موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الثلاثاء، ١٦ أغسطس / آب ٢٠١٦
قانون يجرم المساس بالأديان وإشاعة الكراهية

د. صفوت حدادين :

نُبدع في التنظير عندما يتعلق الأمر بالحديث عن الوحدة الوطنية و اللّحمة بين أبناء الوطن الواحد، و كيف أن الموت وحده ما يمكن أن يفرق أهل الوطن عن بعضهم مهما اختلفوا في الأصل أو العرق أو الدين، و ما أسهل أن تنهار انفعالاتنا الايجابية دفعة واحدة أمام أول ريح تجتاح الاستقرار المجتمعي.

مخجل الحال الذي وصلت إليه وسائل التواصل الاجتماعي و قدرتها على اختلاق معارك وهمية باتت تلقي بوزرها على الوطن و تجرحه في خاصرته بل و تربك الدولة و أجهزتها التي صارت تستنفر لمحاصرة الهيجان الذي قد يتسبب به أشخاص لديهم وقت فائض يصرفونه خلف حواسيهم الشخصية.

حتى لا يفهم كلامي خطأ فأنا لا أتحدث عن حادثة بعينها، فقد تلاحقت الأحداث و بات الفضاء الافتراضي مرتعاً للمطاحنات السياسية و الاقليمية و الطائفية و باتت أفواه الحكمة المفقودة تتسابق في نشر الفرقة و الكراهية و من خلفها تركض العقول الهشة التي تنجر وراء شرارة الخصام المذهبي و الطائفي الذي أحال كثيراً من بلاد العرب إلى كنتونات آيلة للسقوط.

لم يعد من الصعب أن يقود جاهل جوقة للتكفير و الاقصاء و إعمال الكراهية في الوقت الذي بات فيه للتفرقة الدينية مفعول السحر في تدمير المجتمعات و حرقها.

الأنكى من هذا كله، أن سدنة التفرقة الطائفية باتوا يلاقون ضالتهم في وسائل الاتصال الاجتماعي للتجييش نحو الاقصاء و التكفير و رفض الآخر و تغذية الكراهية في ظل انسياق الناس وراء الشحن الطائفي و المذهبي.

عدة أحداث انشغل بها مجتمعنا خلال الفترة الماضية كشفت عن مواضع هشة في النسيج الاجتماعي قد تتسلل منها الكراهية و التكفير و رفض الآخر بأبسط مما نتخيل.

اقحام الدين في صفحات وسائل الاتصال الاجتماعي و النقاشات حامية الوطيس التي أولها سياسة و آخرها تكفير و كراهية و اقصاء على وقع الاختلاف أصبحت تحتاج إلى حل جذري.

الجديد أن الدولة لجأت إلى تحريك قضايا الحق العام في وقت قد يكون تأخر، اذ تعددت أحداث اثارة النعرات الطائفية و اهانة الشعور الديني بلا رادع، و إن كان ما ثمة ما يحتاجه البلد في هذه الأثناء فهو تشريع قانون يجرم المساس بالأديان و نشر الكراهية.

الدولة مطلوب منها أن تردع فوضى اثارة النعرات و نشر الكراهية التي تغص بها وسائل الاتصال الاجتماعي و لن يفعل ذلك إلا قانون رادع يوقع عقوبات صارمة بحق من يتجاوز على الأديان و ينشر الكراهية مهما كان المبرر.

فوضى اثارة النعرات و المساس بالاديان و نشر الكراهية يجب أن تغادر وسائل الاتصال الاجتماعي إلى غير رجعة فوراً.

بتنا بحاجة إلى قانون لأن البعض أصبح ينفث سمومه و هو يتصفح الانترنت للتسلية و لأن الجهلة باتوا ينساقون وراء لعبة اشاعة الكراهية بدون ادراك بينما الخاسر الوحيد هو الوطن.