موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٣١ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٤
الأب بدر: الأمن مستقر بسبب قيادته الحكيمة وجيشه القوي ووحدة الشعب مع القيادة

مقابلة مع AsiaNews.it :

 

لطالما كانت الجبهة الشمالية للأردن مسرحًا لـ"حرب مفتوحة"، خاصة ضد "ميليشيات المخدرات" التي تهرّب المواد المخدرة مثل الكبتاغون من سوريا إلى أسواق أوروبا ودول الخليج. ومع الهجوم الأخير على موقع عسكري أمريكي، والذي أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين، وأدانته الحكومة الأردنيّة، فإنّ تهريب المخدرات يتداخل مع الحروب الإقليميّة والثأر من الوجود الأمريكي.

 

يُعدّ الأب رفعت بدر، مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام ورئيس تحرير موقع أبونا الإلكتروني، وهو موقع إخباري كاثوليكي يصدر باللغتين العربيّة والإنجليزيّة، أحد أكثر الشخصيات الموثوقة في الكنيسة في الأردن.

 

وبالنظر إلى الهجوم على القاعدة الأمريكية، المعروفة باسم البرج 22، فإنه يفحص الدور الذي تلعبه المملكة الهاشمية في الصراعات المستمرة في الشرق الأوسط.

 

وقال الكاهن في البطريركية اللاتينية في القدس لآسيا نيوز: "لقد أصبح الوضع معقدًا في الآونة الأخيرة". ويضيف: "لقد اشتدت المواجهة مع الميليشيات المرتبطة بدول لا تضمر  حسن نوايا تجاه للأردن. لكن البلاد أثبتت حتى الآن أنها صامدة وقادرة على مواجهة" التوغلات.

 

 

برج 22

 

تعرّض البرج 22 للهجوم في الساعات الأولى من يوم الأحد، 28 كانون الأول، بطائرة بدون طيار أفلتت من الدرع الواقي للموقع.

 

قُتل ثلاثة جنود أمريكيين - ويليام جيروم ريفرز البالغ من العمر 46 عامًا، وبريونا أليكسوندريا موفيت البالغة من العمر 23 عامًا، وكينيدي لاندو ساندرز البالغ من العمر 24 عامًا - وأصيب عشرات آخرون. وعلى الرغم من أن الأردن قال بداية أن القاعدة تقع خارج الحدود، إلا أنه في سوريا، اعترف في النهاية بوجودها في الأراضي الأردنيّة.

 

وفي الحقيقة، يقع الموقع في أقصى شمال شرق الأردن، على طول الحدود مع سوريا والعراق، وهو ذو أهمية استراتيجية كبيرة، ويستخدم لمراقبة تحركات القوات السورية خلال الحرب الأهلية في البلاد والميليشيات الجهادية النشطة في المنطقة.

 

ولا يُعرف سوى القليل عن القاعدة، لكنها تتضمن دعمًا لوجستيًا وتأوي ما يصل إلى 350 جنديًا وضابطًا من الجيش الأمريكي والقوات الجوية. وهي تقع بالقرب من قاعدة أمريكية أخرى في التنف، على الجانب الآخر من الحدود في سوريا، حيث تشارك حاميتها الصغيرة في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية وفي احتواء النفوذ الإيراني.

 

وترتبط الولايات المتحدة والأردن بعلاقات وثيقة. ويعد الجيش الأردني من بين أكبر المستفيدين من المساعدات العسكرية الأجنبية الأمريكية، وقد قدّم مساعدة لوجستية وتدريبًا عسكريًا من خلال تدريبات متكررة خلال العام.

 

منذ بداية الصراع السوري في عام 2011، استثمر البيت الأبيض - بغض النظر عمن هو الرئيس - مئات الملايين من الدولارات لإنشاء نظام مراقبة متطور. ويهدف مشروع يعرف باسم "برنامج أمن الحدود الأردني" إلى وقف تسلل المسلحين من سوريا والعراق، فضلا عن مكافحة تهريب المخدرات.

 

وقد تم اختراق الحاجز الصلب على ما يبدو خلال عطلة نهاية الأسبوع في هجوم باغت الجنود.

 

 

الأردن والقضية الفلسطينية

 

بدءًا من الهجوم على الموقع الأمريكي، يوسّع الأب رفعت بدر تفكيره ليشمل الصراع الأخير الذي، بالترتيب الزمني، يشعل النار في الشرق الأوسط: الحرب التي شنتها إسرائيل ضد حماس في غزة ردًا على الهجوم على الدولة اليهودية، وجلب معه الموت والألم والدمار.

 

يقول الأب بدر: "في الأردن، لا يوجد تضامن واسع النطاق للفلسطينيين فحسب، بل إن الاردن يعتبر القضية الفلسطينية قضيته الاولى، وبخاصة وأن ما يقرب من نصف سكان الأردن هم من اللاجئين من أصل فلسطيني". ويوضّح بأن هذه "القضية هي أولويّة، والملك عبد الله الثاني نفسه، الذي يبلغ اليوم 62 عامًا ويحتفل هذا العام بمرور 25 عامًا على جلوسه على العرش، يشير إليها على أنها قضيتنا".

 

ويتابع بدر: "منذ اليوم الأول للصراع في قطاع غزة، أعرب الأردن عن معارضته للعدوان، ووضع لنفسه ثلاثة أهداف رئيسية: وقف إطلاق النار، ووصول المساعدات الإنسانية، وكنقطة أخيرة، إنهاء الاحتلال الإسرائيلي بحل للمشكلة بطريقة جذرية".

 

ويضيف الكاهن أن الاحتلال الإسرائيلي "بالتأكيد لم يبدأ في 7 أكتوبر، بل بدأ منذ عقود، كما قال الملك بوضوح: يجب أن ينتهي الاحتلال الإسرائيلي، ويجب السماح للفلسطينيين بالعيش في سلام، لأنّ السلام في فلسطين سيحقّق أيضًا الأمن للإسرائيليين."

 

ومن هذا المنظور، يشير الاب بدر إلى أنّ إن موقف الأردن يشبه موقف الفاتيكان، حيث يحتفل البلدان هذا العام بالذكرى الثلاثين لإقامة العلاقات الدبلوماسية، ويتقاسمان رابطة طويلة وراسخة ورؤية مشتركة ومنظور واضح للمستقبل، بدءًا من الوضع الخاص لمدينة القدس، والتي يجب أن تكون أيضًا عاصمة الدولة الفلسطينية المستقبلية".

 

 

جبهات الحرب والسلام في الأرض المقدسة

 

وفي حديثه عن الهجوم على البرج 22، لفت الأب بدر إلى أنّه لا يمكن استبعاد اتساع نطاق الصراع وإشراك الأردن، ولا يمكن النظر إليه كاحتمال بعيد، ولكن "نحن نعيش الوضع بهدوء نسبي، لأنه يمكننا الاعتماد على جيش قوي ومستوى عالٍ من الأجهزة الامنية المحترفة".

 

وأضاف: "ما حدث قبل يومين على الحدود السورية له علاقة بالأمن والذكاء الاصطناعي، اللذين لديهما نقاط ضعف، لكن يمكننا في الأردن الاعتماد على قيادة حكيمة ودبلوماسية قوية يقودها الملك عبدالله الثاني وتبعًا لتوجيهاته وزير خارجيته أيمن الصفدي". تابع: "إضافة إلى ذلك، لدينا ما يسمى بترول الأردن، الوحدة الوطنية، التي تصنع المعجزات على صعيد الاستقرار" وسط هذه الأوقات العاصفة، فهي نتيجة للترابط المتين بين الشعب والقيادة".

 

يعدّ الأردن، الضامن للحرية الدينية في البلاد، والوصي على الأماكن المقدسة في القدس، من أوائل الدول التي بدأت طريق الحوار من خلال تأسيس أسبوع الوئام بين الأديان (الأسبوع الأول من شهر شباط) ووافقت عليه الأمم المتحدة في عام 2010. لكنه اليوم يراقب تطورات الأوضاع في المنطقة بعناية.

 

يقول الأب رفعت: "عندما رفض الأردن استقبال سكان قطاع غزة، لم يفعل ذلك لأنه كان ضد سكانه، ولكن لضمان بقائهم في أرضهم وتجنب نكبة جديدة مثل تلك التي حدثت في عامي 1948 و1967".

 

ويضيف: "إنّ القضية الفلسطينية تزيد من تعقيد العديد من الأزمات التي تؤجج العالم اليوم. فالاحتجاجات تجري في العديد من العواصم الغربية، بينما يؤيد قادة تلك الدول الحرب الإسرائيلية على غزة. والأمل هو أن يصل صوت شعوب الغرب إلى قادتهم لكي يضعوا المزيد من الضغط على إسرائيل لإنهاء الصراع".

 

ويخلص الأب بدر في حديثه إلى القول: "هنا في الأردن، من ناحية أخرى، هناك وحدة الهدف بين المواطنين  والقيادة الهاشمية، وذلك أيضًا لأنّ خطر العنف موجود ومستمرّ. ومن أجل إطفاء الحرائق الممتدة من اليمن وسوريا إلى العراق ولبنان مرورًا بغزة، لا بدّ من إيجاد حل نهائي للقضية الفلسطينية. هذه خطوة أساسية لتحقيق السلام الحقيقي في العالم".