موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ١٠ ابريل / نيسان ٢٠١٥
استمرار استهداف الصحفيين المسيحيين في الباكستان

بقلم: باولو أفاتاتو ، ترجمة: منير بيوك :

تستمر التهديدات بالبروز ولا تبقى غائبة أبداً. يشكل الصحفيون المسيحيون في باكستان مصدر ازعاج: الكثير من التركيز والكثير من الأخبار عن الاضطهاد. لقد حان الوقت لإخراسهم.

أما اليوم، فالشخص الذي يدفع ثمن منطق الإسلاميين الأصوليين الملتوي في "أرض الأنقياء" هو شميم مسيح، الصحفي المسيحي الباكستاني الملتزم بالكشف عن معاناة المؤمنين والإبلاغ عنه. لقد انتشرت تقاريره عن حالات التمييز والعنف في جميع أنحاء العالم، مثل التقارير عن المؤمنين بالرب يسوع المسيح الذين وقعوا ضحية لقانون التجديف. قبل عدة أيام، قامت خلية من المتطرفين بإيقاف شميم وضربه في شوارع إسلام آباد. استطاع النجاة منهم ولكنه تعرض لكسر في الذراع. "لا تتحدث أكثر عن اضطهاد المسيحيين،" فالحكم الناتج عن ذلك هو عقوبة الموت".

لم يكن الهجوم على شميم، الذي له أقارب من بين ضحايا التفجير الأخير في يوهان أباد، حادثاً معزولاً. فالعنف هو وسيلة اعتياديه للضغط على وسائل الإعلام الحرة في باكستان، وحتى أكثر من ذلك فهو معني بالصحفيين الذين يعلنون اعتناقهم للإيمان المسيحي أو يدافعون عن الأقليات الدينية، ويعرضون قصصاً لم يسمع بها أحد، ويغذون مناخ الإفلات من العقاب الذي يسود في باكستان.

وفي بعض الأحيان يقوم المهاجمون باللجوء إلى هجمات غير مباشرة. فالمحامي المسيحي والصحفي المدون والمعلق الذي يحظى بالاحترام ساردار مشتاق جيل يعيش في ظل تدابير أمنية مشددة نظراً للتهديدات بالقتل الاعتيادية التي يتلقاها. لقد استطاع المتطرفون اللجوء إلى فعل ما هو أبعد من ذلك، وذلك باستهداف أخيه الذي هاجمه مسلحون مجهولون منذ أيام قليلة كتحذير واضح إلى ساردار.

ذكر نذير بهاتي، رئيس الحزب السياسي المسمى "كونجرس باكستان المسيحي" من أنه "إذا ما أصابت مثل هذه الهجمات صحفيا مسلما، فإن الشرطة ستكون سريعة بالتحقيق والبحث عن الجناة. ونحن نتوقع حدوث الشيء نفسه في حالة شميم مسيح وأخيه ساردار مشتاق جيل".

قال ويليامز جوميز، وهو صحفي مسيحي يعيش في لاهور، إلى فاتيكان إنسايدر: "أرسلنا مع زملاء آخرين رسالة إلى رئيس باكستان ممنون حسين محتواها أنه يجب على السلطات أن تتخذ جميع التدابير اللازمة لضمان نزاهة شميم مسيح وعائلته وسلامتهم. إنها تدعو إلى إجراء تحقيق فوري ونزيه من أجل إلقاء القبض على المعتدين. فواجب الحكومة هو ضمان قدرة الصحفيين على تغطية الأحداث والبحث عن الحقيقة في البلاد دون خوف من الانتقام".

في غضون ذلك، بقيت وسائل الإعلام في إقليم بلوشستان في حالة تأهب قصوى. فمنذ شهر واحد، هددت جماعة فدائيي الإسلام المتشددة وكالة الصحافة المحلية الإلكترونية طالبه طرد الصحفيين المسيحيين أو دفع ثمن ذلك بالدم.

وإحدى أكثر الهجمات الأخيرة التي تعلق في الذاكرة كان الهجوم على الصحفي والمعلق لقناة تلفزيون جيو حامد مير، الذي قتل في كراتشي في نيسان عام 2014. وكان مير قد اتهم علنا الجيش الباكستاني والاجهزة الامنية الباكستانية بالتواطؤ مع الإرهابيين وطالبان. كما نجا رضا رومي بأعجوبة، وهو مقدم برامج تلفزيونية ومحلل، من محاولة اغتيال قتل خلالها سائقه. ولم تشهد أيا من الحالات أية ملاحقات قضائية. كما لا يزال رومي، الذي يعيش حالياً في الولايات المتحدة، يتلقى تهديدات بالقتل.

فمهنة الصحفي هي الأكثر بين أولئك المهن المعرضة للعنف. ووفقا لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، تحتل الباكستان المرتبة 159 من بين 180 دولة في التصنيف الخاص بحرية الصحافة. فهذه المهنة خطيرة في حد ذاتها. وفي السنوات الأخيرة، قتل 62 من العاملين في الصحافة على أيدي إرهابيين. وفي عديد من الحالات نجا صحفيون من محاولات الاعتداء على حياتهم.

ووفقاً لتقرير نشرته منظمة العفو الدولية في عام 2014 بعنوان "تم اختيار رصاصة لك"، فإن صحفيي التلفزيون في باكستان يعيشون تحت التهديد المستمر بالقتل والترهيب من جماعات طالبان، وأيضاً من المخابرات والأحزاب السياسية. وتتم هذه الهجمات العنيفة بدون اكتراث السلطات والنظام القانوني.

والآن إن الذين يتمسكون بالإيمان المسيحي هم الذين يتحدثون كثيراً في نظر المتطرفين. فنشر الأخبار عن إساءة معاملة المؤمنين واضطهادهم هو مصدر إزعاج ومضر بالبلاد. الأفضل هو إسكاتهم.

(الترجمة خاصة للمركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام)