موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٦ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠١٧
احتفالات حراسة الأراضي المقدسة بعيد القديس فرنسيس الأسيزي
القدس – الحراسة :

كانوا ينتظرونه بشغف وقد تهيأوا له بثلاثية من الصلاة والتفكير. إنه عيد القديس فرنسيس الذي يقام كل عام ويحرك لدى الرهبان الفرنسيسكان في حراسة الأراضي المقدسة مشاعر الفرح العارم. احتفل الرهبان والمؤمنون بعيد القديس فرنسيس هذا العام في يومي الثالث والرابع من شهر تشرين الأول، في كنيسة دير المخلص في القدس، حيث أقيمت صلاة الغروب الأولى ورتبة عبور القديس فرنسيس، إضافة إلى القداس الإحتفالي وصلاة الغروب الثانية.

توفي القديس فرنسيس في الثالث من شهر تشرين الأول من عام 1226، وهو يردّد على شفتيه كلمات المزمور 141 الذي يعبر عن النفس التي تسلّم ذاتها إلى رحمة الله. أعلنت الكنيسة قداسة فرنسيس الأسيزي في عام 1228. أمّا اليوم، فإننا نتذكره "كفقير أسيزي الصغير"، وأيضًا "الأب السيرافي": فقد كان في حياته "صغيرًا" لكنه ترك في الكنيسة والتاريخ أثرًا كبيرًا.

ترأس صلاة الغروب الأولى ورتبة العبور حارس الأراضي المقدسة، الأب فرانشيسكو باتون. وخلال الإحتفال، جدّد الرهبان الذين لم يبرزوا بعد نذورهم الإحتفالية نذورهم المؤقتة. وفي عظته، علق الأب الحارس قائلاً: "يقول القديس فرنسيس: بالنذور الرهبانية نضع حياتنا كلها بين يدي يسوع المسيح. هذا هو المعنى العميق لنذور الطاعة والفقر والعفة التي تجدّدونها اليوم". أراد القديس فرنسيس نفسه، في نهاية حياته، أن يعطي ذاته لله من جديد جوهريًا ومُطلقًا: عاريًا وممددًا على الأرض.

وتابع الحارس: "إنه فعل له معنى رمزي استثنائي، لأنه يعبر عن منح الذات بالكامل". في هذا الفعل، نجد عُرِيّ الطاعة والفقر والعفة، التي بها يغدو الجسد ذبيحة روحية مرضيّة لدى الله. من ناحية أخرى، شدّد الأب الحارس على أن العبور يرمز إلى الحقيقة الفصحية. وإن تسليم الذات لله، للولادة من جديد معه، تَظهر بصورة مسبقة في رواية عبور القديس فرنسيس حتى اللحظة التي فيها حلّ المساء. من الظلمات، أشع النور في الكنيسة من جديد على ألحان نشيد المخلوقات الذي ألفه قديس أسيزي.

وبحسب التقليد فقد ترأس القداس الإحتفالي الذي أقيم بمناسبة عيد القديس فرنسيس، رئيس دير الرهبان الدومينيكان في القدس، الأب مارتن ستاجاك. ويُذكر أن الفرنسيسكان أيضًا يفعلون الأمر نفسه كل عام، في عيد القديس دومينيك (عبد الأحد). وفي عظته، أردف الأب جان جاك بيرينيس، مدير المدرسة البيبلية والأركيولوجية الفرنسية في القدس، قائلاً: "ولدت كلتا الرهبانيتين اللتين ننتمي إليهما نتيجة حَدْسٍ مُشتَرك: وهو ضرورة تحقيق صَحْوَةٍ انجيلية".

وتابع الراهب الدومينيكاني قائلاً: "أن نعظ بالإنجيل دون اللجوء إلى أساليب القوّة". هذا هو الإختبار الذي عاشه كل من القديسين فرنسيس ودومينيك. وتابع الأب جان جاك متسائلاً: "كيف لنا أن ننقل الرسالة ونُعَلِّم ونُلقي التعليم المسيحي ونعظ إذا كنا فقراء لهذه الدرجة؟". وأردف مجيباً: "يقول لنا فرنسيس ودومينيك أننا من خلال هذا التسليم بالذات نستطيع أن نصبح حقًا تلاميذًا".

شارك في الإحتفال كل من المدبر الرسولي لبطريركية اللاتين المطران بييرباتيستا بيتسابالا، والنائب البطريركي للروم الكاثوليك في القدس المطران يوسف جول زريعي، والقائم بأعمال القصادة الرسولية المونسينيور ماركو فورميكا، وممثلين عن كنيستي السريان الكاثوليك والموارنة. كما وجلس في المقاعد الأولى كل من القنصل العام الإسباني والقنصل العام الإيطالي والقنصل العام الفرنسي والقنصل العام البلجيكي، وممثلين عن شرطة القدس.

وفي المساء، اختُتم العيد بصلاة الغروب الثانية. وفي أجواء يسودها المزيد من التأمل والخشوع، صلى الرهبان من جديد إلى جانب تمثال القديس فرنسيس، مُقَبِّلين الذخيرة الصغيرة ومرنمين نشيد تسبحة مريم "تعظّم". ولكي لا تذهب سدى جميع هذه الإحتفالات، اختتم حارس دير المخلص الأب مارتشيلو تشيشينيلّي الصلاة قائلاً: "فلنلبي دعوة فرنسيس لنا إلى التوقّف أمام الصليب، والنظر إلى المسيح المصلوب الذي صار إنسانًا من أجلنا، إنه يدعونا إلى المكوث معه إلى حين وإلى قراءة كتاب الخلاص في الصليب".