موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢٣ يناير / كانون الثاني ٢٠١٨
الـقـدس.. حرم إسلامي ومسيحي مقدّس

القاهرة - أبونا :

على مدار يومين، نظم الأزهر الشريف مؤتمراً دولياً حاشدا، شارك فيه ممثلون عن 86 دولة عربية وأجنبية وقيادات دينية مسيحية وإسلامية وأخرى يهودية معتدلة. ولأنّ الموضوع الأساسي هو القدس، فقد شارك الرئيس الفلسطيني الذي ألقى كلمة افتتاحية بعد كلمة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وبابا الأقباط الأرثوذكس تواضروس الثاني. وقد حظي الوفد الفلسطيني بنصيب الأسد سواء بأعداد المشاركين أو بالكلمات والخطابات التي لم تخلُ أحيانا من الدموع.

وما يهمنا في هذا المقال هو الوقوف عند البيان الختامي الذي تلاه شيخ الأزهر، وتضمن التأكيد على الحقوق العربية الفلسطينية في القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة، وحث الرئاسة الأميركية على التراجع عن القرار الأحادي بحق القدس الشريف. أمّا من الناحية العملية القابلة للتطبيق، فهنالك أمران: الأول استحداث مادة تعليمية تاريخية عن القدس يعدّها الأزهر للتدريس في معاهده وجامعاته. والثاني هو اعلان 2018 عاماً خاصاً للقدس، دون الاشارة إلى المبادرات الممكن القيام بها في هذه السنة.

ويهمّنا هنا الاشارة إلى نقطة حيويّة تكرّرت في البيان، وهي التأكيد على «روح التلاحم الاسلامي والمسيحي في داخل القدس وخارجها»، والقول بانّ المدينة المقدّسة هي «حرَم اسلامي ومسيحي مقدّس». وقد ركز المؤتمر في مجمل فعالياته على البعد التشاركي بين المسلمين والمسيحيين في العالم ليحملوا قضية القدس معاً، أولاً من حيث أنها مدينة تضم المقدّسات التي تخصّ العالم العربي بشقيه المسيحي والاسلامي، وثانياً من خلال تسليط الضوء على «النبض الحيّ» لدى مسيحيي العالم ومسلميه الذين «انتفضوا» من أجل القدس وخرجوا بمسيرات سلمية هائلة، وحملوا شموعهم الصامتة، كما فعلنا نحن في عمّان، للتعبير عن عدم قبول الاستئثار بالقدس واحتكارها لجهة دون الأخرى.

كنّا نتمنّى على البيان الختامي أن يؤكد الوصاية الهاشمية على المقدّسات الاسلامية والمسيحية، ولكن ذلك لم يحصل، اللهم إلا في كلمتين: الأولى لوزير الأوقاف الدكتور وائل عربيات الذي عرض بالتفصيل ما تقوم به المملكة الأردنية الهاشمية، من دور بارز على أرض الواقع في بيت المقدس. والثانية كلمة كاتب هذه السطور الذي أكد على ثوابت مدينة القدس بمقدّساتها والوضع الراهن فيها (ستاتوكوو) والوصاية الهاشمية. علينا إذن واجب العمل والتحرّك أكثر فأكثر من أجل تبيان الأهمية التاريخية والشرعية الدينية للوصاية الهاشمية على المقدّسات.

ماذا بعد الأزهر؟ فإنّ الحديث ينبغي ألا يبقى حواراً داخلياً بين العرب مسلمين ومسيحيين، بل ينبغي الخروج وتوجيه الخطاب باللغة الانجليزية إلى العالم أجمع، فصاحب الحق يجب ألا يخاف أو يتردّد، بل عليه أن يكون مبدعاً وخلاقاً في استحداث المبادرات الرائدة من أجل استعادة الحق العربي من قبضة الاحتلال ومن يشجعه من دول ورئاسات في العالم.

وأيضا يجب أن يتوفر اجماع عربي على زيارة القدس، وتشجيع أهلها الصامدين، فقد برز النقاش ساخنا حول هذه النقطة، وترك الباب مفتوحا: فهنالك من يشجع على الزيارة كونها لقاء أخويا مع الاشقاء الفلسطينيين، وهنالك من يعارضها، بوصفها تطبيعا مع اسرائيل. وأنا شخصيا أشجع الزيارة، فهي حجّ الى الاماكن المقدّسة، كما هي لقاء وتشجيع لأهالي القدس الصامدين فيها، حيث يشكل الفلسطينيون داخل الاسوار 6450 من العرب المسيحيين، و26 الفا من العرب المسلمين، وانّ القيام بزيارتهم في بيوتهم وأماكن عملهم يدعم صمودهم ويؤكد على استمرار الحضور العربي في أقدس مدن العالم.