موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٣١ يناير / كانون الثاني ٢٠١٥
البطريرك ساكو يوجه كلمة بمناسبة مرور عامين على خدمته

البطريركية الكلدانية :

أود أن أتوجّه اليكم أيّها الاحبّاء بنات وأبناء الكنيسة الكلدانيّة، بمناسبة مرور سنتين على الصليب الذي أحمله، ويحمله معي الكثيرون، لأعرب عن محبتي الجمّة لكم، للكنيسة الكلدانيّة ولكافة العراقيين على تنوع انتماءاتهم. خلال السنتين الماضيتين لقد تعلمت الكثير، وتعرفت على الكثيرين وتألمت كثيرًا، واستفدت من الانتقادات، دروس نتعلمها؛ لذا وددت أن أبدأ بالشكر للعديدين على الصلاة والتفهم والدعم وعلى كم أُنجز أو فُتح من ابواب!.

ما حصل هو نتيجة طبيعيّة للحالة الجديدة بظروفها الذاتيّة التي تزامنت مع تسارع الاحداث على الساحة العراقية والمنطقة كالتهجير والهجرة. ولم يكن مناص من التعامل بوضوح مع حالات جسيمة قديمة وجديدة، غلب عليها ضعف التنشئة الفكرية والروحية والقانونية، والطَبْع وطموحات شخصية، ناهيك عن الموروث المحلي لمفهوم السلطة الذي لا يزال عند البعض هو المشيخة-السيادة " " بدل ان يغدو خدمةً متواضعةً، أمينة وسخيّة. مع هذا بقينا ونبقى نتمسك بالثوابت الانجيلية وبالرجاء لجعل كنيستنا الكلدانيّة كنيسة واحدة بأكليروسها ومؤمنيها، متماسكة ومنضبطة، حاضرة وقويّة، مُؤَثِرة ومُتأثِرة؛ تحترم المواهب والتنوع، تبحث عن الأفضل، ولا تقبل ان تتحوّل الى نمط واحد، أو الى كيانات منعزلة يخلقها هذا أو ذاك. الكنيسة ليست لعبة قمار، والانعزالُ انتحارٌ!.

هويتنا هي: كنيسة كلدانيّة كاثوليكيّة جامعة، شاهدة ومبشرة بفرح الانجيل لعالم اليوم، ولا تُقحم نفسَها بالانقياد الحصري وراء عملٍ قوميٍّ أو سياسيٍّ أو حزبيٍّ يُفقدها زخم هويتها الكنسيّة! وعليه نُطمئن الجميع من أن هذه الصعوبات والضغوطات لن تُثنينا عن عزمنا في تنظيف الكنيسة الكلدانيّة وتجديدها، وضبط القوانين فيها وتقوِيتها كما يريد الرب، وكما ينتظر شعبُنا، وعلى خطى البابا فرنسيس الجريئة والذي وهبه الله نعمةً لنا.

إني أدرك مسؤوليتي ومتطلباتها، وأعرف أن الادارة تخلق مؤيدين ومعارضين، وان للحقيقة ثمنها؛ لكنني مستعد للذهاب الى الأبعد، معتمدًا على بركةِ الله والقانون، ووجود شبه اجماع أسقفي معي وقاعدة واسعة من المؤمنين. إني سأتعاون مع كلِّ ذوي الارادة الطيّبة، ومع كافة الكنائس، وأسعى بشكل خاص لوحدة كنيسة المشرق بفروعها؛ والتباشير تبيّن أنه قريبا ستتشكل لجنة حوار مشترك. المسيحي لا يمكن ان يكون إلا وحدويا ومسكونيا. الوحدة في المحبة هي التحدّي!

في هذه السنة الجديدة، أدعو الجميع الى قراءة معمّقة للماضي، والعودة الى عمق الذات، وتعلّم الدروس بروحية عالية وعدم تصديق الإشاعات والافتراءات غير المسؤولة وهي شكل من أشكال الحرق الشخصي والكنسي، وفتح صفحة جديدة من العلاقات، خالية من الافكار المسبقة، والعمل كفريق واحد، ولا نحوِّلن وجهات النظر المختلفة والطبيعيّة الى صراعات وزعل، فهذه شهادة لا تليق بتاريخنا وكهنوتنا بمختلف درجاته، لنعشه رسالةً سامية كما يدعونا المسيح. نحن في طريق واحد، لنحبّ كنيستنا ولنضحّي من أجل نهضتها، ولنساهم في قيامتها. لنصل من أجل ذلك، من يصلي يكون في المسيح! كنيستنا تمر ّحاليًّا بمنعطفٍ قاسٍ روحيا، لكنها سوف تخرج منه اقوى وانقى. أليست رسامة اسقفين جديدين علامة تجديد الأمل للكنيسة الكلدانية.

في هذا الوقت علينا ان نقف بقوّة مع شعبنا المهجـّر والمتألم، القلق والخائف بكلِّ أطيافه، لنوظف كلَّ امكانياتنا لخدمته ورفع معنوياته، وزرع الامل في قلبه. الشرُّ لا مستقبل له، والعاصفة يقينًا ستعبر، فنحن شهودُ رجاء؛ نحن حملة تاريخ ورسالة، لا نُضيِّعن الفرصة!.

صلوا من اجل الكنيسة، ومن اجل السلام في العراق والمنطقة وعودة المهجرين سريعًا الى بيوتهم وبلداتهم.

وبركة الرب تشملكم.