موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١ مارس / آذار ٢٠١٨
شهادة الرهبان الفرنسيسكان الذين مكثوا داخل كنيسة القيامة أثناء إغلاقها

حراسة الأراضي المقدسة :

بعد ثلاثة أيام من الإغلاق، فتحت كنيسة القيامة من جديد بوابتها، في الثامن والعشرين من شهر شباط، عند الساعة الرابعة صباحًا. فمنذ مساء يوم الأحد، لم تبقى في داخل كنيسة القيامة سوى الجماعات الرهبانية الثلاثة التي تعيش داخلها: الروم الأورثوذكس والفرنسيسكان والأرمن. وقد توجهنا في اليوم الثالث من الإغلاق إلى الرهبان الفرنسيسكان المقيمين في كنيسة القيامة طالبين منهم مشاركتنا في شهادتهم وأن يطمئنونا على سير الحياة داخل الكنيسة كالمعتاد. إليكم ما أخبرنا به كل من رئيس الأخوية الفرنسيسكانية والراهب المسؤول عن الساكرستية في كنيسة القيامة.

عبر رئيس الأخوية الفرنسيسكانية في كنيسة القيامة، الأب زاهوج دراجيك، خلال المكالمة الهاتفية التي أجريناها معه، قائلاً: "رغم أننا لا نستطيع الخروج، إلا أن حياتنا اليومية تبقى هي هي. نحن عبارة عن عشرة رهبان نصلي من أجل جميع الحجاج". وقد روى الراهب البولندي، الذي يشغل مهمة رئيس الأخوية منذ سنتين تقريبًا، كيف أن تواصله مع العالم الخارجي يتم خلال هذه الأيام عبر النافذة الصغيرة المقامة في البوابة الرئيسية، والتي منها يستقبل نيات الصلاة والتقادم.

وتابع الأب زاهوج قائلاً: "تربطنا بالكنائس المسيحية الأخرى، أي الأورثوذكس والأرمن، علاقات جيدة جدًا، ونحن نتمتع بهدوء وصمت خاص. إنّ الأمر المختلف في هذه الأيام هو أن السيدة التي تعدّ لنا الطعام لا تستطيع الدخول، لذلك نقوم نحن الرهبان بإعداد الطعام بأنفسنا". ورغم الأسف الذي يشعر به رئيس الأخوية الفرنسيسكانية في القبر المقدس، لعدم مقدرة الرهبان على استقبال الحجاج، إلا أنه قد أوضح لنا كيف أن السكينة تسود العلاقات بين الرهبان خلال هذا اليوم الثالث لإغلاق الكنيسة.

من ناحية أخرى، علق الراهب الفرنسيسكاني سينيسا سريبرينوفيك، المسؤول عن الساكرستية، قائلاً: "الحياة في كنيسة القيامة لا تتغير، حتى وإن كانت الأبواب مغلقة. نحن نعلم بأن الحجاج الذين يمكثون في الخارج، لا يستطيعون دائماً فهم هذه الأوضاع. تلقينا دعماً كبيراً من كافة أنحاء العالم، وكذلك فإن الأدلاء السياحيين المحليين، الذين أعرفهم، قد أكدوا لنا بأنهم سيقومون بتوضيح ما الذي يحدث".

وتابع الأخ سينيسا قائلاً: "يبدو أمراً صادماً أن نرى اليوم الكنيسة فارغة، لكننا مستمرون في حياتنا الطبيعية". بعد منتصف الليل، يبدأ الروم الأورثوذكس ليتورجيتهم في القبر المقدس، يليهم الأرمن ومن ثم يبدأ الفرنسيسكان بالقداديس الإلهية التي يقيمونها إما في الجلجلة أو عند قبر يسوع. وتابع مسؤول الساكرستية في القبر المقدس قائلاً: "حتى وإن لم يكن هنالك أحد، فإننا نرنّم القداس الإلهي بمرافقة الأرغن، وهكذا فإن لحظات الفترة الصباحية من حياتنا تتعاقب كالمعتاد. في المساء نقوم بالدورة اليومية التي نطوف بها انحاء كنيسة القيامة". عندما يصغي هذا الراهب، ذو الأصول الكرواتية، إلى صوت ترنيم الحجاج في الخارج، فإنه يرى في ذلك علامة: "إنها علامة؛ لأن هؤلاء الذين يأتون كحجاج يقصدون قبر يسوع. لكنهم يجدون الباب مغلقاً. ورغم ذلك فإنهم يجدون الرجاء في الصلاة أمام هذا الباب المغلق".

وقد حرص الأخ سينيسا أيضاً على تذكيرنا بالتاريخ الفرنسيسكاني الطويل الذي تضمن في الماضي لحظات أخرى مشابهة تم خلالها اغلاق القبر المقدس: من ذلك على سبيل المثال، ما حدث زمن الأتراك حين كانوا يتحكمون بدخول الحجاج إلى كنيسة القيامة. هذا التحكم في دخول الحجاج إلى قبر المسيح، كان أحد الأسباب التي أدت إلى وجود حارس مُسلم يُحافظ على مفاتيح الكنيسة.

وتابع الأخ قائلاً: "سبق واضطر الإخوة في الماضي إلى المكوث داخل كنيسة القيامة والأبواب مغلقة لمدة أسابيع متواصلة، لكنهم كانوا يستمرون بحياتهم وفقاً للمعتاد. نحن هنا بإسم الكنيسة، لكي نُأَمِّن إقامة الصلاة المستمرة في هذا المكان المقدس". في هذه الأيام، تربط بين الجماعات المسيحية المقيمة في كنيسة القيامة علاقات جيدة، كما هو الحال منذ مدّة. "لقد استطعنا التحكم في هذه الأوضاع برفقة الإخوة من الطوائف المسيحية الأخرى، وذلك منذ اللحظة الأولى التي تعين علينا فيها إخراج الأشخاص لإغلاق البوابة".

تبقى الجماعة الفرنسيسكانية المقيمة في كنيسة القيامة متحدة في الصلاة من أجل الحجاج. وتابع الأخ سينيسا قائلاً: "نطلب أن ينيرهم الرب، لكي يدركوا حقيقة هذه الأوضاع. إنها ليست أوضاعاً سهلة. نحن لسنا هنا لأجل العمل السياسي، ولكن لحماية الحضور المسيحي. منذ 800 عام والرهبان يعيشون في الأرض المقدسة، وقد كان هذا هدفنا دائماً".