موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١٥ يناير / كانون الثاني ٢٠١٧
فرسان مالطا: رسالة البابا

بقلم: أندريا تورنييلي ، ترجمة: منير بيوك :

زادت حدة التوترات بين الكرسي الرسولي وفرسان مالطا (فرسان القديس يوحنا) بعد البيان الذي أعلن فيه رئيس المنظمة الأعلى فرا ماثيو فيستينج بشكل صريح بأن الفرسان لا ينوون التعاون بأي شكل من الأشكال مع اللجنة التي شكلها الكرسي الرسولي على ضوء إقالة مستشارها الأكبر ألبريخت فرايهر فون بوسيلاغر.

وقد تم اتهام بوسيلاغر بتوزيع واقيات ذكرية خلال مبادرة إنسانية في ميانمار في السنوات الأخيرة. وقد دافع المستشار في المنظمة الكاثوليكية العلمانية عن نفسه بالقول أنه لم يعلم شيئًا عن برنامج توزيع الواقيات الذكرية، الذي كان ضمن مبادرة لمكافحة مرض الإيدز وتنظيم الأسرة، وأنه أوقفه عندما علم بالأمر.

وأكد الرئيس الأعلى في رسالته أن المنطمة تمتع بالسيادة، مذكرًا الجميع بأن لدى الفرسان الأعضاء قوانينهم المستقلة، وأنه لا يجب على البابا التدخل في الشؤون الداخلية. إلا أن المحاولة لإشراك البابا بالطلب منه أن يعطي تأييده لإقالة بعض الفرسان، جاءت من الفرسان، أو بالأحرى من راعيها الكاردينال ريمون ليو بورك، وبدأت القضية برمتها برسالة من البابا فرنسيس نفسه.

في الخامس من كانون الثاني، أظهر الكمبيوتر اللوحي الرسالة التي بعثها أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين إلى ماثيو فيستينج في 21 كانون الأول 2016، يبلغه أن البابا لا يريد إقالة بوسيلاغر. "وكما أوضحت لك في رسالتي بتاريخ 12 كانون الأول 2016: 'حيث أن استغلال الوسائل والطرق يتعارض مع القانون الأخلاقي، فإن قداسة البابا طلب إجراء حوار كوسيلة للتعامل مع المشاكل ولحلها بصورة نهائية. إلا أنه لم يتحدث أبدًا عن إحالة أحد من موقعه'!".

لذا هنالك رسالتان بعثهما بارولين إلى الرئيس الأعلى، وتحتوي في أولهما الرسالة المؤرخة في 12 كانون الأول ذكر لما "طلبه" البابا. لكن لماذا ومتى كان البابا فرنسيس معنيًا في هذه المشكلة الداخلية الخاصة بالفرسان طالباً شيئاً ما؟

بدأ الموضوع برمته في 10 تشرين الأول 2016 حينما استقبل البابا رئيس الفرسان الكاردينال ريموند ليو بورك. كان هنالك فترة تقل عن أسبوع عن نشر التساؤل "dubia" المتعلق بـ"فرح الحب"، لكن من الواضح أنه لم يكن جوهر النزاع. وفي الأيام التي تلت اللقاء، أرسل البابا فرنسيس رسالة إلى الكاردينال بورك موجهة إلى رؤساء الفرسان في مالطا يدعوهم فيها إلى حل الخلافات بالحوار، ومؤكدًا احترامه إلى الأخلاقية الكاثوليكية (بدون أن تشمل إشارة ضمنية إلى الموضوع المتعلق بتوزيع الواقيات الذكرية في ميانمار والتي استغلت كحجة لتبرير إقالة بوسيلاغر)، وإلى متابعة أية مؤسسات تتعارض مع الكنيسة من اختراق فرسان مالطا. ويبدو أنه طلب الكاردينال من البابا الموافقة على إقالة أعضاء مختلفين من فرسان مالطا من ضمنهم المستشار الأكبر. وتدخل البابا فرنسيس مستذكرًا بعض المبادئ، ومطالبًا في نفس الوقت مناقشة هذا الموضوع داخليًا دون إقالة أحد.

عندما تطرق الموضوع إلى إقالة بوسيلاغر، تم التطرق إلى موافقة الفاتيكان أو بالأحرى موافقة البابا كوسيلة لتبرير ذلك. وبذلك تم زج البابا فرنسيس والكرسي الرسولي في هذه القضية بحيث يثبتا القرار الصارخ المتخذ والذي تم التشارك معه مع الرئيس الأعلى والكاردينال المشرف. وهذا يعود جزئيًا إلى كون الكاردينال وزير الخارجية، الذراع الأيمن للبابا فرنسيس، قد أرسل رسالتين تبعتا الرسالة الأولية التي بعثها البابا فرنسيس ليعيد تأكيد ما كان البابا قد طلبه وينفي الكلمات التي نقلت خطأ على لسانه.

من الصعب القول كيف يمكن لهذا الجدال أن ينتهي كونه ليس الأول من نوعه في تاريخ العلاقة بين جمعية الفرسان مالطا والفاتيكان. يشكل الموقف الواضح الذي تبناه الرئيس الأعلى للتعاون مع اللجنة التي أقامها الكرسي الرسولي، مدعيًا أنه ليس هنالك حق في التدخل في أمور المنظمة، شهادة تبين مدى شدة التوتر.

في هذه الأثناء، ردت اللجنة الفاتيكانية المكلفة بالتحقيق في طرد المستشار بعبارات واضحة على البيان الحاد الذي أصدره الرئيس الأعلى، مذكرةً أن القرار المتخذ بإنشاء هذه اللجنة لم يصدر عن أمين سر الحاضرة وإنما عن البابا نفسه. إن ذلك يذكر فرسان مالطا أن وضع النظام الديني كونه النص القانوني الذي يقره الكرسي الرسولي "قد أعلن أن الفرسان ورجال الدين يربطون أنفسهم بطاعة الأب الأقدس".

ويستذكر النص القانوني في رد اللجنة التي أنشأها البابا فرنسيس "هي شرعية وذات صلاحيات تامة" للتحقيق في الأمر ولإبلاغ البابا بالظروف المحيطة بإقالة بوسيلاغر. ويشير أن "هذا لا يشكل تدخلاً في الأمور الداخلية الخاصة بالفرسان، وذلك لأن هدف اللجنة، كما هو واضح، يرمي إلى تقديم تقرير إلى الأب الأقدس حول الإجراءات (المستعملة لإقالة بوسيلاغر) وليس لشيء آخر.