موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٥ ابريل / نيسان ٢٠١٦
دير مار اليان يلملم جراحه بعد انسحاب مسلحي تنظيم الدولة منه

ا ف ب :

دير مار اليان في قلب البادية السورية، لم يبق منه الا الركام بعد اخراج مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية منه الاحد، وهم ابوا الا ان يتركوا توقيعهم "اسود الخلافة" على احد جدرانه القليلة التي لا تزال قائمة مع عبارة "أتيناكم باسود جياع ترى لحم العدا اشهى طعام".

يقع دير مار اليان في مدينة القريتين التي كانت تعتبر رمزا للتعايش بين المسلمين والمسيحيين في سوريا. تعود احدى كنيستي الدير المبنية من الاجر والطين الى القرن الميلادي الخامس، الا ان ما تبقى منها لا يعدو كونه ركاما، بحسب ما افاد فريق وكالة فرانس برس الذي زار المكان الاثنين.

وقام مسلحو تنظيم الدولة الاسلامية في آب 2015 بتدمير الكنيسة مستخدمين المتفجرات والجرافات "بحجة ان مرتاديها كانوا يعبدون الها غير الله الواحد". ولاحظ الفريق ان جمجمة القديس مار اليان مع بعض عظامه لا تزال داخل تابوته الحجري، اما الغطاء المزين بصليبين محفورين فقد تم تحطيمه. يتحدر القديس اليان من حمص في وسط سوريا، واستشهد على ايدي الرومان لرفضه التخلي عن دينه المسيحي.

وقال الاب جاك مراد، المسؤول في هذا الدير التابع للسريان الكاثوليك، في اتصال هاتفي معه في ايطاليا بعد ان شاهد صورا للتابوت ارسلتها له فرانس برس عبر تطبيق واتس اب "انه فعلا تابوت القديس مار اليان وعظامه".

وكان هذا الكاهن تمكن من الفرار من قبضة تنظيم الدولة الاسلامية في تشرين الاول 2015 بعد ان بقي محتجزا لديه 84 يوما، حيث هدد بالقتل في حال لم يتخل عن دينه ويعتنق الاسلام. وقال الاب جاك مراد لفرانس برس "انا في غاية الحزن وافضل التزام الصمت، لان الصمت بمواجهة كل ما يحصل هو كلمة الحق".

اما الكنيسة الجديدة في الدير التي دشنت في التاسع من ايلول عام 2006 فهي متفحمة بالكامل، والطاولة الحجرية التي كانت تستخدم مذبحا محطمة. ويحوي الدير 16 غرفة دمر القصف قسما منها، فيما لا تزال الطناجر والصحون مبعثرة في المطبخ وقاعة الطعام بعد ان غادر مسلحو التنظيم الجهادي المكان على عجل.

وفي غرفة مجاورة لا تزال قائمة اكياس صغيرة تحوي بقايا عظام تعود الى مقبرتين واحدة مملوكية والثانية عثمانية على مقربة من الدير، قام علماء اثار بجمعها في الدير، بحسب ما قالت لفرانس برس مي معمرباشي التي شاركت قبل عشر سنوات في اعمال تنقيب في هذا المكان.

ويوضح الاب مراد ان كنيستين اخريين في وسط مدينة القريتين، واحدة للسريان الارثوذكس واخرى للروم كاثوليك، تعرضتا للحرق منذ الاسبوع الاول لوصول مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية.

وتمكن الجيش السوري من استعادة مدينة القريتين الاحد، وهي تعتبر واحدة من اخر المواقع التي كان التنظيم الجهادي لا يزال يسيطر عليها في محافظة حمص. وكان عدد سكان مدينة القريتين يبلغ نحو ثلاثين الف شخص بينهم 900 مسيحي قبل الحرب.

وقال ضابط في الجيش السوري برتبة عميد لوكالة فرانس برس وهو يقف داخل كنيسة مار اليان المدمرة "تقع بلدة القريتين وسط الصحراء في منطقة مفتوحة بين القلمون بريف دمشق وريف حمص الجنوبي، وتعتبر هامة لوقوعها في منطقة وسطى تؤدي شرقا الى تدمر ودير الزور، وغربا الى حمص ودمشق والطريق الدولي".

واضاف الضابط "مع السيطرة على هذه المدينة، تم قطع كل هذه الطرق التي كان يستفيد منها داعش الذي فرّ باتجاه بلدة البصيرة شرقا وسط الصحراء والجيش يلاحقه". واوضح ان التنظيم الجهادي "قاتل لنحو عشرة أشهر في هذه المنطقة، وحاول البقاء فيها كثيرا" قبل ان يجبره الجيش السوري على الانسحاب منها.

وعلى غرار تدمر فان مدينة القريتين خالية تماما من سكانها ومعظم مبانيها اما مدمرة واما مصابة باضرار جسيمة بسبب المعارك الضارية التي جرت فيها. ومن اصل سكان المدينة المسيحيين ال900 بقي 277 منهم فيها حتى بعد دخول مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية اليها. وتم اعدام شخص منهم، فيما قتل عشرة اخرون في القصف، وخمسة لا يزالون محتجزين لدى التنظيم. اما الباقون فتمكنوا من الفرار نهاية العام 2015 بحسب الاب مراد.