موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢٠ يونيو / حزيران ٢٠١٦
المطران لحّام في الثالث والتاسع للأب يعقوب: كان علامة رحمة الله للناس
عمّان - أبونا ، تصوير: مارتن سامي :

"كان علامة رحمة الله للناس"، هذا ما قاله المطران مارون لحّام، النائب البطريركي للاتين في الأردن، اليوم الاثنين، في كلمته مترئساً قداس الثالث والتاسع عن راحة نفس الأب يعقوب حجازين، الذي انتقل إلى الملكوت السماوي وتم إحياء المراسم الجنائزية ودفنه في مركز سيدة السلام يوم 18 حزيران.

وقال المطران لحّام في مستهل عظته: "كثيرون هم الذين عرفوا أبونا يعقوب في مختلف رعايا الأردن. وكثيرون هم الذين يشهدون لمزاياه وصفاته الكهنوتية والاجتماعية ولعلاقاته ولذاكرته الرهيبة التي لم تفارقه إلا ساعة الغيبوبة والموت. لكن، قليلون هم الذين عرفوه في زمن مرضه. أريد اليوم أن أشارككم خبرتي مع أبونا يعقوب كما عرفته على فراش المرض، وكان من واجبي أن أزوره في المستشفى أكثر من مرّة".

وأضاف: "أولاً، كان الكشف عن المرض الذي أودى بحياته في ظرف شهر مفاجأةً له ولنا ولأهله وللجميع. بدأ جسمه ينحل وصوته يضعف. من هنا نفهم ردّة فعله الأولى الرافضة للمرض، وردة فعل الجميع التي لم تقبل للوهلة الأولى أن يكون هذا المارد فريسة للمرض الخبيث وبهذه السرعة. لكن عندما أطلعه الأطباء على وضعه الصحي، اختلف الأمر. عاد أبونا يعقوب المارد طفلاً مسيحياً ذا قلب صغير، طفلاً من قرية السماكية. عاد إلى الإيمان الشعبي البسيط الذي تعلّمه من المرحومة والدته قبل أن يدخل الدير. الدعاء إلى مريم العذراء (توفي والمسبحة الوردية معلقة على صدره)، الصلوات البسيطة التي يعرفها كل مسيحي عادي: يا يسوع ارحمني، يا روح المسيح قدسيني، يا عذرا كوني معي... هذه أمور لا دخل لتربية الدير فيها، ولا لـ52 سنة كهنوت وخدمة في مختلف الرعايا. هذه أمور تعلّمها الأب يعقوب (عقله الصغير) على حضن أمه. وهذه الأمور الأساسية في كل تربية دينية لم تختف مع دروس الفلسفة واللاهوت، ولا مع شهادة الدكتوراة في الحقوق، ولا مع الخبرات والقصص الكثيرة التي مرّت عليه في الرعايا ومع الناس. لم تختف لأنها برزت من جديد عند ساعة الموت وقبل لقائه مع الرب الرحيم".

وتابع: "هذا هو الدرس الذي يجب أن يكون موضوع تأملنا اليوم. الموت لا يفرق بين كبير وصغير، بين كاهن وعلماني، بين إنسان يتفجّر صحة وعافية وإنسان أطبق عليه المرض. عند ساعة الموت، نعود صغاراً وتختفي كل مظاهر العظمة والشهرة والمال، عند الموت نقف عراة أمام وجه الله نقرع صدورنا ونقول كما كان يردد المرحوم في آخر أيامه: ارحمني يا رب أنا عبدك الخاطئ. كيف لا يرحم الله إنساناً ترك العالم وما فيه ليخدم الله ويخدم شعب الله أكثر من نصف قرن؟ كيف لا يرحم الله كاهناً كان هو بدوره علامة رحمة الله للناس، فمنح الأسرار فأقام الذبيحة الإلهية يومياً وناول وعرّف وكلّل ورافق المنازعين في ساعاتهم الأخيرة؟ كيف لا يرحم الله كاهناً فهم أن شهر المرض الذي سمح الله به كان نعمة من السماء ليحضّر نفسه للقاء الأخير مع الله الغني بالرحمة، ويعطي لمن حوله من أهل وأقارب مثلاً في الإيمان وفي الاستسلام لمشيئة الله مهما كانت قاسية؟".

وخلص المطران لحّام عظته قائلاً: "لهذا السبب، نعم، نطلب له الرحمة من الله، لكننا نطلب منه أيضاً أن يصلي من أجلنا وهو الآن برفقة مريم العذراء ووالدته المرحومة وابن اخته أبونا ابراهيم. فباسمي وباسم أخي صاحب السيادة المطران سليم الصائغ، وباسم العائلة البطريركية بطاركة وأساقفة وكهنة وشمامسة وراهبات وعلمانيين، أتقدم بعزاء الإيمان إلى إخوانه وأخته وأقاربهم وأنسبائهم، وإلى عموم عشائر الحجازين والعكشة. له الرحمة ولكن طول البقاء. الرب أعطى والرب أخذ فليكن اسم الرب مباركاً".