موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ١٧ سبتمبر / أيلول ٢٠١٩
البطريرك ساكو من مدريد: للتفكير بحياة الناس ومستقبلهم وكرامتهم

البطريركية الكلدانية :

قدم البطريرك الكلداني الكردينال لويس روفائيل ساكو، يوم الاثنين 16 أيلول 2019، مداخلة حول نزع السلاح وعدم العنف، ضمن مؤتمر السلام الدولي: "الأديان والثقافات في حوار"، المنعقد في العاصمة الإسبانية مدريد.

وأكد البطريرك ساكو في مداخلته على أن "نزع السلاح وعدم العنف هو مشروع ضروري لعالمنا المعاصر حتى نعيش من دون نزاع وحروب. فموضوع صناعة السلاح يجلب الحروب والموت والخراب وهذا ما نعيشه في منطقتنا، وتروج أكاذيب لتبرير الحرب".

وقال: "ينبغي على رجال السياسة ورجال الدين اليوم تبني الحوار الحضاري والسير معًا من أجل وضع خطة للسلام الدائم وإشاعة ثقافة التسامح والاحترام بدل خطاب الكراهية والفرقة وبناء الحواجز. علينا تعزيز مبادئ العيش المشترك وبناء مستقبل أفضل لبلداننا وذلك من خلال ترسيخ الأمن وضمان المواطنة الكاملة وتطبيق القانون دون استثناء، بدستور مدني يقف على مساحة واحدة من الكل. نحن نعاني من الصراعات الطائفية والاثنية وبناء الحواجز بين أبناء البلد الواحد".

وتابع: "ينبغي فصل الدين عن السياسة، السياسة شوهت الدين وكذلك الدين شوه السياسة"، مشددًا أهمية أن يقوم الغرب "بمساعد بلداننا على تحقيق العدالة والكرامة الإنسانية واحترام استقلالية بلداننا. فالمصالح المادية ليست كل شيء، ليفكروا بحياة الناس ومستقبلهم وكرامتهم. أتمنى الا تكون هناك حروب على الأرض ولا نزاعات بأي شكل من الأشكال وإنما السلام الدائم والحياة الحرة والكريمة لكل شخص بعيدًا عن اعتبارات الجنس واللون والدين والمذهب والقومية.

وفي الجلسة المسائية التي ترأسها غبطته عن الحوار بين الشرق والغرب، بمشاركة عدد من المفكرين الشرقيين من مصر ولبنان والمغرب، مع المفكرين الغربيين من فرنسا وايطاليا، قال غبطته: "عمومًا، الناس مختلفون في الطبع والثقافة والدين والجنس. هذا الاختلاف واقع طبيعي بمشيئة الله الذي خلقنا مختلفين ووهبنا نعمة التنوع لنُغني مجتمعاتنا. ولهذا يجب الاعتراف بهذا الواقع واحترامه والإقرار بنسبية ومحدودية نظرتنا وحكمنا ما دام الاختلاف في الرؤى والأفكار أمراً طبيعياً ومقبولاً".

وأضاف: "بما أن الانسان علاقة، أي خلق من أجل الآخر. فالحوار يُعزّز هذه العلاقة، لذا عليه أن ينفتح على الآخر ببساطة وتواضع، مع التأكيد على أهمية الصداقة والثقة والاحترام المتبادل. فالحوار يعني الجلوس معًا لاستجلاء الوجه الخفي للحقيقة، وتقريب وجهات النظر. لذا الحوار مشروع ومسيرة باتجاه الآخر، سعيًا للتعرّف عليه، بعيدًا عن المجاملة والكذب (الكلام بخطابين). هكذا لقاء يجب أن يكون على مستوى فكر الآخر وحقيقته، لأن جهل الآخر يقود الى أخطاء وفقدان الثقة والتحول الى الدفاع والهجوم. ومع ذلك فالحوار ليس مقاربة تقنية (دبلوماسية) ولا عملية جرّْ البساط من تحت اقدام الآخر لكسبه الى جانبنا، بل هو الانفتاح عليه وعلى حقيقته وعلى اختلافه باحترام. ولهذا يتطلب الحوار الإصغاء الى الآخر، وفهم أفكاره وقناعاته وصعوباته وهواجسه وأسئلته، من دون تبسيط أو توفيق. والحوار ليس سجالاً وقطيعة".

وتابع البطريرك ساكو: "يُعرَّف الحوار على أنه لغة مشتركة، واللغة ليست مجرد وسيلة للتعبير، إنما هي إحساس وفكر وثقافة ومَخرَج حضاري لحل المشاكل وإنهاء الأزمات. بهذه الروحية يتعين على المرجعيات الدينية اليوم أن تقرأ الواقع بنظرة جديدة، وأن تقوم بدورها النبوي الاستباقي، في التعامل مع ما يشهده العالم المعاصر من تحولات عميقة وغير مسبوقة، بضمنها تحديات حدثت وتحدث في العديد من قطاعات المجتمع، ولها انعكاسات على مجتمعاتنا".