موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٦ مارس / آذار ٢٠١٥
الكاردينال توران يعزز الحوار مع الإسلام لعالم يسوده السلام

روما - جاكوبو سكاراموتسي :

نقله إلى العربية منير بيوك - المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام

يتوجب على زعماء الأديان العالمية في عالم مزقته الحرب والعنف الدخول في حوار من أجل بناء عالم يسوده السلام. هذه هي الرسالة التي أطلقها رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان الكاردينال جان لويس توران في خطابه الذي ألقاه في مؤتمر نظمته جماعة سانت إيجيديو ومؤسسة الإمام الخوئي في روما. فمؤسسة الإمام الخوئي هو مؤسسة دولية مرتبطة بأعلى سلطة دينية في الإسلام وهو آية الله العظمى علي السيستاني. كان موضوع المؤتمر: "حوار الكاثوليك والشيعة بشأن مسؤوليات المؤمنين في عالم تعددي، باسم السلام".

قال الكاردينال الفرنسي الذي استقبل وفداً من المسلمين الشيعة في مقر دوائر الكوريا الرومانية في الفاتيكان: "ينظر المجلس البابوي للحوار بين الأديان في الاقتراح الذي قدمته الوفود الشيعية في أمكانية إقامة حوار دائم بيننا، ونحن تفكر في القيام بنفس الشيء مع العراقيين السنة." وبدأ الكاردينال، وهو دبلوماسي متمرس من الفاتيكان، بعرض "صور الحرب والعنف" التي تميز هذه اللحظة التاريخية في الزمن قائلاً: "دعونا نستذكر الأرقام من الحرب السورية، وهو الصراع الذي يدخل الآن عامه الخامس. هناك أكثر من 125 ألف ضحية، ثلثهم من المدنيين ومنهم 10 ألاف من الأطفال. وهناك أربعة ملايين لاجئ سوري، منهم مليون في لبنان وسبعة ملايين نازح داخل البلاد. يعيش 60 بالمئة تحت خط الفقر، في حين يعيش مليونا شخص تحت المخاطر المتمثلة بمزيد من العنف. هناك نقص في الماء والدواء. وهذه الحالة، التي تشبه حالات في دول أخرى متضررة من الحروب، مثل العراق واليمن والصومال وأفغانستان ونيجيريا تطرح سؤالاً: "من أين تأتي الحرب؟ "وإلى جانب إجابة يعقوب في العهد الجديد التي تقول: "من اين الحروب والخصومات بينكم اليست من هنا من لذاتكم المحاربة في اعضائكم؟" أكد توران أن أحد أسباب الصراعات هو الظلم، والاقتتال من أجل الحصول على الموارد الطبيعية، وتجارة الأسلحة. وفيما يتعلق بالنزاعات التي تشمل عناصر دينية، أو ينظر إليها على هذا النحو، ينبغي القول أن إحدى الأحداث التي تبعث على الحزن هو تحريض الزعماء الدينيين على العنف وأنا أضع في مخيلتي الباكستان حيث تم إحراق بعض الناس على خلفية الكفر".

وأكد توران أن "دور القادة الدينيين هو لحماية السلام. لدينا التزام بتعزيز السلام، لاسيما في أوقات الأزمات كالتي نعيشها الآن. كم هو من المحزن أن نرى مدارس دينية في بعض الدول تصير أرضاً خصبة للتطرف". واستذكر توران الكلمات التي استخدمها فرنسيس في صلاة التبشير الملائكي في 1 أيلول 2013، عندما دعا إلى صلاة خاصة من أجل السلام، وأن نصرخ: "لن يكون أبداً حرب مرة أخرى! السلام هو هدية ثمينة يجب تعزيزها وحمايتها".

من جانبه، قدم جواد الخوئي، الأمين العام لمعهد الخوئي في العراق، في كلمته خمس نقاط للتفكير بها من أجل تعزيز التعايش المتوائم، ليس فقط من الناحية النظرية، ولكن أيضاً من أجل مكافحة خطر التطرف عملياً. وشدد موفد المسلمين على "القواسم المشتركة "بين إمامة الإسلام الشيعية والكاثوليكية، وبين مدرسة النجف والكرسي الرسولي. وشدد على أهمية "إدراج" الحوار الإسلامي المسيحي، الذي لا يقتصر على العلماء ورجال الدين بل يشمل أيضاً الفنانين، وقادة المجتمع المدني، والعمال من أجل توسيع نطاق الحوار. وأستذكر أهمية ضرورة مكافحة الإرهاب والتطرف اللذين "ينبعان من نقص في معرفة التعليم الديني ومعرفة الآخرين". وأستذكر أهمية "قبول التعددية كمبدأ إلهي وبشري،" وشدد على مركزية "التواصل البناء" على أنها "صورة نمطية وآمال كاذبة" تشكل أساساً لسوء الفهم بين الجماعات الدينية المختلفة وتنبع من عدم التواصل.

قال مؤسس جماعة سانت إيجيديو أندريا ريكاردي: "هذا العالم يحتاج لرجال ونساء يعشقون المغامرة". ومع ذلك، "ينجذب الرجال والنساء المشتتون عقلياً إلى التعصب العنيف. ففي عالم الشمول، لا يستطيع الإنسان أن يكون بدون جذور ويجد ملجأ في التعصب". وبالتالي "نحن بحاجة إلى أن نسأل أنفسنا ما هي المسؤولية التي يحملها المؤمنون في مواجهة عالم تعددي"؟ هذا السؤال مهم جداً لأن "الرأسمالية العالمية التي تفتقر إلى الإنسانية تخلق حالات لا يمكن تحملها". وفي الوقت الذي يمر به مسيحيو باكستان والعراق ونيجيريا وكذلك الشيعة في "أوقات عصيبة"، فإنك "لا تستطيع الجلوس ومراقبة ما يحدث دون ممارسة مسؤوليتك الاجتماعية، كما لا يمكن أن تبقى الأديان معزولة".

حضر المؤتمر نحو عشرة من الشخصيات الدينية الشيعية البارزة من إيران (خاصة أبو الحسن نافاب، رئيس جامعة الأديان والطوائف في قم)، والعراق، ولبنان، والمملكة العربية السعودية، والبحرين والكويت. وانضم اليهم شخصيات بارزة من الكنيسة الكاثوليكية، ومنهم الكاردينال الألماني راينهارد ماركس، رئيس مجلس الأساقفة الألمان الذي تم تعيينه رئيساً للجنة المجالس الاسقفية في الاتحاد الأوروبي، وهو عضو في مجلس الكرادلة التسعة الذين يعاونون البابا في إصلاح الكوريا الرومانية وفي إدارة الكنيسة الكاثوليكية الجامعة. واشتمل أيضاً على ممثلين آخرين من الكنيسة الكاثوليكية منهم رئيس أساقفة نابولي كرسينزيو سيبه، ورئيس المجلس البابوي للعائلة المنسنيور فينسنزو باجاليا إلى جانب مؤسسها، ريكاردي، وممثل جماعة سانت إيجيديو رئيسها ماركو أيماجلازيو والأب فيتوريو إياناري.