موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٣ يونيو / حزيران ٢٠١٩
المطران يوسف متى يستلم مهامه رئيسًا لأبرشية الروم الكاثوليك بالجليل

حيفا - وديع أبو نصار :

شهدت كاتدرائية مار الياس للروم الكاثوليك في حيفا، مساء الأحد، حفل تنصيب المطران يوسف متى مطرانًا على أبرشية عكا وحيفا والناصرة وسائر الجليل للروم الملكيين الكاثوليك.

وقد حضر الحفل عدد من كبار الشخصيات الرسمية الاسرائيلية والفلسطينية والاجنبية، اضافة إلى العشرات من الشخصيات الاعتبارية المحلية. وبرز بين الحضور وفد رفيع المستوى من السلطة الفلسطينية برئاسة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صالح رأفت، ورئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية محمد بركة، ورئيسة بلدية حيفا عينات كاليش-روتم، وعدد من النواب العرب ورؤساء المجالس المحلية. كما حضر الحفل عدد من السفراء والقناصل العرب والاجانب، برز بينهم السفير المصري والسفيرة الالمانية والسفير البلجيكي وعميد السلك الدبلوماسي الافريقي ونائب السفير الاردني والقنصل الفرنسي والقنصل الروسي والقنصل الاسباني.

وألقى السفير البابوي المطران ليوبولدو جيريللي، الذي مثّل البابا فرنسيس في حفل التنصيب، كلمة عبر خلالها عن مؤازرة الكرسي الرسولي لأبرشية الجليل وراعيها الجديد. كما ألقى الاب اندراوس بحوث، المدبر البطريركي الذي أدار شؤون أبرشية الجليل خلال الأشهر الماضية، والأب الياس العبد، النائب الأسقفي العام للابرشية، كلمتان عبرتا عن فرحهما بانتخاب المطران الجديد ورغبتهما ورغبة سائر الكهنة التعاون لما فيه خير الكنيسة والمجتمع.

واختتم الاحتفال بكلمة مطولة لرئيس أبرشية الجليل للروم الكاثوليك الجديد المطران يوسف متى تحدث خلالها عن رؤيته في قضايا عدة، منها قضايا كنسية واجتماعية ومدنية، منوهًا بأن بابه سيكون مفتوح للجميع وبأنه يرغب التعاون مع الجميعـ ومشددًا على اهمية الاحترام بين البشر كقاعدة اساسية للتعامل، ومطالبًا بحلول للقضايا المختلفة مبنية على العدل والمساواة وحقوق الإنسان.

وقال المطران متى: "أقدّر عاليًا حضوركم بيننا في هذه الكنيسة المقدّسة، بيت الله، الذي أراد للإنسان كل خير، إذ خلقه على صورته ومثالة. وأرى في هذا الحضور بداية لطريق جديدة للبناء، طريق للتعاون والمشاركة في المسؤولية التي خصّنا فيها الله، لنعمل سوية على رفع شأن الإنسان، واضعين نصب أعيننا خير مجتمعنا العربي والمسيحي، وعاملين بكل جهودنا وبالتعاون، على ترسيخ أسس العدالة والمساواة في كافة الحقوق للجميع".

وأضاف: لقد "أعلنتُ للجميع شعاري وهو: ’أن خاتم رسالتي هو لأنتم في الرب‘. وإني أصرّح لكم بمحبة بأن خاتم هذه الرسالة هي الخدمة: والخدمة هي قلب الخادم قبل لسانه، وهي حرارته القلبية قبل رسالته التربوية، هي حبٌ في القلب يفيض على هيئة خدمة. وإني أريدها خدمة وإصغاءً إلى صوت الشعب، حبًا، تعليمًا، افتقادًا، مواساةً ومعونة للكل. الخدمة هي إنجيل الفرح في لقاء ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح، وخلاصه وملكوته، لأن خدمة الكهنوت هي عملٌ ليس بشريًا فحسب، بل هي دعوةُ الهية يتدخل بها الله ليعمل مع ضعفنا البشري. نعم إن خاتم رسالتي في الرب تبدأ اولاً بكنيستي بإخوتي الكهنة وبالجماعة المؤمنة أبناء هذه الأبرشية المباركة".

وتابع: "لا أريد أن تكون قيادتي لهذه الكنيسة الأصيلة بإلقاء الخطابات أو تكهن التوقعات فحسب، بل أريد أن أحصل على النتائج لاسيما وأن سرعة إيقاع العصر تفرض علينا روح المبادرة والسرعة لما نعرف القيام به، وأقصد المحافظة على سلامة الكنيسة ثم ازدهارها والسعي إلى التطوير والتنمية والتغير في إدارتها وأدائها: فاستنادًا إلى الإرشاد الرسولي بعنوان "فرح الانجيل"، والذي أطلقه قداسة البابا فرنسيس في دعوته لمرحلة بشارة جديدة وتقديم طرق جديدة خلاّقه، طالبًا في تجديد هيكليات الكنيسة لتصبح أكثر رسولية وأكثر أمانًا للمعنى الذي أراده السيد المسيح. علينا أن نبدأ التغيير بأنفسنا، ولا ننتظر الوقت، بل يجب أن نهيئ أرضية صلبة لتتعامل مع التغيير بإيجابية ولنحافظ عليه حتى يكتمل. وإني أعلن بأنني سأبدأ التغيير في أسلوب إدارة هذه الأبرشية المباركة مع الاعتماد على الشرع الكنسي، في تفنيد الوظائف والصلاحيات، سوف أتبنى أسلوب الإدارة الحديثة والمعتَمدة في المؤسسات المميزة وبحسب الدراسات العلمية والاستشارات المهنية، هذه الإدارة تعمل ضمن دائرة أسقفية متكاملة مع إخوتي الكهنة، وإعادة هيكلة جميع الوظائف في الدائرة بمشاركة تامة تقوم على الشرع والأسس الثابتة وتعمل بوضوح وشفافية وفق صلاحيات كل وظيفة، وسنعمل جاهدين في توظيف الكفاءات والأهلية للوظيفة وسنقوم على إدارة كافة الأمور الروحية والزمنية للكنيسة، لنستعيد حق ومكانة الأبرشية في كل المجالات".

وقال المطران متى: "إن السلام يموت عندما ينفصل عن العدالة، والعدالة الموجهة فقط إلى أبناء القومية الواحدة والديانة الواحدة هي عدالة عرجاء وظلم مُقَنَّع. واستنادًا إلى شريعة السيد المسيح له المجد ’طوبى لفاعلي السلام فإنهم أبناء الله يدعون‘. أدعو المسؤولين إلى انتهاج سبل العدل والسلام والمصالحة مع اخوتنا أبناء الشعب الفلسطيني ومنحهم الحرية والعدل وكرامة الحياة وجميع الحقوق المشروعة دوليًا والمتفق عليها كي يتوقف العنف والقتل وتتحول السيوف إلى مناجل نحصد بها ثمار السلام بإذن الله. لا أستطيع أن أنكر أن مواطنَتَنا بهذه الدولة تحظى بحرية التعبير، وحرية العبادة والعديد من الأمور الإيجابية. ولم ينتقص أبناء كنيستنا من أداء واجبهم الكامل في المواطنة الصالحة لا بل المميزة بالصلاح. وكان لنا أملاً في نظرة جديدة نحو السياسة الإيجابية التي هي مصالح ومنافع وفق أخلاق ومبادئ، غابت لفترة ليست بقصيرة. وإني أتطلع إلى يومٍ قريب تستعيد به كنيستنا مكانتها التي تستحقها في هذه البلاد، في إحقاق المساواة والعدل لأبنائنا، لاسيما في مجال فُرِص العمل والوظائف وتوظيف الكفاءات دون اعتبارات قومية أو دينية، أكثرية أو أقلية. فكما إلتزمنا دائمًا على أن يكون الواجب تامًا تجاه الجميع، اليوم نكرر موقفنا بأننا نطالب أن يكون حق أبنائنا تامًا في هذا المجال أيضًا وسنعمل على تحقيقه بعون الله".

الجدير بالذكر أن المطران يوسف متى من مواليد مدينة الناصرة في العام 1968 وتعود أصول عائلته إلى قرية عيلبون الجليلية، وكان قد درس في روما وعمل كسكرتير للمطران بطرس معلم وخدم في عدة كنائس وخاصة في كنيسة مار يوسف (الإكليريكية) في الناصرة لسنوات عدة، قبل انتخابه مؤخرًا من قبل سينودس (مجمع أساقفة) كنيسة الروم الكاثوليك مطرانًا على الجليل.