موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ١٥ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٧
الأقباط والقدس.. إن نسيناكِ يا أورشليم تُنسى يمينى

القاهرة - محمد عفيفي :

يهودية القدس؟! لماذا تتجاهل إسرائيل وأمريكا وقائع التاريخ؟ زهرة المدائن كانت وستظل مدينة الله، مدينة الأديان، مدينة الإنسان. وكمصري سأتحدث، اليوم، عن الحقوق المصرية في القدس، وبصفة خاصة عن الوجود القبطي فيها. هذا الوجود الذي يمثل ترنيمة في سلسلة ألحان هذه المدينة المقدسة؛ كنائس وأديرة ومؤسسات تعود إلى مئات السنين، حضور فرضه الجوار الجغرافي المشترك، وأيضًا زيارة الأماكن المقدسة.

من أهم مظاهر الحضور القبطي فى القدس تأسيس أبرشية الكرسي الأورشليمي للأقباط الأرثوذكس، ووجود مطران قبطي في القدس منذ القرن الثالث عشر لرعاية المؤسسات القبطية هناك، هذه المؤسسات التي نشأت منذ فترة مبكرة من تاريخ المسيحية، وكان يرعاها حتى ذلك الوقت بطريرك أنطاكية، لكن الكنيسة القبطية رأت منذ القرن الثالث عشر ضرورة إنشاء هذا الكرسي، الذي سيتوسع بعد ذلك ليصبح أبرشية الكرسي الأورشليمي والشرق الأدنى، ليُشرف على المؤسسات القبطية في عموم المشرق العربي.

ويعتبر دير السلطان في القدس من أهم المؤسسات القبطية وأكثرها شهرة. ويُرجع البعض تسمية الدير بالسلطان إلى إهداء السلطان صلاح الدين الأيوبي الدير إلى الأقباط، وإن نسبته بعض المصادر إلى حكام آخرين. على أية حال عُمِّر الدير على مر السنين بالرهبان الأقباط والإثيوبيين، نتيجة ارتباط كنيسة الحبشة عبر التاريخ بالكنيسة القبطية، الكنيسة الأم، ولكن مع ظهور نوازع قومية داخل الكنيسة الإثيوبية، غذتها بشدة الدعايات الغربية، بدأ النزاع يدب بين الرهبان الأقباط والأحباش على ملكية الدير. وتعقدت مشكلة الدير مع الاحتلال الإسرائيلي للقدس، حيث انحازت إسرائيل لجانب الرهبان الإثيوبيين الذين استولوا على الدير، ورفعت الكنيسة القبطية العديد من القضايا أمام المحاكم الإسرائيلية، وعلى الرغم من صدور أحكام نهائية لصالح الأقباط، فإن السلطات الإسرائيلية لم تنفذ هذه الأحكام حتى الآن.

ولم يقتصر الوجود القبطي فى القدس على الكنائس والأديرة فحسب، بل امتد ليشمل تقديم الخدمات التعليمية والاجتماعية. حيث تم تشييد بعض المدارس القبطية لتقديم التعليم المدني، كما تم إنشاء ملجأ للأيتام. واستقر بعض الأقباط في القدس منذ سنوات عديدة، ونشأ عن ذلك الأمر ظاهرة ديموغرافية مهمة ومثيرة؛ أجيال جديدة من الفلسطينيين من أصل قبطي، ولا تزال هناك عائلات مقدسية تحتفظ بأصولها المصرية حتى الآن.

ونتيجة الارتباط الروحي والاجتماعي للأقباط بالقدس، أُنشئت في القاهرة في عام 1944 جمعية خيرية اجتماعية لرعاية الوجود القبطي فى القدس تحت اسم رابطة القدس للأقباط الأرثوذكس.

الجدير بالذكر أن الجمعية رفعت شعارًا لها منذ ذلك الوقت: إن نسيناكِ يا أورشليم تنسى يميني.

هذا هو تاريخنا الذي يشهد لنا بالدور المصري في القدس، نعم إن نسيناكِ يا أورشليم تنسى يمينى.