<p dir="RTL"><span style="color:#006699;">فيما يلي نص الكلمة التي ألقاها الأرشمندريت د. بسام شحاتيت خلال جلسة نقاشية بعنوان: &quot;قانون الأحوال الشخصية للمسيحين: واقع وتحديات&quot;، بتنظيم من جمعية الشابات المسيحية ومبادرة &quot;محاميات نحو التغيير&quot; بتاريخ 30 آذار 2019 في عمان:</span></p><p dir="RTL">أبدأ بتقديم الشكر إلى جمعية الشابات المسيحية ممثلة برئيستها السيدة هانيا قاقيش ومبادرة محاميات نحو التغيير ورئيستها معالي ريم أبو حسان للدعوة الكريمة ولأتحدثَ في هذا اللقاء الذي يبحثُ في موضع له أهمية بالغة في مُجتمعِنا الأردني.</p><p dir="RTL">تُسَلِّطُ دراستي البَحْثِيَّة الضَّوءَ على حقوق المسيحيين وواجباتهم بحسب قوانين الأحوال الشخصية والدساتير في البلدان العربية ولا سيما في الأردن، من وجهة النظر اللاهوتية والقانونية والاسلامية والتاريخية. هذه الدراسة جاءت في كتابٍ يتكون من خمسة فصول موزعة على خمسمائة وأثنين وثلاثين صفحة.</p><p dir="RTL">وتبينُ الدراسةُ مواطنَ التشابه والاختلاف بين حقوق المسيحيين وواجباتهم في كل بلد من البلاد العربية، لأن لكل دولة خصوصيتها، وتاريخها، وقانونها الخاص بما يتعلق بأحوال مواطنيها الشخصية والدستورية. ومن أهم النقاط التي سأتطرق إليها:&nbsp;</p><p dir="RTL">-&nbsp;التحديات والصعوبات التي تواجه الباحث في الحقوق والواجبات للمسيحيين العرب</p><p dir="RTL">-&nbsp;حقوق المسيحيين وواجباتهم في المجمع الفاتيكاني الثاني والقانون الكنسي</p><p dir="RTL">-&nbsp;الحوار هو الطريق للحصول على الحقوق وتطوير قوانين الأحوال الشخصية</p><p dir="RTL">-&nbsp;حقوق المسيحيين وواجباتهم في قانون الأحوال الشخصية في الأردن</p><p dir="RTL">-&nbsp;قوانين الأحوال الشخصية وحقوق المسيحيين وواجباتهم في البلدان العربية</p><p dir="RTL"><strong>2- هدف الكتاب، التحديات والصعوبات</strong></p><p dir="RTL">لقد أستغرق إنجاز كتابي سنواتٍ من الدراسة المتواصلة والبحث في المصادر المُعتمدة اللاهوتية، والمراجع القانونية والكنسية والفقه والقوانين الإسلامية، حيث بدأ البحث منذ سنة 2008، وتم الانتهاء من كتابة الاطروحة ومناقشتِها سنة 2013، ونشرت في سنة 2017 باللغة الإيطالية، وسوف تصدر باللغة العربية سنة 2019 مع إضافة وتعديل ما طرأ من تغييِرات وتعديلات وتطوير على قوانين الأحوال الشخصية.</p><p dir="RTL">لقد ثَبُتَ لديَّ وبعد البحث عدم توفر دراسةٍ أو كتابٍ متكاملٍ مختصٍ يبحث في حقوق المسيحيين وواجباتهم في البلاد العربية.</p><p dir="RTL">لقد تم التركيز مرات عديدة في الرسائل العامة التي أصدرها قداسة البابا السابق بندكتس السادس عشر، ورسائل أصحاب الغبطة البطاركة الكاثوليك الشرقيين، على ضرورة دراسة الأحوال الشخصية في البلدان العربية، باعتبار الأمر يهم حياة المؤمنين اليومية ليس فقط من الناحية النظرية، ولكن من الناحية العملية. ومن هنا فقد شجع أصحاب الغبطة البطاركة القانونيّين والقضاة على دراسة هذا الموضوع من أجل تطوير قوانين الأحوال الشخصية وتعديلها.</p><p dir="RTL"><strong>3- هيكلية الكتاب</strong></p><p dir="RTL">يتوزع <strong>ا</strong>لكتاب، إضافة إلى المقدمة والخاتمة على خمسة فصول:</p><p dir="RTL">تناول الفصل الأول حقوق المسيحيين وواجباتهم من وجهة نظر لاهوتية، بحسب الإنجيل المقدس ووثائق المجمع الفاتيكاني الثاني، لا سيما من خلال تحليل وثيقتين أساسيتين هما:</p><p dir="RTL">أ- دستور عقائدي &quot;نور الأمم&quot; (مصدر أساسي للقانون 204 بند 1 من مجلة الحق الكنسي الصادرة سنة 1983)&nbsp;الذي يبحث في موضوع المؤمنين بالسيد المسيح له المجد وحقوقهم وواجباتهم، إضافة إلى تأكيده على أن كل المؤمنين متساوون في الحقوق والواجبات والكرامة رغم تعدد الخِدَم والوظائف.</p><p dir="RTL">ب- إعلان &quot;في الحرية الدينية&quot;، وهو يعالج الخطوط العريضة التي تنظم العلاقة بين الدولة والكنيسة. تؤيد الكنيسة بشكل مطلق الحرية الدينية وحرية الضمير وعدم التمييز في الحقوق.</p><p dir="RTL">وقد تم عقد سينودوس خاص بالشرق الأوسط أكد على أهمية المسيحيين ودورهم كمواطنين متساويين مع أخونهم في هذه الأوطان. وقد شدد قداسة البابا السابق بندكتس السادس عشر، في هذه الوثيقة الخاصة، أن &quot;الحرية الدينية هي تاج كل الحريات&quot;.</p><p dir="RTL">إن حقوق المسيحيين وواجباتهم من الناحية القانونية واللاهوتية قد بدأ التنويه إليه بشكل واضح في القانون الكنسي الصادر والمعمول به سنة 1917. علماً أن هذا القانون لا يحوي مفهوم &quot;إعلان حقوق خاص للمسيحيين، ولكنه يؤكد عليها بطرق عديدة بشكل غير مباشر. فمن خـلال هذه الدراسة نلاحظ أنه في القانـون الكنسي الصادر سنة (1917) من بين (2414) قانـون؛ فقط القانـون رقم (682) يعالـج مباشــرة حقــوق العلمــانيين.</p><p dir="RTL">وقد تطور موضوع حقوق المؤمنين في الكنيسة الكاثوليكية بشكل تدريجي، لا سيما خلال التحضير لوثائق المجمع الفاتيكاني الثاني، حيث تم التعمق بمفهوم شعب الله ومبدأ المساواة.</p><p dir="RTL">تحولت اللغة العقائدية واللاهوتية في المجمع الفاتيكاني الثاني إلى مصطلحات قانونية، تم استخدامها في القانونَيْن الشرقي والغربي. حدث في هذا المجمع تطورٌ في الفكر الكنسي، مما أسْهَمَ في تغيير المصطلحات القانونية لحقوق المسيحيين وواجباتهم. لا بد من التنويه بأن هناك عدة قوانين مأخوذة حرفيًا من وثائق المجمع الفاتيكاني الثاني. لقد كان هناك قانونٌ وحيدٌ يعالج حقوق المسيحيين وواجِباتِهم قبل هذا المجمع فيما تطور بعده إلى خمسة عشرَ قانوناً في مجموعة القوانين الغربية (ق. 208 -223)؛ وتسعة عشرَ قانوناً في مجموعة القوانين الشرقية (ق. 7-26).</p><p dir="RTL">حسبَ إيمانِنَا المسيحي فإنَّهُ وبواسطة سر المعمودية، يصبح الإنسان المؤمن بالسيد المسيح له المجد شخصيةً قانونيةً وعضواً فاعلاً بالكنيسة، أي أنه يتمتع بحقوق جديدة كما تستحقُ عليه واجبات أيضاً. نتيجةً لذلك، فإن الذين يعتمدون بالكنسية الكاثوليكية يكتسبون الحقوق فيها ويتساوون مع كل المسيحيين الكاثوليك بدون أي تمييز. تم التأكيد على مبدأ المساواة من خلال القانون رقم 208، من مجموعة القوانين الغربية، والقانون رقم (11) من مجموعة القوانين الشرقية.</p><p dir="RTL">ركز الفصل الثالث على أن المسيحي الأردني هو من السكان الأصليين لوطنه الأردن، وجذوره ضاربة في عُمق التاريخ، كما أن العشائر الأردنية تعود في أصولها إلى القبائل العربية قبل الإسلام.</p><p dir="RTL">كذلك تمَّ شرح تاريخ المسيحية في الأردن، ووضع المسيحيين القانوني في الفقه الإسلامي. كما ركز على علاقة المودة والاحترام المتبادلة القائمة بين المسيحيين والمسلمين، والمعاهدات بين المسلمين والمسيحيين مثل العهدة العمرية والعهدة اليوحناوية. وبيَّن أيضاً ضرورةَ احترام التعددية الدينية، هذهِ التي جعلت الأردن أنموذجا لسائر البلدان في العلاقة الإسلامية المسيحية المبنية على الانفتاح والتفاهم والاحترام المتبادل. وشدَّد على ان الحِوار هو السبيل الصحيح من أجل بناء مستقبل أفضل، ومن خلاله يحصل الإنسان على حقوقه.</p><p dir="RTL">في كل العالم هناك تقدير كبير واحترام عظيم لجلالة الملك عبد الله الثاني المعظم، وقد بين ذلك من خلال تسلم جلالته جائزة مؤسسة تمبلتون للعام 2018 في واشنطن العاصمة وذلك تقديرًا لجهود جلالته في تحقيق الوئام بين الأديان، وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وحماية الحريات الدينية<span dir="LTR">.</span> كما تسلم جائزة مصباح السلام في كاتدرائية أسيزي في إيطاليا سنة 2019 وذلك تقديرًا لجهوده في تعزيز حقوق الإنسان والتآخي وحوار الأديان والسلام في الشرق الأوسط والعالم<span dir="LTR">.</span></p><p dir="RTL">يعرض الفصل الرابع الوضع القانوني للمسيحيين الأردنيين، وحقوقهم وواجباتهم من خلال الدستور الأردني وقانون الأحوال الشخصية. وتم التطرق إلى عدد من النقاط مثل حقوق المرأة، جريمة الشرف، والطفل، الحضانة، الميراث، التبني، المساواة.</p><p dir="RTL">أما الفصل الخامس فقد عالج حقوق المسيحيين وواجباتهم في البلدان العربية التي ترتبط بشكل مباشر بقوانين الأحوال الشخصية ودساتير البلدان العربية.</p><p dir="RTL">وقد تم في هذا الفصل دراسة أوضاع المسيحيين وحقوقِهم وواجباتِهم بحسب قوانين هذه البلدان ودساتيرها. وقد قسمت إلى أربع مجموعات: المجموعة الأولى: تتضمن فلسطين والجليل، أما المجموعة الثانية فتتكون من سوريا ولبنان، والمجموعة الثالثة من مصر والعراق، وأخيرا المجموعة الرابعة وهي بلدان الخليج العربي.</p><p dir="RTL">في هذا الفصل تمَّت العودة لتاريخ كل بلد ووجود المسيحيين فيه، وركز على دور الحوار في تعزيز التفاهم بين كافة المواطنين في تلك البلاد. وكان لا بد من دراسة دستور وقانون الأحوال الشخصية الخاص في كل بلد، ومن ثم المقارنة بينهم، وذلك لكي يتم التمكن من تقيم الوضع بشكل دقيق وقانوني.</p><p dir="RTL"><strong>4- الخاتمة والتوصيات</strong></p><p dir="RTL">إنشاء مركز للقانون الكنسي لتدريب القضاة والمتعاملين في القضاء الكنسي في الأردن.</p><p dir="RTL">نشر الوعي لدي المواطنين بحقوقهم وواجباتهم واعطاء دور أكبر للعلماني.</p><p dir="RTL">التركيز على مبدأ المواطنة والمساواة في التعامل بين المواطنين بغض النظر عن موضوع الدين أو العدد أو الجنس.</p><p dir="RTL">التواصل مع البلدان العربية والاستفادة من الخبرات القانونية، من أجل تطوير قوانين الأحوال الشخصية بما يخص قانون التبني وقانون الميراث للمسيحيين.</p><p dir="RTL">تشجيع نشر الدراسات القانونية والأبحاث من أجل تطوير القوانين.</p><p dir="RTL">في الختام نؤكد أن الطريق الذي يجب أن نسلكه لا يزال طويلاً، ونعتبر أن مفهوم المواطنة بحاجة إلى وقت طويل لكي ينضج ويتطور من أجل تحقيق عدالة ومساواة بين المواطنين جميعًا تتناسب مع الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة.</p>