، العمل أن نصلي كي نكتشف مشيئة الله علينا ونقبلها كما قبلتها القديسة الجديدة بما قد يكون فيها من صعوبات وأوقات مظلمة. العمل أن نطلب شفاعتها لنقوم ولو بجزء صغير مما قامت به تجاه أفقر الفقراء، لاسيما وأننا نعيش مع البابا فرنسيس سنة الرحمة. العمل هو أن نهنّئ الراهبات، مرسلات المحبة بتقديس مؤسستهن ونطلب لهن النعمة والقوة ليتابعن عملهن مع الأشخاص الذين لا يريدهم أحد ولا يعتني بهم أحد.

مبروك لهن، مبروك لنا، مبروك للكنيسة جمعاء، مبروك للعالم. أيتها الأم تريزا القديسة صلي لأجلنا.