موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢١ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٧
بيت لحم منهمكة في صناعة التحف استعدادًا لأعياد الميلاد

بيت لحم – العرب اللندنية :

استعدادًا لأعياد الميلاد، التي تحل الشهر القادم، ينتج فنيون فلسطينيون، في مدينة بيت لحم، جنوبي الضفة الغربية المحتلة، تحفًا فنية، من أخشاب شجر الزيتون، لبيعها للحجاج الذين يحلون بالمدينة للاحتفال بالعيد في مسقط رأس السيد المسيح.

وفي شارع المهد القريب من كنيسة المهد، تنتشر عشرات المشاغل التراثية المختصة في صناعة تلك التحف، ويطلق عليها اسم "السنتوارية". ويسابق العاملون في مصنع "زخاريا" الذي يعد أحد أكبر مصانع إنتاج التحف الفنية، الزمن لصناعة أكبر قدر ممكن منها، مع اقتراب موسم الأعياد، وتوقع ارتفاع أعداد الحجاج لهذا العام.

وتشتهر بيت لحم وضواحيها منذ زمن بحرفة صناعة القطع الخشبية الفنية من خشب الزيتون، الأكثر تقبلاً للنحت لما يمتاز به من ليونة وألوان متدرجة من الفاتح إلى الغامق بحسب عمر الشجرة، وكلما كان عمر الشجرة أطول كانت الألوان زاهيةً ومناسبة أكثر لهذه التحف ذات التفاصيل الدقيقة. وتطورت حرفة التحف الفنية من الخشب، أكثر في زمن العثمانيين مع صناعة المسابح الدينية، ثم تطورت أكثر مع جلب التجار والحرفيين ماكنات بسيطة من دمشق إلى بيت لحم.

ويحج المسيحيون من كافة أرجاء العالم، إلى مدينة بيت لحم، أواخر شهر ديسمبر، من كل عام، احتفالا بعيد الميلاد، ويزورون كنيسة المهد التي أقيمت فوق مغارة، حيث وضعت السيدة مريم العذراء طفلها يسوع المسيح فيها.

ويحرص حجاج المدينة، بحسب رمزي زخاريا، صاحب مشغل "زخاريا"، على اقتناء التحف المصنوعة من شجرة الزيتون. ويقول زخاريا، وهو فلسطيني مسيحي الديانة، إن شجرة الزيتون مباركة لدى المسيحيين كما المسلمين، وقد ورد ذلك في الإنجيل والقرآن.

ويقول: التحف الخشبية تحتاج لعمل دقيق، وهي تحف دينية مسيحية بالدرجة الأولى، لكن أيضًا هناك قطع فولكلورية ترمز لشجرة الزيتون والزراعة والفلاحين وغير ذلك. ويضيف زخاريا، إن خشب شجرة الزيتون، يحتوي على مميزات، تجعل التحف المصنوعة منه، جميلة، ومحببة للمشترين.

ويشير إلى أن صناعة التحف الخشبية، تعود إلى القرن السادس عشر، مضيفًا، "منذ مئات السنين، يأتي أجددنا لشراء التحف الفنية". وينتج مصنع "زخاريا" آلاف القطع، ويغلب عليها الطابع الديني المسيحي. وافتتح المصنع عام 1958، بحسب مالكه، مشيرًا إلى أنه بدأ في تعليم أولاده صناعة التحف.

ويعمل في المصنع نحو 25 عاملاً وفنيًا، ينتجون تحفًا متنوعة. ويمضي رمزي زخاريا وقته متنقلاً بين ماكنات خاصة يعمل عليها الحرفيون، لكن جهده الأكبر يذهب في ابتكار تصاميم جديدة، حسب قوله. ويضيف "هناك رغبة كبيرة للحجاج بشراء منتجاتنا، ونسعى دومًا لإنتاج القطع المبتكرة الجديدة". ووصف موسم السياحة في بيت لحم، لهذا العام بالجيد، مرجعًا ذلك لحالة الهدوء الذي تشهدها الضفة الغربية المحتلة.

وقال، "نعتمد على السياحة الدينية للمدينة، وتشهد بيت لحم هذا العام حركة سياحة نشطة، مما دفعنا لإنتاج كميات مضاعفة". ورغم تخصص مصنع زخاريا، في إنتاج أعمال فنية مرتبطة بالدين المسيحي، إلا أنه يحتوي على عدد من العمال المسلمين.

يقول الفنّي علي الديك (63 عامًا)، إنه يعمل في هذه المهنة منذ نحو 50 عامًا، مضيفًا، بينما كان يعمل على وضع اللمسات الأخيرة على قطعة فنية، "منذ صغري، وأنا أعمل في صناعة التحف الفنية، تربطني بها علاقة كبيرة، هي جزء مني". وتابع، "عملنا فني، يحتاج لصفاء ذهني، ودقة تركيز، وموهبة، هي مهنة، ولكنها فن أيضًا.. هناك قطع عند الانتهاء منها، تشعر أنك قمت بإنجاز عظيم".

وتمر التحف حسب الحرفي إبراهيم محمود بعدة مراحل لتصبح جاهزة للبيع، لافتًا إلى أنها "تحتاج إلى التقطيع والنحت والزخرفة والتمليس والدهان، فـأصغر تحفة تعرض للبيع تحتاج وقتًا وجهدًا كبيرين لتخرج في شكلها النهائي".

وفي ساحة كنيسة المهد، لا تخطئ العين، وجود حركة سياحية نشطة، حيث تعج شوارع المدينة بمئات السياح. ويقول بعض أصحاب محال بيع التحف الفنية الدينية، إن الحركة تزداد يومًا بعد يوم مع اقتراب عيد الميلاد.

ويعلق عيسى مصلح، صاحب محل بيع التحف في شارع المهد، أمله على الحركة السياحية الدينية لهذا العام ليحقق ربحًا ينتظره منذ عام كامل، مردفًا، "الحركة السياحية الدينية لا تنقطع في بيت لحم، إلا أن موسم الأعياد الميلادية موسم لكسب الرزق، فالسياح يفضلون المنتجات التقليدية اليدوية بالرغم من ارتفاع أسعارها على المنتجات الصينية التي باتت تغزو الأسواق الفلسطينية وبأسعار زهيدة".

وتؤكد وزارة السياحة الفلسطينية، انتعاش حركة السياحة الداخلية، حيث قالت الوزيرة رولا معايعة، في بيان أصدرته بداية الشهر الحالي، إن حركة السياحة في فلسطين، شهدت نشاطًا غير مسبوق وتحديدًا في بداية أيلول، موضحة، أن مدينة بيت لحم شهدت زيارة أعداد غير مسبوقة من السياح.

وبدأت بلدية بيت لحم، في تجهيز شجرة عيد الميلاد، والتي تُنصب عادة في ساحة المهد، إيذانًا ببدء الاحتفالات بالعيد. وتبدأ الاحتفالات الرسمية بعيد الميلاد يوم 27 تشرين الثاني الحالي، من كل عام بافتتاح ما يُعرف بـ"سوق الميلاد".

وتكون ذروة الأعياد ليلة 24 ونهار 25 كانون الأول (حسب التقويم الغربي) حيث يقام قداس منتصف الليل، كما تشهد المدينة احتفالاً آخر، بعيد الميلاد، ليلة 6 ونهار 7 كانون الثاني، من كل عام، وذلك بحسب التقويم المسيحي الشرقي.