موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٦ ابريل / نيسان ٢٠١٩
أيهما اختبر محبة الأب: الإبن الأصغر أم الأكبر؟

الاخت كلارا معشر :

"يا أبتِ، قد خطئتُ إلى السماء وإليك..."

صرخة أطلقها الإبن الأصغر وهو جائع، مضطَهد عُريان، فقير، مشرّد في أرض الغربة، تردّد صداها في قلب أبيه الذي كان يحيا الانتظار.

انتظار اللحظة التي يعودُ بها ولده إلى حضنه، اللحظة التي يكتشف فيها ولده وحشة الغربة وقسوة العيش بعيدًا عن البيت الأبوي، بعدَ أن قرّر أن يأخذ حصته من الميراث، ويرحل إلى حيث اللاعودة ليبدّد جميع ما ورثه من والده -الذي ما زال على قيد الحياة- في عيشة لهوٍ وطيش.

فبعد أن خسر هذا الإبن الأصغر جميع أملاكه وأصدقائه وأهله، قرّر -أثناء وقفة حقيقية مع الذات- أن يُعيد ترتيب أموره، بدأ يفكّر بالعودة إلى أبيه، ويرتّب في عقله الكلمات التي سيعبّر بها عن ندمه وأسفه على فعلته. وما كان مفاجئًا في هذا المشهد، هو لقاء الأب لإبنه الضال... فعندما رآه قادمًا، أسرع إليه وضمّه إلى قلبه، لم يسأله أو يعاتبه أو يؤنّبه... بل على العكس أعاده إلى مكانته البنويّة والملوكيّة، وهذا يتمثّل في ارتدائه الحذاء في قدمه، والخَاتم في إصبعه... القدم واليد اللتان شاركتا في تنفيذ الخطأ، واليوم تكرّما لأنها شاركتا في الارتداد والتوبة.

الخلاصة: ثلاثة مواقف تستوقفنا في هذا النص الانجيلي (الإبن الضال)..

الموقف الأول: موقف الأب الذي أعطى الحرية الكاملة لإبنه ولم يعارضه، ولكنّه كان ينتظر عودته، وعندما عاد، صفح عنه ورحمه.

الموقف الثاني: موقف الإبن الأصغر الذي قرّر أن يَرث والده ويبذّر امكانياته ومواهبه ومقدّراته في المكان الخطأ، ولكنّه ندم وعاد واعترف بخطئه وبدأ حياة كريمة جديدة.

الموقف الثالث: موقف الإبن الأكبر الذي حرم نفسه من اختبار الحبِّ الوالدي، وتشبّثَ بموقفه الحاقد والغاضب تجاه أخيه الأصغر وتوبته وعودته إلى البيت الأبوي؟

أي موقف ستختاره أنت؟

أحدًا مُباركًا أتمناه لكم أحبتي