موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ١٠ مايو / أيار ٢٠١٦
باكستان: إعادة بناء الأمل عقب هجوم عيد الفصح

بقلم: باولو أفاتاتو ، ترجمة: منير بيوك :

يستمر عدد الضحايا في الارتفاع في المدينة، التي لا تزال تحت تأثير الصدمة بعد التفجير الانتحاري الذي وقع يوم 27 آذار في حديقة غولشان-اقبال. كما يتم تحديث قائمة المتوفين على أساس يومي حيث أن الناس الذين يعانون من وضع حرج يموتون عقب إدخالهم لأكبر المستشفيات في البنجاب. ولغاية الآن، أعلنت الحكومة أن عدد القتلى ارتفع إلى ثمانين شخصاً، من بينهم تسعة وعشرين طفلاً.

أكدت مؤسسة كاريتاس لاهور، التي تراقب عن كثب حالات المؤمنين المصابين يوم عيد الفصح، لموقع الفاتيكان إنسايدر أن ثلاثة وعشرين مسيحياً وخمسة وستين من المسلمين قد لقوا حتفهم. كما قال المواطن الكاثوليكي روجار نور علام، المدير التنفيذي لبرامج المؤسسة، تقدم الكاريتاس مساعدات مادية للعائلات الكاثوليكية المتضررة من الكارثة، كما أطلقت دورة للتأهيل النفسي لمساعدة البالغين والأطفال على التغلب على هذه التجربة الأليمة. ويضيف: إنها في المقام الأول "تتعلق بالتغلب على الخوف، وعدم اليقين، والأحلام المزعجه، إضافة إلى إيجاد أمل في المستقبل. إن هذا ليس بالأمر السهل بالنسبة للأمهات الذين عليهم التقاط أجزاء من جثث أطفالهم أو للشبان الذين شهدوا مقتل إخوتهم، وأخواتهم، وأصدقائهم. إن ذلك ناتج عن عنف لا مبررله ولا معنى له".

عنايات علام هو أحد المصابين. تقوم زوجته وطفليه بالعناية به ومواساته في حين مات أطفاله الثلاثة الآخرين في التفجير. لقد دمرت هذه العائلة إلى الأبد. لهذا السبب تحاول كاريتاس مساعدة الأسر التي عانت من الصدمات النفسية والإنسانية والروحية. يقول علام: "لا يمكننا نزع الألم الناجم عن فقدان أحبائنا، لكننا نستطيع أن نكون قريبين من الناس في أوقات الحاجة، مبدين اهتمامنا بهم". هذا هو جوهر برنامج إعادة التأهيل على المدى الطويل المخصص لعائلات الضحايا. "إن قدرة الأسرة على التغلب على الكارثة واستعادة الثقة في الحياة يعتمد على رؤيتها للمستقبل. فالإيمان بالمسيح هو المفتاح في هذه العملية".

وقال رئيس الأساقفة سيباستيان شو، الذي يذهب بشكل دوري لزيارة الضحايا في المستشفى، إلى فاتيكان إنسايدر: "يمكنك تخيل مدى صعوبة موآساتهم. ما هي الكلمات التي تستطيع فيها مواساة أم أصيب أطفالها الذين تتراوح أعمارهم بين أربعة وستة سنوات بجروح خطير، في حين تم قتل زوجها وابن آخر لها. إن المصدر الوحيد للأمل هو الله. وأم أخرى فقدت طفليها وزوجها، علماً أنها كانت قد سافرت من إقليم السند إلى لاهور للاحتفال بعيد الفصح. لقد فقدت عائلتها بأكملها، كما تغيرت حياتها للأبد. كيف يمكن للمرء أن يواسيها؟ الكلمات الوحيدة الممكنة هي تلك التي لفظها يسوع :ليكن السلام معكم". واستذكر رئيس الأساقفة رسالة الكنيسة في لاهور قائلاً: "ليجلب المسيح القائم من بين الأموات السلام والأمل لهؤلاء الجرحى والبؤساء".

فبعد قيام جماعات إرهابية بضربات رمزية ضد قلب المدينة، كانت ردة الفعل هو تبني حملة قمعية من خلال شرطة البنجاب والمؤسسات الإستخبارية في الإقليم، الذي يعتبر الأكثر أهمية من الناحية التاريخية في البلاد، وذلك من وجهة نظر سياسية، واقتصادية، واجتماعية.

هذه هي المنطقة الوسطى من باكستان، التي تنجذب إليها الأمة بأسرها، على الرغم من أن عاصمة المؤسسات تقع في الجزء الشمالي من البلاد (اسلام اباد) وأن المنطقه الأكثر نشاطاً تجارياً هو ميناء كراتشي الجنوبي. هذا هو السبب الذي يعزى له قيام فصائل مختلفة من حركة طالبان الباكستانية لعدة سنوات بتركز اهتمامها، وبتعزز وجودها، وبإقامة قواعد لوجستية في المحافظة التي يقطنها عدد كبير من السكان.

في الأيام الأخيرة، ألقت الشرطة القبض على واحد وعشرين من المشتبه بهم خلال القيام بسلسلة من الغارات وعمليات مكافحة الإرهاب في لاهور والمدينة القريبة من جوجرانوالا، وذلك عقب إجراء تفتيش شامل لبلدة إقبال المجاوره للاهور، حيث وقع الهجوم، والتي يقطنها المسيحيون بشكل كبير.

أشار عنايت برنارد، كاهن لاهور الذي يشغل أيضاً منصب نائب رئيس تحرير المجلة المحلية كريستيان ريفيو، إلى أن الجماعات المسيحية ما تزال تدعو المؤسسات باستمرار لاتخاذ إجراءات فعالة من أجل وقف العنف ومنعه "مع عدم نسيان مسؤولية جميع مواطني الباكستان البالغين مئتي مليون نسمة الذين يمثلون مختلف المعتقدات الدينية. فهم مدعوون إلى القيام بواجبهم كل يوم لتعزيز الاستقرار، والسلام، والازدهار في البلاد".

وأكد "أن الحكومة، والقادة السياسيين والدينيين، وجميع المواطنين الباكستانيين مدعوون إلى الوقوف في وجه القوى المتطرفة. يجب على الأمة بأسرها أن تكون موحدة ضد الإرهاب. يستطيع الشعب الذي ينتمي إلى مختلف المعتقدات تعزيز السلم، والوئام الاجتماعي، وحماية بعضهم البعض من الإرهاب. تطلب الكنيسة الكاثوليكية والأقليات الدينية في باكستان من الحكومة اتخاذ تدابير فعالة لاستعادة السلام والوئام في المجتمع".