موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٣٠ مايو / أيار ٢٠١٧
البابا: من يسرح العمال أو ينقلهم إلى مكان آخر ليس رجل أعمال بل مضارب

بقلم: أندريا تورنيلي ، ترجمة: منير بيوك :

<p dir="RTL">إن أولئك الذين يسرحون العمال وينقلونهم إلى مكان آخر بغرض تحقيق المزيد من الأرباح ليسوا رجال أعمال جيدين، إنما مضاربون. هذا ما قاله فرنسيس في أول لقاء خلال زيارته إلى جنوه داخل جناح خاص بصناعة الصلب. يبلغ عدد موظفي إيلفا ألفا وخمسمئة شخص، وكانوا قبل بضع سنوات أربع مئة عامل فقط. استعمل البابا عباره بالإيطالية تصف حال العمال الذين أجبروا على العودة إلى العمل لاسترداد أجور صغيره. فالتحدي الذي تواجهه صناعة الصلب اليوم هو بالفوز بأسهم جديدة في السوق والحفاظ عليها، في حين الإبقاء على إنتاج الصلب بطريقة متوافقة مع البيئة، التي يبدو أنها تحقق نتائج، هي مثل إغلاق بعض المناطق الحرجة، مما إدى إلى إنتاج أكثر استدامة من الناحية البيئية. ومع ذلك، فإن الاستثمارات مطلوبة لاستكمال معالجتها.</p><p dir="RTL"><strong>طلب فرديناندو غاري، وهو ريادي من أصحاب المشاريع يعمل في منطقة إصلاح القطع البحرية، من البابا فرنسيس كلمة تبعث على الراحة والتشجيع &quot;في مواجهة العقبات التي علينا نحن أصحاب المشاريع التعامل بها كل يو</strong><strong>م&quot;.</strong></p><p dir="RTL">&quot;إنها المرة الأولى في جنوه. فكونها قريبة جدًا من الميناء يذكرني من أين جاء والدي وهذا يعطيني قدرًا كبيرًا من العاطفة، وذلك بفضل ترحيبكم. كنت أعرف الأسئلة من قبل، كنت أرغب في التفكير بها بشكل جيد جدًا لإعطاء إجابة جيدة لأن عمل اليوم يحمل المخاطر. اليوم هو عالم لا يتم النظر فيه إلى العمل بكرامه. إنه عالمنا. سأقدم فرضية: إن عالم الأعمال هو أولوية إنسانية! لذلك فهو أولوية مسيحية، وهو أولويتنا. بل هو أيضًا أولوية البابا لأنه هو أول أمر أعطاه الله لآدم، &quot;اذهب واعمل في الأرض&quot;. كانت هناك دائمًا صداقة بين الكنيسة وعالم العمل، بدءًا من يسوع. فحيث يوجد عامل هناك اهتمام ومحبة للكنيسة. من هذا السؤال تبرز الفضائل النموذجية لرجل الأعمال. إنه الإبداع، والحب للعمل، والعاطفة، والفخر بعمل المرء الخاص به وذلك بكلتا يدي وبذكاء العمال. ليس هناك اقتصاد جيد دون منظم للأعمال، ودون القدرة على خلق العمل. وبكلماته، يستطيع المرء أن يشعر بتقديره للمدينة، ولاقتصادها، ولنوعية الشعب، ولعماله وللبيئة، وللبحر<span dir="LTR">.</span> ومن المهم الإقرار بفضائل جميع العمال<span dir="LTR">.</span> حاجتهم هي الحاجة للقيام بالعمل بشكل جيد لأنه يجب أن يتم العمل بشكل جيد. هناك تصور عام بأن العمال يعملون بشكل جيد فقط لأنهم يتقاضون أجورًا.</p><p dir="RTL">هذا يشكل عدم احترام خطير للعمال والعمل لأنه ينكر كرامة العمل التي تبدأ بالفعل مع العمل بشكل جيد لتحقيق الكرامة والفخار. فرجال الأعمال الحقيقيين -سأحاول تعريفهم- يعرفون عمالهم لأنهم يعملون إلى جانبهم، ويعملون معهم. لا تنسوا أنه على رجال الأعمال أن يكونوا أولاً وقبل كل شيء عمالاً! فإذا لم يكن لديهم تجربة الكرامة، فلن يكونوا رجال أعمال جيدين. وهم يتقاسمون عمل العمال الشاق. كما يشتركون في أعمال العمال الشاقة وفي حل المشاكل سويًا، وفي خلق شيء ما سويًا. عندما يكون عليهم تسريح شخص ما، فإن ذلك يكون دائمًا خيارًا مؤلمًا، ومن الأفضل عدم القيام بذلك<span dir="LTR">.</span> لا يحب رجال الأعمال الجيدون تسريح أحد من شعبهم! فأولئك الذين يعتقدون أنهم يحلون مشاكل شركتهم عن طريق التسريح ليسوا رجال أعمال جيدين. إنهم تجار. اليوم يبيعون شعبهم، وغدًا سبيعون كرامتهم. إنها معاناة مستمرة، وأحيانًا، تخرج أفكار جيده من هذه المعاناة من أجل تجنب التسريح.</p><p dir="RTL">أتذكر أنه منذ عام تقريبًا، خلال القداس في سانتا مارتا، اقترب مني رجل يبكي وقال: <span dir="LTR">&quot;</span>جئت لطلب النعمة، لا أستطيع السير في الحياة أبعد من ذلك، فعلي أن أعلن إفلاسي. هذا يعني تسريح حوالي ستين عاملاً، وأنا لا أريد ذلك، لأنني أشعر وكأنني أسرح نفسي!&quot;. &quot;وكان هذا الرجل يبكي. كان رجل أعمال طيّب القلب. فقد أشاد بشعبه وصلى لهم لأنهم شعبه! إنهم عائلتي&quot;. فأحد أمراض الإقتصاد هو التحول التدريجي من رجال أعمال إلى مضاربين. لا ينبغي أبدًا الخلط بين رجال الأعمال والمضاربين، وهما نوعان مختلفان<span dir="LTR">.</span> فالمضارب هو شكل مماثل لما يسميه يسوع في الإنجيل الأجير، وذلك عكس الراعي الصالح. وهم يرون الشركات والعمال فقط كوسيلة للربح، ويستخدمون الشركات والعمال لتحقيق الربح، دون أن يحبونهم. كما أنهم لا يعتبرون التسريح، والإغلاق، أو نقل الشركة إلى مكان آخر مشكلة، لأن المضاربين يستخدمون، ويستغلون، ويأكلون الناس لتحقيق ربحهم.</p><p dir="RTL">عندما يدير أصحاب المشاريع الجيدة الاقتصاد، فإن الأعمال تسير بصورة ودية نحو الشعب. وعندما يكون الاقتصاد في يد المضاربين، عندها كل شيء يتدمر<span dir="LTR">.</span> كما يصير الإقتصاد أمر تجريدي بالشكل، لذا فإنهم لا يأخذون الناس بعين الإعتبار عندما يتم تسريحهم. فعندما يفقد الاقتصاد الاتصال مع وجوه الناس، يصبح بلا شكل، وبالتالي بلا رحمة<span dir="LTR">.</span> يجب أن نخشى المضاربين، وليس رجال الأعمال. ولكن من المفارقات أنه في بعض الأحيان يشجع النظام السياسي المضاربين في الأعمال، وليس أولئك الذين يستثمرون ويؤمنون بالعمل. ومن المعروف أن الأنظمة والقوانين الموجهه للناس غير الشرفاء تعاقب في نهاية المطاف الشرفاء. واليوم هناك العديد من رجال الأعمال الصادقين حقًا الذين يحبون عمالهم وأعمالهم، والذين يسعون للاستمرار في أعمالهم. وهؤلاء هم الأكثر عرضة للعقوبات الناشئة من هذه السياسات التي تحبذ المضاربين حقًا. لكن على الرغم من كل شيء، فإن أصحاب الأعمال الشرفاء يستمرون بالسير في أعمالهم. أود أن أقتبس قولاً جميلاً قاله لويجي إينودي، خبير الاقتصاد ورئيس الجمهورية الإيطالية: &quot;الآلاف والملايين من الناس يعملون، وينتجون. وعلى الرغم من كل ذلك، نستطيع أن نعمل على مضايقتهم، والتضييق عليهم، وتثبيط عزيمتهم. إنها دعوة طبيعية تدفعهم لذلك، وليس فقط العطش للمال. فالسرور، والفخر برؤية شركتكم تزدهر، وتحصل على ثقة العملاء، وتوسع أعمالها، وتجمل مقراتها، هي بمثابة محرك قوي للتقدم وكأنه ربح. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فإننا لن نتمكن من تفسير سبب وجود رجال أعمال يصرفون كل طاقاتهم على شركاتهم الخاصة ويستثمرون كل رؤوس أموالهم في كثير من الأحيان للحصول على أقل بكثير مما لو استخدموها بطرق أكثر أمانًا وراحة&quot;. أنت ممثل رجال الأعمال هؤلاء. لكن كونوا حذرين، أنتم رجال الأعمال والموظفين، وتوخوا الحذر من المضاربين ومن القوانين التي في نهاية المطاف تصب في صالح المضاربين وليس أصحاب المشاريع الحقيقية، وتترك الناس دون عمل&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>وتحدثت ميكيلا، وهي ممثلة للنقابات العمالية، عن الحدود التكنولوجية الجديدة والخوف من أنه بدلاً من خلق فرص عمل جديدة، فإنها ستسهم في خلق وضع هش يسبب عدم الراحة الاجتماعية. قالـت: &quot;اليوم، ستحول الثورة الحقيقية كلمة &rsquo;العمل&lsquo; إلى شكل ملموس من الخلاص الاجتماعي&quot;.</strong></p><p dir="RTL">لقد أنهيتي جملتك بعبارة &quot;الخلاص الاجتماعي&quot;، في حين أفكر أنا &quot;بالإبتزاز الاجتماعي&quot;. وسأخبرك عن شيء حقيقي حدث في إيطاليا منذ عام. كان هناك بعض العاطلين عن العمل يقفون في صف واحد للحصول على وظيفة، وظيفة مكتبية مثيرة للاهتمام. والفتاة التي أبلغتني عن ذلك كانت امرأة متعلمة تتحدث بعض اللغات الأجنبية، وهي مهارة مهمة لهذا المكان. قالوا لها: &quot;نعم، ولكن سيكون هناك بين عشرة وإحدى عشرة ساعة في اليوم&quot;. قالت على الفور نعم، فهي بحاجة إلى وظيفة. وكبداية، سيكون الراتب ثمانمئة يورو في الشهر&quot;. قالت: &quot;ثمانمئة يورو فقط لمدة إحدى عشرة ساعة؟<span dir="LTR">&quot; </span>قال لها المضارب: &quot;يا سيدتي، أنظري إلى هذا الطابور، إذا كنت لا ترغبين في ذلك تستطيعين المغادرة&quot;. هذا ليس خلاص وإنما ابتزاز!، ثم قال لي شخص آخر إنه لديه وظيفة ولكن فقط من أيلول إلى حزيران. فهم سيسرحونه في حزيران لإعادة توظيفه في أيلول. (وذلك لتجنب دفع المزيد من المال). عمل غير معلن عنه. حوار في أماكن العمل لا يقل أهمية عنه في الابرشيات &nbsp;أو في المؤتمرات الرسمية. إن مواقع الكنيسة هي أماكن الحياة. قد يقول أحدهم: لماذا يأتي هذا الكاهن هنا ليقول لنا هذه الأشياء، لماذا لا يفعل ذلك في الأبرشية! لا، نحن جميعًا شعب الله. في الكتاب المقدس وفي النصوص الإنجيلية، هناك العديد من اللقاءات بين الله وأناس في مكان العمل<span dir="LTR">.</span> وكان تلاميذ يسوع الأولين صيادين، وقد تلقوا دعوته أثناء العمل عند البحيرة. إن الافتقار إلى العمل هو أكثر بكثير من عدم وجود مصدر للدخل. العمل هو أيضًا هذا، ولكن أكثر من ذلك بكثير، من خلال العمل تصبح أكثر إنسانية، وتزدهر إنسانيتنا. وقد رأت العقيدة الاجتماعية للكنيسة دائمًا العمل كمشاركة بالخلق، الذي يستمر من خلال أيدي وعقول وقلوب العمال. فعلى الأرض، هناك عدد قليل من الأفراح التي تعتبر أكبر من تلك التي نشهدها من خلال العمل. كما أن هناك حزن أقل مما عندما يسحق العمل، ويذل، ويقتل. إن عالم العمل والبشرية يسيران جنبًا إلى جنب<span dir="LTR">.</span> من خلال العمل، يتم مسح الرجال والنساء بالكرامة. إن الميثاق الاجتماعي كله مبني حول عالم العمل. فعندما يكون هناك عمل قليل أو معدوم، أو أن الأداء ضعيف، فإن الديمقراطية تبدأ بالتراجع، حيث يبدأ الميثاق الاجتماعي كله بالتراجع. هذا هو معنى المادة الأولى من الدستور الإيطالي: إيطاليا هي جمهورية مبنية على العمل. يمكننا القول بعد ذلك، بأن أخذ العمل من الناس أو استغلال الناس بوظائف لا قيمة لها أو أنها سيئة الأجر هو أمر غير دستوري وفقا لهذه الماده! ولو لم تكن إيطاليا قائمة على العمل، فإن الجمهورية الإيطالية لن تكون ديمقراطية لأن مكان العمل كان على الدوام تحتله الامتيازات، والطائفية، والمعاشات التقاعدية السنوية. يحتاج المرء إلى النظر إلى التحولات التكنولوجية وعدم الرضوخ إلى أيديولوجية تتخيل عالمًا حيث يعمل فيه نصف العمال أو ثلثيهم، في حين يحتفظ الآخرون بمخصصات الرعاية الاجتماعية. ويجب أن يكون واضحًا أن الغاية الاجتماعية ليس دخلاً للجميع، بل هو وظيفة للجميع. لأنه بدون وظيفة للجميع لن يكون هناك كرامة لأحد. إن عمل اليوم وعمل الغد سيكونان مختلفين. قد يكونا مختلفان جدًا. دعونا نفكر في الثورة الصناعية. سيكون هناك ثورة، ولكن يجب أن تكون للعمل وليس للتقاعد! ليس للمتقاعدين ولكن للعمل! ينبغي للمرء أن يتقاعد في السن المناسب. إنه عمل يتسم بالعدل، إلا أنه ضد كرامة الشعب أن نسمح لهم بالتقاعد عند سن 35-40 للحصول على راتب من الدولة. اهتم بنفسك! هل عندك طعام؟ نعم فعلاً. هل لديك كرامة؟ لا، لأنني لا أملك وظيفة. دون عمل يمكنك البقاء على قيد الحياة، ولكن للعيش يحتاج الشخص إلى العمل كما أن هناك خيار بين البقاء على قيد الحياة والعيش. نحن بحاجة إلى العمل للجميع، وللشبان. هل تعرف النسبة المئوية للشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 25 سنة وأقل عاطلين عن العمل في إيطاليا؟ أنا لن أقول لكم، ابحث عن الإحصاءات. هذا رهن عن المستقبل. لأن هؤلاء الشبان يكبرون دون كرامة لأنهم غير ممسوحين بالعمل الذي يعطيهم الكرامة. إنه الجوهر... راتب الرفاه الشهري الذي يحافظ عليك وعلى عائلتك لا يحل المشكلة. بالإمكان حل المشكلة بالعمل للجميع&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>سرجيو، وهو عامل في دورة تدريبية تروج لها جمعية دينية. سأل كيف تتم الشهادة بالإنجيل في بيئة عمل حيث غالبًا ما تسود المنافسة، والوظيفية، والجوانب الاقتصادية&quot;</strong><strong><span dir="LTR">.</span></strong></p><p dir="RTL">&quot;إن قيم العمل تتغير بسرعة كبيرة. فالعديد من المشاريع الكبرى والتمويل العالي لا يتمشيان مع البعد الإنساني، وبالتالي مع الإنسانية المسيحية. فالتركيز على المنافسة ليس مجرد خطأ أنثروبولوجي، بل هو خطأ اقتصادي أيضًا لأنه يتجاهل أن مشروع ما ينطوي على تعاون متبادل. عندما تكون المنافسة بين العمال ممنهجة، فلربما يكون هناك بعض المميزات على المدى القصير، ولكن في نهاية المطاف يقوض النسيج الذي هو روح كل تنظيم. لذلك، عندما تحصل أزمة، فإن الشركة تتحطم وتنفجر، لأنه لا يوجد حبل يوحدها. فهذه الثقافة التنافسية خطأ، بل هو رؤية تحتاج إلى تغيير إذا ما أردنا الأفضل للمؤسسة، والعمال، والاقتصاد. وهناك أمر أخر لا قيمة له، هو إدارة ذوي الكفاءة (الميروقاطية)، التي يتم الإشاده والإفتخار بها كثيرا<span dir="LTR">.</span> هذه الأيام. وبعيدًا عن حسن نية العديد الذين ينشدونها، فإنها قد صارت شرعية أخلاقية لعدم المساواة. فمن خلالها، تمنح الرأسمالية الجديدة اللباس الأخلاقي لعدم المساواة من خلال تفسير مواهب الناس ليس كهدية ولكن كجدارة، وبالتالي تحديد نظام من المزايا والعيوب التراكمية. ويعتبر الفقراء ليسوا ذي استحقاق، وبالتالي مذنبين. وإذا كان الفقر هو خطأ الفقراء أنفسهم، إذا يجري تبرأة الأغنياء من فعل شيء حيال ذلك. هذا هو المنطق القديم الذي استخدمه أصدقاء أيوب الذين أرادوا إقناعه بأنه هو المسؤول عن سوء حظه، ولكن هذا ليس منطق الكتاب المقدس والحياة<span dir="LTR">.</span> فالميروقراطية موجودة في الكتاب المقدس في صورة الأخ الأكبر للإبن الضال الذي يحتقر شقيقه الأصغر ويعتقد أنه يجب أن يبقى فاشلاً. غير أن الأب يعتقد أنه لا يوجد أي ابن يستحق طعام الخنازير&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>وأخيرًا، أوضحت فيتوريا، العاطلة عن العمل، للبابا أن العاطلين عن العمل يشعرون أن المؤسسات ليست بعيدة فقط ولكنها في الواقع أكثر اهتماما بالرعاية الاجتماعية السلبية بدلاً من خلق ظروف مواتية للعمل... أين يمكننا أن نجد القوة لعدم الإستسلام أبدًا؟&quot;.</strong></p><p dir="RTL">&quot;مثل أولئك الذين يفقدون وظائفهم ولا يستطيعون العثور على وظيفة أخرى، ويشعرون كأنهم يفقدون كرامتهم. مثلما عندما يضطر شخص ما إلى قبول وظائف سيئة أو وظائف تسبب الأذى، مثل تلك الأعمال السيئة في الاتجار غير المشروع بالأسلحة، والمواد الإباحية، والقمار وجميع الشركات التي لا تحترم العمال والبيئة. مثل أولئك الذين يحصلون على رواتب عالية لأن عملهم يستغرق حياتهم كلها. المفارقة في مجتمعنا هو وجود عدد من الناس الذين يرغبون في العمل ولا يمكنهم عمل ذلك، وغيرهم الذين يريدون العمل أقل، ولكن لا يمكنهم فعل ذلك لأن شركات قد استحوذت عليهم. يصير العمل شيق عندما يكون هناك عطلة ووقت فراغ بجانبه. وبدون ذلك، يصبح عمل عبودية، حتى لو كانت الوظيفة فائقة الأجر. في الأسر التي يوجد فيها أشخاص عاطلون عن العمل، ليس هناك أبدًا يوم الأحد، لأن العمل مفقود يوم الاثنين. ومن أجل الإحتفال بالأعياد، من الضروري أن تكون قادرًا على الاحتفال بالعمل. فهما يسيران جنبًا إلى جنب، ولكل وقته الخاص. الاستهلاك هو المعبود في عصرنا، والاستهلاك هو مركز مجتمعنا، وبالتالي هو من دواعي سرورنا. اليوم، هناك أماكن عبادة جديدة تعد بالخلاص مفتوحة أربعًا وعشرين ساعة باليوم، ومراكز مخصصه للإستهلاك فقط وللمتعة الخالصة. العمل هو التعب والعرق. وعندما يرغب المجتمع، الذي يبحث عن المتعة، بالاستهلاك فقط، فإنه يفشل في فهم قيمة التعب والعرق، ويفشل أيضًا في فهم قيمة العمل. الوثنية كلها هي تجارب الاستهلاك بشكله الواضح. فإذا لم نستعد الثقافة التي تقيم عاليًا التعب والعرق، فإننا لن نجد علاقة جديدة مع العمل وسنواصل الرغبة في استهلاك المتعة الخالصة. فالعمل هو مركز كل ميثاق اجتماعي وليس مجرد وسيلة للاستهلاك. بين العمل والاستهلاك، هناك العديد من الأشياء الجميلة والمهمة منها الحرية، والشرف، والكرامة، والحقوق للجميع. فإذا كنا نضع الاستهلاك كأولوية قبل العمل، فإننا سنخسر كلها مجتمعة.</p><p dir="RTL">من أكثر الصلوات العديدة جمالاً تلاها آباؤنا وأجدادنا كانت صلوات عن العمل تتلى قبل العمل، وأثناؤه، وبعده. العمل موجود كل يوم في الإفخارستيا، حيث هباتها هي ثمرة الأرض وعمل الإنسان. كانت على الدوام الحقول، والبحر، والمصانع، والمذابح التي منها يتم رفع صلاة جميلة ونقية إلى الله الذي رحب بها. فالصلوات التي تتلى من خلال اليدين، والعرق، والتعب من أولئك الذين يعملون الذين لا يعرفون كيفية الصلاة بالقول. وقد رحب الله دائمًا بكل هذه الصلوات، كما يستمر بالترحيب بها اليوم. هذا هو السبب في أنني أود أن أختتم بصلاة إلى الروح القدس: أصلي أن ترسل لنا فيض نورك، وأن تكون أبًا للفقراء وللعمال&quot;.</p>