موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢٣ يناير / كانون الثاني ٢٠١٨
شهادة الدم لا تفرق بين كنيسة وأخرى وتجعلنا نتخطى كل عقبة لوحدتنا

حريصا - وطنية :

ترأس بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك يوسف الأول عبسي قداسًا احتفاليًا، في كنيسة مقر الرئاسة العامة لجمعية مرسلات سيدة المعونة الدائمة في حريصا، بمناسبة مرور خمسين عامًا على وفاة مؤسس الجمعية المثلث الرحمة البطريرك مكسيموس الرابع الصائغ.

وقال البطريرك العبسي في عظته: "إنها لسعادة حقة أن نلتقي كلنا معًا حول السيد المسيح لنحتفل به، بسر موته وقيامته، في هذه الليتورجيا الإلهية، مجسدين وحدتنا فيه، لا سيما ونحن في أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين، معلنين مع الرسول بولس: "إن الجسد واحد والروح واحد، كما أنكم بدعوتكم، قد دعيتم إلى الرجاء الواحد. وإن الرب واحد والإيمان واحد والمعمودية واحدة والإله واحد والآب واحد وهو فوق الجميع وخلال الجميع وفي الجميع" (أف 4: 5-6)".

أضاف: "عندما نسمع بولس يردد علينا هذا الكلام منذ ألفي سنة، وعندما نرى اليوم بعد ألفي سنة أن مسيحيين من مختلف الكنائس والطوائف يقتلون أو يضطهدون من أجل إيمانهم بالسيد المسيح، لا من أجل كاثوليكيتهم ولا من أجل أرثوذكسيتهم ولا من أجل بروتستانتيتهم، فيما كنائسهم بعيدة بعضها عن بعض، يصيبنا شيء من الخجل لا سيما ونحن نقيم هذا الأسبوع منذ أكثر من مئة سنة من دون أية نتيجة. إن المسيحيين الذين نراهم يذبحون في هذه الأيام من أجل اسم يسوع ألا نجمع كلنا، على الأقل في داخل ضميرنا وقلبنا، على اعتبارهم شهداء؟ إلا إذا كان أولئك الشهداء ماتوا من أجل مسيح آخر! لا بل إنهم شهداء وشهادتهم التي أدوها هي التي سوف تجمعنا نحن المسيحيين وهي التي تعضد صلاتنا وضعفنا".

وتابع بطريرك أنطاكية للروم الملكيين الكاثوليك: "إن شهادة الدم التي نراها اليوم والتي لا تفرق بين كنيسة وكنيسة من شأنها أن توقظ ضمائرنا حتى نتخطى كل عقبة تحول دون التفافنا حول يسوع الواحد والهو هو أمس واليوم وغدا وإلى الدهور. وبهذا الضعف عينه نصلي اليوم إليهم بنوع خاص من أجل وحدة الكنيسة قائلين: "مغبوطة الأرض التي أخصبتها دماؤكم يا شهداء الرب الظافرين ومقدسة الأماكن التي وطئتها أقدامكم". فلتوحدنا دماؤكم التي جبلت مع دم يسوع الفادي".

وأضاف: "وإننا إذ نصلي في هذه الأيام من أجل وحدة المسيحيين نذكر بالصلاة رجلا سعى إليها كثيرا في حياته حتى إنها صارت "همه الأكبر" على حد قوله. إنه السعيد الذكر المثلث الرحمة البطريرك مكسيموس الرابع الصايغ، مؤسس هذه الرهبانية المحبوبة الذي انقضى على انتقاله خمسون سنة. إن قضية الوحدة المسيحية كانت في الواقع صارت "همه الأكبر" لأنها تمس كنيستنا في حياتها، في قلبها وفكرها. وقد قال يوما عن هذا الموضوع من داخل حاضرة الفاتيكان: "إن اتحاد الكنائس قد يكون للكثير من أساقفة العالم معضلة هامة وحيوية، ولكنهم لا يشعرون بها إلا شعورا نظريا فقط. أما نحن فإن جرح الانفصال نشعر به شعورا حسيا داميا... فمسألة الوحدة هي همنا الأكبر وأول مشاغلنا وأشهى رغائب قلبنا. إنها الغاية التي نرمي إليها بكل جوارح نفسنا... وإنه ليبدو لنا أن السعي في سبيل اتحاد الكنائس هو علة وجودنا والرسالة الأساسية التي ألقتها العناية الإلهية على كاهلنا جماعة وأفرادا".

وتابع البطريرك العبسي: "بعد مضي أكثر من خمسين عامًا على هذا الكلام الذي أعتقده خطيرا جدا إذ يجعل من "السعي في سبيل اتحاد الكنائس علة وجودنا"، حين نستعرض مراحل هذا السعي والأعمال التي عملت في سبيله، تواجهنا أسئلة لا بد في رأيي من التصدي لها لكي نجد حلا ما عاد يسعه الانتظار إلى ما لا نهاية له: هل أصبح وجودنا في خطر؟ هل صار أمرا يستغنى عنه؟ هل نبقى عالقين فوق الجسر الذي بنيناه لأنفسنا، إن بقي جسر إذ بات الطرفان يتخاطبان مباشرة، أم حان الوقت لأن نضع أقدامنا على هذه أو تلك من ضفتي النهر؟ هل نقضي العمر في البحث عن هويتنا؟ قيل وكتب الكثير في مدح البطريرك مكسيموس الرابع، في مدح مآثره وخصاله ودوره في المجمع الفاتيكاني الثاني. لا مجال الآن للوقوف على كل ذلك. إنما لا بد من القول إن تأسيسه، بالتعاون مع الآباء البولسيين، للراهبات مرسلات سيدة المعونة الدائمة، كان مأثرته وإسهامه الكبير في خدمة كنيستنا الرومية الملكية. إن تطلعه وتشوقه إلى اتحاد الكنائس ما كان ليمنعه لا بل على العكس دفعه إلى أن يبني كنيسة ملكية قوية على جميع الأصعدة. وراهبات سيدة المعونة الدائمة كن أحد الحجارة الكبيرة في هذا البناء. راهبات مرسلات انتشرن سريعا في بلادنا ونشرن كلمة الإنجيل بروح المؤسس، بروح بولس الرسول، بالنار التي كانت تشتعل في قلب كل منهما: "إن محبة المسيح تحثنا والويل لي إن لم أبشر". فالشكر لله تعالى على هذه النعمة والشكر لكن أيتها الأخوات الفاضلات على رسالتكن وعلى شهادتكن".