موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٩ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٧
البطريرك صبّاح: سنبقى في القدس عاصمة لنا، مهما قرروا وقالوا

البطريرك ميشيل صبّاح :

القى البطريرك الفخري للقدس ، مساء امس السبت ، كلمة في حفل اضاءة شجرة عيد الميلاد في مدينة بيت ساحور ، وفيما يلي نصها :

عيد الميلاد هو يوم فرح، لأنه ولد يسوع المسيح، ولد لنا مخلص. وهو يوم سلام ومحبة. قال الملائكة للرعاة: "لا تخافوا. إني أبشركم بفرح عظيم: ولد لكم اليوم مخلص في مدينة داود" (لوقا 2: 10-11). بهذا نؤمن. ولهذا نفرح. ونسأل الله من أجل أرضنا ومن أجل شعوب العالم كله، لكي ينعم عليها بالسلام والعدل. وليلهم أقوياء هذا العالم أن يعملوا بما قال النبي أشعيا: "يضربون سيوفهم سككا، وأسنَّتَهم مناجل. فلا ترفع أمة على أمة سيفًا، ولا يتعلمون الحرب من بعد" (أشعيا 2: 4).

ولكن قرر ظالمونا في هذه الأيام أن يحرمونا فرح العيد. فقدموا لنا الحرب بدل السلام. ومع ذلك مهما قال كبار هذا العالم وأسياد الحرب، -قالوا: القدس عاصمة لهم، فلسطين كلها لهم، ولا مكان لنا لا في القدس ولا في بيوتنا- لن نفقد فرح العيد ولا فرح الحياة. بل سنبقى. سنبقى في بيوتنا، سنبقى في القدس عاصمة لنا، عاصمة لحياتنا اليومية وعاصمة لصلاتنا، مهما قرروا وقالوا.

جاء يسوع المسيح ليكون نور العالم (يوحنا 1:5) بنوره ننظر فنرى، نرى كل ما حدث لنا هنا وفي كل العالم العربي، كل الاعوجاج الذي استقبله ورضخ له العالم العربي، كل الموت والدمار الذي حملوه إلى منطقتنا، نلقي عليه ضوء العيد، الذي يدعو جميع كبار العالم إلى العودة إلى العدل والمحبة والرحمة ووقف المظالم.

حاملين رسالة العيد نسير: ونقول لظالمينا، لمن يرون في وجودنا هنا شيئًا زائدًا: نحن أهل الأرض ونحن أهل القدس، ونحن فيها باقون. ولكم معنا مكان، ولكن ليس على حسابنا.

نحتفل اليوم بالعيد. نسير في طريق نرى فيها الله، ونرى أن أكبر قوة منحها الله للإنسان هي المحبة. ونرى أن ظلم الإنسان ليس من الله، لا يمكن أن يكون من الله. وبالمحبة الواعية المدركة المبدعة نخطط ونقاوم كل شر وظلم واحتلال. وستبقى الأرض أرضنا وفيها متسع لنا ولكم، وتبقى القدس عاصمتنا.

لسنا ضعافًا، ولو أنه ليس بين أيدينا سلاح. سلاحكم سلاح موت به تقتلونا، وتقتلون الإنسان فيكم. وأما طريق الحياة، فهي التي وضعها الله سبحانه لنا جميعًا، هي طريق المحبة والعدل، لكل خلقه.

هذا عيد نحتفل به في مرحلة جديدة حاسمة في تاريخ هذه الأرض. لأن اللتصريح الذي سمعناه قبل أيام هو كلمة صريحة وواضحة. قال السيد ترامب، ليس فقط: لا مكان لكم لا في القدس، بل في فلسطين كلها.

هذه مرحلة جديدة، تحتاج إلى رؤية جديدة، إلى توقف، إلى إعاة تفكير، إلى مراجعة، محاسبة. مرحلة جديدة قالوا لنا: لا مكان لكم في الأرض. ونحن نؤكد أن الأرض أرضنا ولنا فيها بقاء. نحن نقرر لأنفسنا، ولا أحد يقرر بدلا منا. لا يحق لأحد أن يحرمنا أرضنا. وبناء على هذه الحقيقة، نبحث عن رؤية جديدة، وطريق جديدة للمقاومة. حتى نجعل هذه المرحلة الجديدة في تاريخنا مرحلة حياة وحرية وكرامة للجميع. نحن نبقى نقول لا للموت ونعم للحياة، لا للحرب ونعم للسلام. لا للاحتلال نعم للحرية والمساواة.

أقول لجميعنا نحن الفلسطينيين: يجب أن نجد طريقًا جديدة. لا تذهبوا إلى الموت، بل اطلبوا الحياة. وللإسرائيليين إن إرادوا الحياة لأنفسهم، أقول: أعيدوا جنودكم إلى منازلهم. كفاكم حروب. واصنعوا بما يقول النبي اشعيا: "اضربوا سيوفكم سككًا، وأسنَّتكهم مناجل. فلا ترفع أمة على أمة سيفًا، ولا يتعلمون الحرب من بعد" (أشعيا 2: 4). في هذا خلاصكم. في السلام والعدل خلاصكم. وليس في الحرب ولا في الأسلحة.

هذه رسالة عيد الميلاد. رسالة سلام وحقيقة وعدل ومساواة لنا جميعًا. هي أن نصبح قادرين لسماع رسالة الملائكة في سماء هذه المدينة: "المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام لجميع أهل السلام" (لوقا 2: 14). كل عام وأنتم بخير.