موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢٤ يوليو / تموز ٢٠١٨
خبراء يشككون في نتائج دراسة ’أنماط تدفق الدم‘ الأخيرة حول كفن تورينو

روما – أبونا ووكالات :

شكك عدد من الخبراء في صحة نتائج الدراسة الأخيرة على كفن تورينو، والتي خلصت إلى أن ما يقارب من نصف بقع الدم الموجودة على الكفن قد تم رسمها، بحيث جاءت النتيجة استنادًا إلى عمليات محاكاة وصور فوتوغرافية، من دون أن يتمكن واضعا الدراسة من الوصول إلى قطعة قماش الكتان الأصلية.

وكان أخصائي علم النفس الشرعي ماتيو بوريني، الأستاذ في جامعة جون موريس في ليفربول، بالتعاون مع الكيميائي لويجي غارلاشيلي، الأستاذ في جامعة بافيا وعضو اللجنة الإيطالية لمراقبة التصريحات حول العلوم الزائفة، قد نشرا الأسبوع الماضي ورقية دراسية في مجلة Journal of Forensic، حول كفن تورينو تستند إلى دراسة أنماط بقع الدم، وهي التقنية المستخدمة في تحقيقات الجرائم.

ولم يتمكن معدّا الدراسة الإيطاليين من الوصول إلى قطعة قماش الكتّان الأصلية في كاتدرائية تورينو، ولكن اعتمدت تجاربهما على صور ونماذج، بما في ذلك الدمى. وأشار بوريني، وهو طبيب، أن البقع "ليست واقعية"، معتقدًا أنها "رسمت بشكل مصطنع"، فبحسب عمليات المحاكاة الخاصة به فعلى الدماء أن تسلك اتجاهات مختلفة.

وأمام هذه الدراسة الجديد، قدمت إيمانويلا مارينيللي، وهي عالمة درست كفن تورينو منذ عام 1977، وكتبت أكثر من 300 دراسة وعدة كتب حول هذا الموضوع، تساؤلات حول المنهجية التي اعتمدها الطبيب بوريني. وقالت: "من الواضح أن الأمر ليس الشيء نفسه"، مشيرة إلى اعتماد الدراسة الأخيرة على الصور من دون اللجوء إلى الكفن نفسه.

ويقول مؤلفا الدراسة بأنهما قاما بإجراء الاختبارات باستخدام دمٍ حقيقي وصناعي، سواء على متطوعين أو دمى بلاستيكية، معتبرين أنه توجد بقع غير مثبتة على الساعدين والفقرة القطنية من منطقة الظهر السفلية، مشككين بذلك بأصالة الكفن، ومعتبرينه "تمثيل فني أو تعليمي لآلام السيد المسيح، يعود إلى القرن الرابع عشر".

ومن هنا أتى سؤال الدراسة: هل تم رسم الدماء على كفن تورينو؟

يوضح ألفونسو سانشيز هيرموسيلا، الطبيب والخبير في علم الأنثروبولوجيا في فريق بحث إسباني متخصص في السينتولوجيا، أنه "ليس للمحققين مؤهلات علمية" للتطرق إلى الكفن، فطبيب وأنثربولوجي لا يملكان الخبرة في بقع دم الإنسان.

ويضيف: "يقولان، بأن الدارسة تفيد أن بقع الدماء التي لاحظاها لا تتطابق مع النتائج التي حصلا عليها في التجارب، لكنهما لا يملكان المعرفة الكافية، كونهما لم يقومان بتصميم التجربة بشكل كافٍ، ولهذا السبب تفتقر استنتاجاتهما لأية قيمة علمية"، وبما أنها لا تمتلك "قيمة علمية، فلا ينبغي نشر الدراسة في مجلة جادة".

أما البروفيسور باولو دي لازارو، نائب رئيس المركز الدولي لعلم السينتولوجيا في تورينو، فأشار في رسالة نشرتها أبرشيته، إلى أن الظروف التي أدت إلى تدفق الدماء عن رجل معذّب تعرّض لظروف قاسية تختلف اختلافًا كبيرًا عن تلك الظروف المحيطة بالمتطوعين سواء كانوا أصحاء أم دمى، كالدراسة التي أجراها بوريني وغارلاشيلي.

وأضاف دي لازارو: "من غير الممكن أن نفكّر بأن الظروف الواقعية لمسار تدفق الدماء من على جسد رجل مصلوب يمكن إعادة انتاجه دون التطرق إلى جميع تلك العوامل التي ربما تكون قد أثرّت في هذا المسار بطريقة هامة"، مشيرًا إلى أن موضوع البحث ليس بجديد على الإطلاق، فالدراسة مؤرخة عام 2014، وتم تقديمها من دون نشرها في مؤتمر للطب الشرعي بالولايات المتحدة الأميركية، وحتى ذلك الوقت كانت هنالك مخاوف كبيرة لدى الأطباء حول صحة نتائجها، لكنها نشرت اليوم مع إضافة بعض التجارب الجديدة عليها.

وحول منهجية الدارسة، يلفت النظر إلى أنه في عام 2014 أثيرت مشلكة أولى مرتبطة باستخدام كيس دم يحتوي على مضاد للتجلّط، حيث يمكنك رؤيته بشكل جيد في الفيلم المصاحب للبحث، حيث يتدفق الدم على الذراع بطريقة مائعة، لدرجة أن الدماء تشبه الماء الملون تقريبًا، وبالتالي سيولة الدم المستخدم في التجربة لا علاقة له بحالة الرجل المصلوب في الكفن.

ويضيف: هذا الرجل قد تعرّض للتعذيب من خلال علامات السوط الظاهرة على جسمه بشكل كامل والجروح الذي سببها إكليل الشوك، كما كان يعاني من الجفاف: لم يأكل ولم يشرب ليوم واحد على الأقل. كما تعرّض للإجهاد وكان عليه أن يحمل الذراع الأفقي للصليب وصولاً إلى الجلجلة. ونتيجة لذلك، كان يجب أن يكون دم هذا الشخص أكثر لزوجة من الطبيعي، وبالتالي قد تكون مسارات الدم المتدفقة من الجروح قد اتخذت اتجاهات مختلفة تمامًا عن تلك الخاصة بالدم المميع المتسخدم في هذه التجربة.

ولفت البروفيسور كذلك إلى مسائل متعددة تتعلق بالظروف: سرعة خروج الدم من جراح رجل الكفن، وهو أمر غير معروف، وبالتالي لا يمكن إعادة انتاج هذه التجربة. بالإضافة إلى أمر آخر لا يقل أهمية، ولم يتم النظر إليه في التجربة، ألا وهو حالة الجلد، فمسار الدم على جلد رجل مصلوب تعرّض للتورمات والتعذيب والجفاف والعرق والإتساخ بسبب السقوط المتكرر، يختلف عنه كتلك البشرة الناعمة والنظيفة المستخدمة في تجربة الدراسة.

وكفن تورينو هو عبارة عن قطعة قماش من الكتان بطول 14 قدمًا و5 بوصات، وعرضها 3 أقدام و7 بوصات، وتُظهر صورة لرجل تم تعذيبه وصلبه. ويعتقد الكثر من الكاثوليك أن قطعة القماش هي نفسها التي لفت جسد يسوع بعد موته على الصليب، على الرغم من بقاء الكنيسة الكاثوليكية على الحياد في هذا الموضوع.

وكان الكفن الموجود حاليًا في كاتدرائية تورينو بإيطاليا منذ 1578، موضوعًا لآلاف التحقيقات العلمية من تخصصات متنوعة، مع أكثر من 32 ألف صورة التقطت له. وقد تم عرض الكفن لآخر مرة للجمهور عام 2015. فيما سيتم عرضه في آب المقبل أمام مجموعة كبيرة من الشباب الإيطالي في رحلة حج.