موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٣ يوليو / تموز ٢٠١٦
ثلاثون عامًا على تكريس مذبح كنيسة "رهبان وراهبات" ماعين

مادبا – أبونا ، تصوير: عيسى كرادشة :

 

أقيم قداس إلهي في كنيسة القديس يعقوب في بلدة ماعين، بمدينة مادبا، بمناسبة مرور 30 عامًا على تدشين مذبح الكنيسة وتواجد عائلة البشارة الصغيرة. وقد ترأس القداس المطران مارون لحّام، بمشاركة المدبر الرسولي الأب بييرباتيستا بيتسابالا، ورئيس الدير الأب أثوس ريغي، وعدد من الكهنة، بحضور مؤمني الرعية وعدد من رواد الكنيسة والاصدقاء.

 

 

وفيما يلي النص عظة الاحتفال:

 

الآباء الكهنة، الأخوات الراهبات،

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،

 

هنالك أمور يخطّط لها الله تعالى ويرسلها إلينا، ولا نفهم القصد منها في حينه، لكننا نفهمه فيما بعد. هذا ما حصل في مادبا عام 1986 يوم طلب المرحوم الأب يوسف دوستّي من المرحوم البطريرك يوسف بلترتي أن يرسل مجموعة من الرهبان المصلين والراهبات المصلّيات إلى ماعين. لماذا؟ ولماذا ماعين؟ تلك كانت إرادة الله الخفية. وقد قبلت البطريركية ذلك لسببين. السبب الأول هو الشهادة الروحية التي أعطاها الرهبان والراهبات في أريحا، حيث كان أول مركز لهم، والسبب الثاني هو إعادة الحياة إلى رعية اللاتين في ماعين بعد أن كان حال كنيسة الرعية في أسوأ ما يمكن تصوّره. أتى الرهبان والراهبات وسكنوا أكثر من بيت في مادبا، وفي هذا الوقت، كان العمل جاريًّا في بناء الدير الذي نحن اليوم بين جدرانه، كما جرى ترميم الكنيسة ترميمًا كاملاً لتصبح من جديد بيتًا مقدّسًا يصلح لعبادة الله.

 

مرّ على ذلك 30 عامًا. نعود اليوم بفكرنا وتأملنا إلى الوراء ونفكّر بالنعم الكثيرة التي أغدقها الله على رعية ماعين، وعلى ماعين بأكملها خلال هذه الفترة المنصرمة. صوت الرهبان والراهبات يسبحون الله بترتيلهم وصلواتهم اليومية، الرعية التي عادت إلى الحياة من جديد والأسرار التي تمّت في الرعية. كم خاطئ تصالح مع الله في هذه الكنيسة؟ كم ابن وُلد للكنيسة في سر العماد المقدس؟ وكم ابن للكنيسة غادر إلى الوطن السماوي مزوّدًا بالأسرار المقدسة؟ كم نفس خاطئة تصالحت مع الله في كرسي الاعتراف؟ وكم نفس متردّدة وجدت في نصائح الرهبان والراهبات الطريق للعودة إلى الله وإلى الحياة المسيحية؟ كم نفس تغذّت بالقربان الأقدس الذي يتكرّس كل يوم على هذا الهيكل؟ لا نريد أن نقوم بإحصائيات ولا بتقارير عن كل ذلك. فالعمل الروحي لا يخضع للتحاليل ولا للإحصائيات. العمل الروحي خفي يعمل فيه الله كما يعمل الإنسان، لا بل يعمل فيه الله أكثر من الإنسان؟ ثمار العمل الروحي لا تُنشر في الجرائد بل تُنقش في القلوب والأرواح وفي كتاب الحياة الأبدية. وما علينا نحن إلا أن نرفع إلى الله صلاة شكر وتسبيح على عمله الخفي في الرعية وفي النفوس.

 

اسم رهبان وراهبات ماعين "أسرة البشارة الصغيرة". الصغيرة. وذلك تتميمًا لوصية المسيح: "دعوا الصغار يأتون إلي ولا تمنعوهم، فلمثل هؤلاء ملكوت السموات". الصغير ليس حتمًا الصغير سنًّا. الصغير هو الذي يتحلّى بصفات الإنسان الصغير: الثقة الكاملة بالله، الاعتماد الكامل على نعمة الله، شكر الله على كل نعمة كبيرة أو صغيرة. هذه هي روحانية رهباننا وراهباتنا، هذه هي الروح التي حاولوا عيشها والشهادة لها مدة ثلاثين سنة، وهذه هي الروح التي ساعدت في الحصول على نعم الله الغزيرة ليس على أبناء الرعية فحسب، بل على ماعين بأكملها، وحتى على الأردن.

 

لكن هذه العائلة الصغيرة باسمها والكبيرة بروحانيتها، أصبحت أيضًا صغيرة بأعدادها. فالدعوات إلى الحياة الرهبانية نادرة والعمر يتقدم بأفراد عائلة البشارة في جميع أماكن تواجدهم. هنا يأتي دورنا نحن كي نردّ لهم الجميل. دورنا هو أن نصلي من أجل الدعوات الرهبانية، وأن نشجّع الدخول في الحياة الرهبانية. صحيح أن حياة الرهبان صعبة وقاسية، لكن مجرّد تكريس النفس والحياة لله تعالى بفرح يعوّض الإنسان المكرّس عن جميع التضحيات البشرية.

 

مجددًا، الشكر لله أولًا وقبل كل شيء على نعمة وجود عائلة البشارة الصغيرة بيننا ومن اجلنا. الشكر لرهباننا وراهباتنا الأعزاء على وجودهم وصلاتهم وعمل الخير الروحي الكبير الذي يقومون به. مبروك لماعين هذه العمة الكبيرة بوجود رهبان وراهبات بينهم يسبحون الله بكرة وأصيلا. مبروك لكنيسة الأردن وللبطريركية اللاتينية. مبروك للأردن بأكمله، وكل ثلاثين سنة وأتم بخير.