موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الثلاثاء، ٢٨ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٠
المكتبة المدرسية مخزون معرفي يثري الطالب.. فهل تكترث الإدارات؟

منى أبو حمور - الغد :

تلعب المكتبة المدرسية دورا مهما في إثراء الجانبين المعرفي واللغوي لدى الطلبة؛ إذ تمكنهم من التعبير عن أنفسهم وصقل مواهبهم، وفق خبراء، غير أن عدد المدارس الحكومية تغفل عن تلك الثروة المعرفية لتبقى الكتب “حبيسة” أرفف تلك المكتبات.

“تهميش” الحصة المكتبية في مدارس حكومية بحسب طلبة أكدوا لـ”الغد” مرور سنة دراسية كاملة من دون زيارة المكتبة حتى في حصص “الإشغال”، حسب تعبيرهم، يلقي بالطلبة في أحضان الشبكة العنكبوتية، فبدلا من القراءة والبحث والمطالعة في كتب المكتبة أصبحوا يلجؤون إلى مواقع البحث عبر الإنترنت للحصول على أي معلومة أو إعداد أي تقرير بدون التوثق من مصدر المعلومة.

الطالب عمر درادكة في الصف العاشر، يقول لـ”الغد”: “رغم وجود مكتبة كبيرة في المدرسة مليئة بالكتب، إلا أن البرنامج لا يحتوي على أي حصة مكتبية حتى في أيام النشاط”.

ويضيف أن معلمي المدرسة يستثمرون جميع الحصص الدراسية لإنهاء المنهاج حتى في كثير من الأحيان يأخذون حصص الفن والرياضة.

وتوافقه الرأي الطالبة رؤى سعيد التي تبحث دائما عن فرصة للذهاب إلى مكتبة المدرسة وقضاء بعض الوقت بين الكتب. وتقول “رغم ضرورة البحث والقراءة وارتباطها بشكل مباشر في دراستنا خصوصا في المرحلة الثانوية، إلا أنني لا أتمكن من الذهاب للمكتبة”، ففي كل مرة تطلب من المعلمة الذهاب، تجيبها “اذهبي في وقت الفراغ”.

وتصف رؤى بسعادة كميات الكتب الكبيرة التي تمتلئ بها أرفف مكتبة مدرستها التي صنفت بحسب حقلها المعرفي، فضلا عن كميات متنوعة من الوسائل التعليمية التي لم ترها من قبل خلال الحصص الدراسية.

ولا يمر أسبوع بدون أن يستعير عبدالله حازم طالب الصف السابع من مكتبة مدرسته كتابا أو اثنين لقراءتهما خلال الأسبوع، فضلا عن استخراج تقارير وأبحاث لمواده الدراسية.

وتحت عنوان “حصة إثرائية”، يحصل عبدالله الذي يدرس في إحدى المدارس الخاصة على حصة مكتبية كل أسبوعين، يتمكن وزملاؤه من قراءة كتاب أو الاطلاع على فيلم وثائقي داخل مكتبة مدرسته.

ويقول “المسابقة التي تعقدها المدرسة نهاية كل شهر تشمل المطالعة والتلخيص تشجع الطلبة على القراءة”، مقدرا دور مديرة المدرسة في تشجيع الطلبة الدائم على القراءة وإحضار كتب متنوعة في المكتبة.

عدم اكتراث العديد من إدارات المدارس بأهمية المخزون المعرفي والقيمة الإثرائية للمكتبة المدرسية يفقد الطلبة إحدى أهم أدوات التعلم، وفق الأخصائي التربوي الدكتور عايش نوايسة.

ويبين أهمية توفير المدرسة المصادر التعليمية المتنوعة من كتب ومراجع ومصادر ودوريات ونشرات وغيرها والتي يعتمد عليها الكثير من المعلمين والطلبة لتوفير أنشطة مساندة للمنهاج تثري تعلم الطلبة.

ويؤكد نوايسة أن المكتبة ليست مجرد جزء مكمل للمدرسة يمكن الاستغناء عنه، بل هي أساس جوهري في الكيان السليم للمدرسة الحديثة يمكنها من تحقيق أهداف تعليمية وتربوية وهي أداة فعالة لتحقيقها. ويضيف “أن المكتبة مصدر أصيل لخدمة العملية التعليمية وتنميتها وتطويرها”، مشيرا إلى تطور مفهوم المكتبة المدرسية نتيجة التطورات العلمية والتكنولوجية.

وأصبحت المكتبة، وفق نوايسة، أداة للتعلم بما تحتويه من مصادر مطبوعة أو مسموعة أو مرئية أو إلكترونية تعرف بمركز مصادر تعلم، يمكنها أن تسهم إلى حد كبير في بناء الطالب ومساعدته في التعلم الذاتي، فمن خلالها يمكن اكتساب العديد من المهارات مثل مهارة البحث والاطلاع والتنقيب والنقد والتحاور واستخدام تقنية المعلومات والوسائل التعليمية الحديثة.

مدير المناهج في وزارة التربية والتعليم الدكتور أسامة جرادات، أكد لـ”الغد”، تخصيص الوزارة موازنة سنوية لتزويد المكتبات المدرسية بالكتب الحديثة التي تخدم مناهج الوزارة وميول واتجاهات الطلبة.

كما يوجد في كل مديريات التربية والتعليم، وفق جرادات، قسم مسؤول للمكتبات المدرسية بالإشراف والمتابعة على المكتبات، فضلا عن قيام الوزارة بدراسة الكتب المراد اقتناؤها في المكتبات المدرسية سواء المقدمة من المؤلفين أو من الجهات الرسمية والخاصة والتي ترغب بإهدائها للمكتبات المدرسية. كما وتعمم الوزارة على جميع المديريات، بحسب جرادات، حصر احتياجات المكتبات من الأثاث أيضا والاحتياجات التدريبية التي ترفع من كفاءة أمناء المكتبات وتفعيلها لخدمة العملية التربوية والوقوف على واقعها وتطويرها.

الى ذلك، تحرص وزارة التربية والتعليم على الاهتمام بمكتباتها المدرسية من خلال الموظفين المتخصصين، وتطوير الأنشطة والورش التي تتم على مستوى كل مديرية، كما وتجهز مكتباتها بالكتب من خلال المخصصات المالية والإهداءات، ويتم تحديد المناسب لفلسفة الوزارة منها وكذلك تشارك المكتبات بالمشاريع والمسابقات الثقافية التي تعزز وتشجع الطلاب على القراءة والمطالعة.

وقامت الوزارة، وفق جرادات، وبدعم من “اليونسكو” بإنشاء تسعة مراكز للمعرفة موزعة على مديريات عدة لتطوير العمل المكتبي وتوسيع خدماتها في المناطق.

المكتبة من المرافق الحساسة جدا في المدرسة وعلى درجة عالية من الأهمية، وفق التربوية مها إبراهيم العطيات، لافتة إلى أن وجودها مهم جدا والأهم تفعيلها، وأن تكون إدارة المدرسة على قدر كاف من الوعي بأهميتها.

وتلفت العطيات، بدورها، إلى التشريعات التربوية التي تتحدث عن أهمية المكتبة في الآونة الأخيرة، والتي ظهرت في خطة تطوير المدرسة وأصبحت ترتبط ارتباطا وثيقا بالتعليم ووجودها يحقق أهداف المدرسة ورؤيتها التي تكون معلنة لجميع الكادر التعليمي.

تقول “المدرسة التي تسعى لتوفير بيئة تعليم ناجحة لا بد أن تفعل من وجود المكتبة”، فهي غنية بمصادر تعلم متعددة، فلم يعد الكتاب المدرسي المصدر المعرفي الوحيد.

وتستدرك العطيات “أساليب التدريس الحديثة تنوعت والمكتبة هي مكان البحث المناسب للمعلم حتى يخطط لطريقة التعليم المناسبة وإدارة المدرسة الناجحة تعي ذلك”، مؤكدة أن الحصة المكتبية ما تزال موجودة ولكن تعتمد على التزام إدارة المدرسة بتفعيلها.

وتقول “هناك سجلات ملزمة لكل معلم لتفعيل الحصة المكتبية في خطته الدراسية ولا يقتصر الأمر على اللغة العربية وإنما جميع المباحث”، إن لم تعط في المكتبة ففي مختبر الحاسوب من خلال عرض المواد المطبوعة والوسائل التعليمية.

وتشير العطيات إلى أن المكتبة تذيب الحواجز بين المناهج، وتصب في النهاية في الوعاء الثقافي والعلمي للطالب، من خلال الأنشطة التربوية والمسابقات والنشاطات الثقافية واللغوية وتزيد القدرة على التعبير من خلال المطالعة وكتابة القصة والرواية.

ويلقي تفعيل الحصة المكتبية بظلاله على شخصية الطالب ويجعله قادرا على التعبير عن هويته ونفسه ويسوق شخصه على جميع الأصعدة، كما يغرس تنمية حب الاطلاع الواعي، لأن المكتبة لا يمكن أن تحتوي على أي كتاب يشوش تفكيره ويشوه قيمه ومبادئه، فينتقي ما هو مفيد بشكل واع وهو ما يسمى بـ”المطالعة الآمنة”.

وتتابع “لا يكفي أن يقرأ الطالب ويكتب ويحفظ، ولكن رفع ذائقة الحس لديه هذا ما يحدث في المكتبة من خلال نوعية الكتب وطريقة عرضها وانتقائها، خاصة في الصفوف المدرسية الثلاثة الأولى، وهو ما يعرف بـ”السلة المكتبية””.