موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٩ فبراير / شباط ٢٠٢٣
السفير الفاتيكاني بدمشق يدعو إلى إغاثة المعوزين بعيدًا عن الانقسامات السياسيّة
كاهن فرنسيسكاني في كنيسة اللاتين في حلب يستقبل الناس الملتجئين إلى الكنيسة، ويقدّم لهم الخدمة البسيطة.. ولكن المليئة بالمحبّة

كاهن فرنسيسكاني في كنيسة اللاتين في حلب يستقبل الناس الملتجئين إلى الكنيسة، ويقدّم لهم الخدمة البسيطة.. ولكن المليئة بالمحبّة

أبونا :

 

عقب الزلزال العنيف الذي ضرب سوريا وتركيا، أجرت إذاعة الفاتيكان مقابلة مع السفير الفاتيكاني في سورية الكاردينال ماريو زيناري، خلال زيارته حلب، حيث تحدّث عن أوضاع السكان وضرورة مساعدتهم على الصعيدين الداخلي والعالمي، بعيدًا عن الانقسامات السياسية والنزاعات والعداوة.

 

 

بيوت غير آمنة

 

وقال: بمجرد دخولي مدينة حلب شاهدت الجامع الكبير بمآذنه الأربعة قد سقطت على الأرض، إلى جانب الكنيسة الفرنسيسكانيّة التي انهارت مداميكها وتشققت جدرانها. كما أنني قابلت أشخاصًا خارج منازلهم، وقالوا لي إنّ العديد منهم قد لجأوا إلى المباني الدينيّة التابعة لنا. إنهم يعيشون ويتناولون الطعام في المجتمعات المسيحيّة والكاثوليكيّة. بعضها يصل العدد فيها إلى 500 شخص.. يمكنك حقًا أن تلمس الخوف لدى الناس، فهم مصدومون من الزلزال، ولا يرغبون بالعودة إلى بيوتهم المتضررة جراء الحرب. إنهم ليسوا آمنين فيها على الإطلاق، وهناك خطر من أنها قد تسقط في أيّة لحظة.

 

كما أشار نيافته إلى قصة أسقف متقاعد قد نجا بأعجوبة، حيث يسكن في بيت، وكان معه سكرتير، كاهن في الخمسين من العمر تقريبًا، وقد صمد أمام الزلزال الجزء الذي يسكن فيه الأسقف بينما انهار الجزء الآخر. وقال: رأيتُ الأنقاض بأمّ عيني، مات الكاهن تحت هذا الحطام... (هذه المباني) غير آمنة، لقد تضرّرت بالفعل بسبب سنوات الحرب.

 

الكاردينال زيناري يزور النازحين في حلب بعد الزلزال، 6 شباط 2023

معاناة السكان

 

وعن معاناة السكان، أشار إلى أنّ الجميع يدرك بأنّ حلب تعتبر "مدينة الشهداء".

 

وقال: ما زلت أتذكر في كانون الثاني 2016؛ كان الثلج يتساقط بغزارة، كما هو الحال الآن، وقد اضطر آلاف الأشخاص إلى الفرار من المعارك. واليوم، نفس هؤلاء الناس يسألون أنفسهم: "لماذا يحدث لنا هذا أيضًا؟". كما يطرح الكهنة والرهبان السؤال: "كنا نتعرّض لقصف القنابل، وكان هناك المتمردون، والآن ها هو الزلزال. من أين تأتي هذه الكارثة؟". إنّها أسئلة يصعب الإجابة عنها.

 

أضاف: علاوة على ذلك، فإنّ سوريا كلها تعيش تحت ما أسميه "قنبلة الفقر". فبحسب إحصائيات الأمم المتحدة، فإنّ 90 بالمئة من السكان يعيشون تحت خط الفقر. إذًا لدينا القنابل الحقيقيّة أولاً، ثم الأسلحة بأنواعها المختلفة، وقنبلة الفقر، والآن هذا الزلزال الكبير. يُضاف إلى ذلك، مأساة داخل مأساة، ألا وهي العقوبات التي تُعيق وصول المساعدات.

 

وأمل المسؤل الفاتيكاني "أن يكون هناك ولو بعض الاحتكام إلى العقل والإنسانيّة. أولاً على الصعيد المحلي: مع الأسف، لم تنته الحرب، لكني أرجو بأن يتم تنحية النزاعات والعداوة جانبًا، وأن يُنظر إلى هؤلاء الأشخاص البؤساء بحسّ إنساني. أما على الصعيد الدولي: فالمطلوب هو واضح، ومن الأهميّة بمكان تقديم الإغاثة العاجلة لهؤلاء الأشخاص المعوزين بعيدًا عن الانقسامات السياسيّة. إنّ هذا سيشكّل اختبارًا للإنسانيّة، سواء للمجتمع الدوليّ أو داخل سوريا.

الرهبنة السالزيانية في سوريا تفتح أبوابها لاستقبال المتضررين من جراء الزلزال

الكنيسة منخرطة في العمل الإنسانيّ

 

وفي ختام المقابلة التي أجرتها معه إذاعة الفاتيكان، أكد الدبلوماسي الفاتيكاني بأنّ الكنيسة في سوريا منخرطة بالفعل في العمل الإنسانيّ. وأشار إلى أنّ الكنيسة الكاثوليكيّة عقدت العام الماضي مؤتمرًا بعنوان: "الكنيسة بيت المحبة، السينودسية والتنسيق". وقبل شهرين، شكّل مجلس الأساقفة الكاثوليك لجنة أسقفيّة من أجل تنسيقٍ أفضل لأعمال المحبّة.

 

وقال: "نحن نعمل بأقصى سرعة في هذا الصعيد الإنسانيّ، كما أنّنا نحاول اكتساب المزيد من الخبرة والكفاءة المهنيّة. وفوق كل شيء، يجري العمل على ضمان توزيع هذه "الأرغفة الخمسة والسمكتين" بشكل متساوٍ، وبأفضل الطرق الممكنة".