موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ١ مارس / آذار ٢٠٢٣
المطران غوجيروتي: علينا أن نرغب في التضامن إزاء الفردية والعدائيّة
في عيد القديس غريغوريوس ناريك، ترأس عميد دائرة الكنائس الشرقية قداسًا في بازيليك القديس بطرس في الفاتيكان، بمشاركة البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان كاثوليكوس بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك

فاتيكان نيوز :

 

يتحدث القديس غريغوريوس ناريك، أحد أهم الشخصيات في الفكر والأدب الديني الأرمني في العصور الوسطى، اليوم إلى زمننا ويقودنا إلى توسيع أفق رغباتنا للخير، من الـ"أنا" إلى الـ"نحن"؛ وقد عمّق عميد دائرة الكنائس الشرقية المطران غوجيروتي أهمية موقفه الروحي في عظته مترئسًا القداس الإلهي في عيده وقد نظمته سفارة جمهورية أرمينيا لدى الكرسي الرسولي.

 

شاعر، راهب، لاهوتي، فيلسوف، صوفي - اشتهر بكتابه الذي يحمل عنوان، "كتاب الرثاء"، 95 محادثة مع الله من أعماق القلب - أعلنه البابا فرنسيس معلمًا للكنيسة في عام 2015. وقد ذكّر المطران غوجيروتي بميزة القديس بالرثاء، وطلب المغفرة، وبالقديس الذي يصبح شفيعًا للبشرية ويقوم بذلك "بعظمة اللغة -كما يحدد– لدرجة أنّه أغنى اللغة بحوالي ألفي تعبير جديد". وقد حدّد عميد دائرة الكنائس الشرقية التحديين الأوَّلَين اللذين نواجههما اليوم واللذين "يبدوان أنهما لا يُقهران": "الفردية الهائلة"، التي يتمُّ فيها تشويه العناية بالآخرين، والعدائيّة "الشرسة"؛ وشدد على أن "أعصابنا، المُمتحنة، تنفجر بردود فعل غير منضبطة على الإطلاق وتؤدي في كثير من الأحيان إلى الموت والجروح والمصائب واليأس".

 

يُعرَّف القديس غريغوريوس بأنه "حامل صلاة" البشرية جمعاء (كما وصفه البابا فرنسيس في زيارته الرسوليّة إلى أرمينيا في عام 2016)، "ليس لأنه سخي –قال غوجيروتي- ولكن لأنه يتضامن بعمق مع البشرية جمعاء، ويأخذ على عاتقه مأساة الجميع. هذا هو الموقف الذي سيكون قادرًا على الاجابة على الفردانية الغاضبة". وإذ أشار إلى مهمته الأخيرة إلى سوريا وتركيا، لتنظيم المساعدات لضحايا الزلزال، فضلاً عن زياراته إلى دول أخرى. تساءل عميد دائرة الكنائس الشرقية: أين هو التضامن والبحث عن الإنسانية المشتركة؟ لا يمكننا أن نجدها. نحن لم يُعطى لنا أن نفهم كيف يمكننا نكون أبناء الخطيئة عينها وأبناء النعمة عينها. نحن أعداء، وأعداء قديمون، نحن "مُهاجَمون" و"مُهاجِمون". بينما يقول غريغوريوس ناريك: اضربوني وحافظوا على سلامة الآخرين".

 

تابع المطران غوجيروتي يقول من الواضح أنه عندما يضع غريغوري قائمة بخطاياه، هي خطايا لا تعنيه بالتأكيد، لكنه يشعر بالمسؤولية عنها. المسؤولية: كلمة يمكننا أن نستنتجها من إنجيل اليوم حيث يسمح يسوع بمعنى ما لكل فرد أن يساعده في أن يقدّم تضحيته من أجل البشرية جمعاء (... فلي قد صنعتموه ...). "إنه مفهوم حداثة غير عادية"، قال عميد دائرة الكنائس الشرقية، آملًا أن يستلهم العديد من رجال الروح واللاهوتيين من هذه الكلمة لكي يفهموا أننا "إما أننا نعاني معًا، وأننا متضامنون معًا أو سنخسر هذا العالم".

 

لقد سلّم القديس غريغوريوس ناريك نفسه للرب وسأله أن يصغي إلى صلاته من أجل أعدائه، "لأنكَ صلَّيتَ من أجل أعدائك –يقول القديس غريغوريوس– وأنا إذا صلَّيتُ من أجل أعدائي سأُصبح شبيهاً بك". "نحن هنا لا نتعامل مع روحانية سُكَّرية تعمل ببساطة على تعزية الأشخاص. هنا نجد قوة الانتماء إلى الإنسانية التي ترسخت لدرجة تجعلنا نقول: سيخلص الجميع أو سيموت الجميع". وبالتالي فصلاتنا، خلص عميد دائرة الكنائس الشرقية إلى القول هي أن يرتفع هذا الشعور بالتضامن إلى الله ويتغلب على الطلبات التي تؤدي حصريًا إلى مصالحنا الاقتصادية، وصناعاتنا، وبلدنا، على حساب الآخرين. "بهذه الطريقة نحن لا تذهب إلى أي مكان. هذا هو الإنجيل المُعاش، أما الباقي فهو أنانية كونية وهي عكس محبة الله الذي انتهى على الصليب، وهو الذي خلق العالم".