موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ٤ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٣
قاموس ألماني تركي للمصطلحات المسيحية والإسلامية

دويتشه فيليه :

صدر مؤخرا باللغة الألمانية "قاموس الحوار" بهدف مد جسور التفاهم بين الأديان المختلفة وفهم الآخر. هذا القاموس هو نتاج تعاون يحدث لأول مرة بين علماء مسيحيين ومسلمين من ألمانيا وتركيا. وينتظر أن تصدر نسخته التركية قريبا.

خطرت فكرة "قاموس الحوار" على بالالفيلسوف المسيحي ريشارد هاينزمان قبل ثمانية أعوام أثناء ندوة في مدينة اسطنبول التركية كان يتحاور فيها علماء في اللاهوت المسيحي والدين الإسلامي حول "الكرامة الإنسانية". وقد عانى حينها المترجمون ووجدوا صعوبات في ترجمة عدد من المفردات والمفاهيم من الألمانية إلى التركية والعكس بالعكس. وتبع ذلك حدوث حالات سوء تفاهم لا يمكن أن يحلها "ولا حتى أفضل المترجمين"، حسب قول هاينزمان. "ببساطة لا توجد بيننا لغة مشتركة" بل حتى الكلمات التي تتشابه كيوم القيامة والحروب الصليبية "يتم استخدامها بشكل مختلف بين أتباع الديانتين".

البحث عن لغة تفاهم مشتركة

وهكذا كانت الحاجة أم الاختراع. ريشارد هاينزمان هو مدير المؤسسة التي تحمل اسم الفيلسوف الكاثوليكي أوغين بيسر التي تحمل شعار "الحوار من منطلق مسيحي". وبعد سبع سنوات من الأخذ والرد والشد والجذب بشأن المصطلحات والمعاني المختلفة خلال اجتماعات عديدة وطويلة، هاهي مؤسسسة أويغن بيسر تعرض في ميونيخ القاموس الذي عملت عليه: "قاموس الحوار".

وقد ظهرت الآن النسخة الألمانية من القاموس وينتظر أن تصدر النسخة التركية خلال أسابيع قليلة. ويقول هاينزمان في حوار مع DW: "أصدرنا هذا القاموس لأن لدينا أربعة ملايين مسلم في ألمانيا،بينهم ثلاثة ملايين من تركيا." وبناء على كلام هاينزمان فإن من يقفون وراء هذا القاموس قالوا: "إذا كانت هناك رغبة في نجاح الاندماج والتعايش بين أتباع الديانتين، فإن الواجب هو أن يتمكن كل منهم من فهم الآخر."

وتوجب على 50 مؤلفا تركيا و25 مؤلفا ألمانيا أن يتباروا حول ترجمة مصطلحات من التركية والألمانية مثل "الروح" و "سر الكنيسة" وأن يناقشوا مسائل مثل كيف يمكن ترجمة لفظ الجلالة "الله". وأسفر هذا المجهود عن قاموس في مجلدين صغيرين من 850 صفحة، يضمان توضيحا وشرحا لـ 660 مصطلحا، بداية من كلمة "العشاء الأخير" وحتى كلمة "غضب الرب".

استحداث كلمات جديدة

ولكل مصطلح من المصطلحات التي يضمها القاموس توضيح من خلال مفهوم مسيحي وآخر إسلامي. ويتحدث هاينزمان عن مشكلة، واجهتهم أثناء العمل في القاموس، تكمن اختلاف الفكر في الدينين بشأن مصطلحات ما أو حتى غياب المقابل المناسب للمصطلحات في اللغة الألمانية أو التركية، لذا تحتم على فريق العمل استحداث كلمات جديدة.

أهل الاختصاص ليسوا هم وحدهم الفئة المستهدفة من هذا القاموس، بل يشمل أيضا تلاميذ المرحلة الثانوية والمعلمين والمربين وحتى أصحاب القرار في السياسة والاقتصاد، فهو يوفر لكل هؤلاء معلومات موثوقة قائمة على أساس علمي تمكنهم من فهم الغريب بشكل أفضل.

ورغم أن ريشارد هاينزمان ناشر للقاموس، إلا أنه نفسه تفاجأ من كم المعارف التي جمعها خلال سنوات العمل الطويلة على القاموس. ومثال على ذلك معرفته أنه يجب عدم ترجمة مصطلح "جهاد" في الفكر الإسلامي بقدر مساو لمصطلح "الحرب المقدسة" التي صاغها البابوات في زمن الحروب الصليبية، فالمعنى الأصلي للجهاد حسب ما فهمه هاينزمان هو "جهاد المسلم لنفسه وضبطها".

ترحيب من قبل مجلس المسلمين في ألمانيا

وبالفعل قوبل "قاموس الحوار" بالتقدير والإعجاب من قبل دوائر إسلامية. ويقول أيمن مزيك رئيس مجلس المسلمين في ألمانيا: "يعتقد كثيرون أنهم يعرفون شيئا عن الإسلام، لكنهم في الحقيقة يرددون فقط ثرثرة سمعوها هنا أو قرؤوها هناك." ويلفت إلى أن هناك من كلا الطرفين "مبالغة في استخدام مصطلحات فضفاضة مثل الشريعة أو الجهاد"، لذلك، "لا يمكنه (مزيك) إلا أن يهنئ مؤسسة أوغين بيسر على عملها الرائد". وينوه أيمن مزيك إلى (ضرورة) البدء الآن في مشروع مماثل مع علماء عرب.

أما فولف فالتر، مدير أحد الأقسام في المكتب الاتحادي الألماني للهجرة واللاجئين، فيعتبر قاموس الحوار مرجعا لتعزيز الحوار بين الأديان. ويرى فالتر أن هذا العمل يمكن أن يستخدم في المدارس والجامعات ودوائر الحوار بين المسلمين والمسيحيين على المستوى المحلي.

وقد ساهم ماليا في هذا المشروع الرائد مانحون كثيرون كالاتحاد الأوروبي، والبرلمان الألماني (بوندستاغ) ووزارة الداخلية الألمانية والعديد من المؤسسات الأخرى. وهذا يظهر مدى تقدير السياسة للحوار بين الأديان في نجاح الاندماج.

ويشعر ريشارد هاينزمان، ناشر القاموس، بأن فكرته بشأن إصدار القاموس كانت سليمة ويقول: "لقد انطلقنا من خلال وضع اجتماعي محدد في ألمانيا ربما كان ليتحول إلى شيء في منتهى الخطورة، إذا لم ننجح في أن نفهم بعضنا البعض."